محتويات
التوراة
التوراة هي الكتاب الذي أنزله الله -تعالى- على نبيّه موسى عليه السلام، وتسمّى عند أهل الكتاب أسفار موسى الخمسة، وتقسم التوراة إلى أجزاء وفصول تسمّى الواحد منها السِّفر، وثمّة أجزاء دون السِّفر اسمها الإصحاحات وواحدها إصحاح،[١] وللإمام القرطبيّ كلامٌ شافٍ في سبب تسمية التوراة بهذا الاسم إذ قال في تفسيره: "والتوراة معناها الضياء والنور، وقيل: التوراة مأخوذة من التورية، وهي التعريض بالشيء والكتمان لغيره، فكأن أكثر التوراة معاريض وتلويحات من غير تصريح وإيضاح، والجمهور على القول الأول؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ}؛[٢] يعني التوراة"، وفيما يأتي يقف المقال مع نُبَذٍ متفرّقة عن كتاب التوراة في أكثر من ناحية، وتبيين موقف الإسلام منه، وكذلك موقف الإسلام من أحبار اليهود الذين كان التوراة فيهم.[٣]
الإسلام والتوراة
لقد وقف الإسلام من التوراة وغيرها من الكتب السماويّة موقف إجلال وإكبار؛ كونها كتب قد أنزلها الله تعالى على أنبيائه، بل جعل الإيمان بصدق ما جاء فيها من أركان الإيمان الستة التي لا يكتمل إيمان مرء ما لم يؤمن بها، فهي من كلام الله تعالى الذي نزل بها الرّوح الأمين جبريل -عليه السلام- على الأنبياء قبل محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أو أُخِذَت مباشرة بلا وساطة، وسيقف المقال فيما يأتي مع بعض النقاط عن التوراة وكيفيّة تنزّله وماذا حلّ بالتوراة القديمة وحكم التوراة التي بين أيدي اهل الكتاب اليوم.
إنزال التوراة على موسى
بعد أن جاوز الله -تعالى- بموسى ومن معه من بني إسرائيل البحر وأنجاهم من عدوّ الله فرعون فإنّ الله -تعالى- واعد رسوله موسى -عليه السلام- عند جبل الطّور للقائه، فيقول -تعالى- في ذلك في سورة الأعراف: {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}،[٤] فخلفه أخوه هارون -عليه السلام- في قومه، فانطلق موسى -عليه السلام- للقاء ربّه لا يعلم شيئًا عمّا سيكون عند اللقاء، وهناك كلّم الله -سبحانه- رسوله موسى عليه السلام، فاشتاق موسى لأن يرى وجه ربّه فطلب إلى ربّه أن يراه وينظر إليه، يقول تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}،[٥] ولكنّ رؤية الله -تعالى- لا يستطيعها البشر مهما أوتوا من قوّة، فما كان جواب الله -سبحانه- إلّا أن قال: {قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}،[٦] فإذًا لم يستطع موسى -عليه السلام- تحمّل رؤية الجبل الذي صار دكًّا، فأخذه هول المنظر وخرّ مغشيًّا عليه، ثمّ عندما أفاق أعلن توبته عمّا طلبه، وهنا أخبر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بأنّه اصطفاه على الناس بالرسالة والنبوّة وأمره بتبليغ رسالاته للنّاس من قومه، فقال تعالى: {قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ}،[٧] ثمّ أنزل عليه التوراة، والتوراة كانت مكتوبة في ألواح فيها مواعظ وآداب وأحكام مفصّلة ليبلّغها قومه، وفي ذلك تشريف له -عليه السلام- ولقومه من ورائه، يقول تعالى في ذلك: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}،[٨] وبذلك يكون تعالى قد أنزل التوراة على نبيّه موسى -عليه السلام- من دون وساطة ولا وحي، بل كلّمه بنفسه -سبحانه- وألقى عليه الألواح وأمره بأن يؤدّيها إلى قومه من بني إسرائيل.[٩]
التوراة القديمة والتوراة المُحرّفة
مرّ آنفًا أنّ التوراة كتاب من الله -تعالى- أنزلها مكتوبةً في ألواح على نبيّ الله موسى -عليه السلام- وأمره بتبليغه لقومه من بني إسرائيل، وكذلك مرّ أنّ من تمام الإيمانِ الإيمانَ بكتبِ الله تعالى، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ إنكار الكتب السماوية هو من أبواب الكفر، والتوراة هي كتاب سماوي باتفاق المسلمين، ولكن ينبغي التفريق بين التوراة التي أُنزلت على موسى -عليه السلام- وبين التوراة الموجودة اليوم بين أيدي أهل الكتاب الحاليّين؛ فقد حرّف اليهود وغيرهم من أهل الكتاب الكتب السماوية التي أُنزلت عليهم وخلطوها بأكاذيب من وضعهم وافتراءات ما أنزل الله بها من سلطان، فجمعوا التوراة والإنجيل والزبور في كتاب واحد وسموا التوراة بالعهد القديم والزبور أسموه مزامير داود والإنجيل أسموه العهد الجديد، وسمّوها جميعًا الكتاب المقدس، ولكنّه كتاب ليس فيه من الكتب السماوية إلّا اسمها وإن كانوا قد بدّلوا حتّى أسماءها، فيقول عنهم الله -سبحانه- في القرآن الكريم في سورة البقرة: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}،[١٠] ويقول -سبحانه- في نفس السورة كذلك: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ}،[١١] فهاتان الآيتان يذكر فيهما الله -سبحانه- صراحة أنّ أولئك القوم يحرّفون كتاب الله وهم يعلمون بذلك،[١٢] بل قد ذهب الإمام القرطبي -رحمه الله- في تفسيره إلى أنّ أحبار اليهود خافوا أن يتّبع اليهود النبي -عليه الصلاة والسلام- لوجود وصفه في التوراة التي عندهم، فحرّفوها وغيّروا صفته؛ لئلّا يتّبعه عوام اليهود.[١٣]
وكذلك ثمّة آية في القرآن الكريم في سورة المائدة تُسمّي اليهود باسمهم وتصفهم بما فيهم فيقول تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}،[١٤] فهذه الآيات الثلاث دلائل واضحة كالشمس على تحريف اليهود للتوراة وهم يعلمون أنّه كلام الله تعالى، ولكن قد قست قلوبهم واستكبروا وحادوا عن الحقّ فاستحقّوا ما حاق بهم.[١٥]
من صفات التوراة في آيات القرآن
لقد ذكر القرآن الكريم التوراة التي قد أُنزلت على نبي الله موسى عليه السلام، وقد وصفه بأوصاف كما ينبغي لكتاب قد أنزله الله تعالى على نبيّ ورسول من أولي العزم من الرسل، وتقف الفقرة فيما يأتي مع آيات من القرآن الكريم تصف التوراة الحقيقية لا المحرّفة التي يتلوها أهل الكتاب زورًا وبهتانًا، ومن تلك الصفات:[١٦]
- يقول تعالى في سورة الأعراف: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}،[١٧] فالتوراة هنا كتاب فيه المواعظ والتفصيل لشريعة الله التي أمر بني إسرائيل بها.
- وقال في سورة الأنبياء: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ}،[١٨] فالتوراة إذًا في هذه الآية فرقان وضياء وذكر.
- وقال تعالى كذلك في سورة الأنعام: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ}،[١٩] فالتوراة هنا نور وهدى.
- وكذلك يقول تعالى في سورة المائدة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}.[٢٠]
الأحبار والتوراة
إنّ الأحبار في اللغة جمع لكلمة حَبْر، وهم علماء اليهود،[٢١] وأولئك القوم قد استخلفهم الله -سبحانه وتعالى- على التوراة ليحفظوها ولكن لم يكونوا أهلًا لهذه الأمانة التي كلّفهم بها الله سبحانه وتعالى، وفيما يأتي تقف الفقرة مع صفات أحبار اليهود كما وصفهم بها الله -سبحانه- في القرآن الكريم، وهي:
- لم يحملوا التوراة فكانوا كالحمار: يقول تعالى في سورة الجمعة: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ ۚ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}،[٢٢] هذه الآية تقول إنّ مثل من يؤتيه الله -تعالى- كتابًا ليتدبّره ويؤمن به ثمّ يلقي ما ورد فيه من مواعظ وأحكام وراء ظهره هو كالحمار الذي يحمل على ظهره كتبًا ومؤلفات لا يستطيع أن يفهم منها شيئًا لأنّ الحمار من البهائم التي لا تفقه،[٢٣] وهذ الكلام موجّه على نحو خاص لعلماء اليهود وأحبارهم؛ ذلك أنّهم هم الذين أوتوا التوراة والآية تذكر التوراة على نحو خاصّ، وذلك لأنّهم كانوا معرضين عن التوراة وهي بين أيديهم، فقال أحد السلف: "يكتب أحدهم الحديث ولا يتفهم ولا يتدبر، فإذا سئل أحدهم عن مسألة جلس كأنه مكاتب".
- الأحبار يحرفون التوراة: ومن ذلك ما ذكره الحق -سبحانه- في سورة البقرة: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ}[٢٤]، وفي هذه الآية يقول الإمام متولي الشعراوي في تفسيره لها إنّ الله يتوعّد علماء اليهود الذين يحرّفون التوراة بأنّ لهم عذاب أليم؛ ذلك بأنّهم يكتبون كلامًا من عندهم ثم ينسبونه لله -تعالى- زورًا وبُهتانًا، فكان الويل والثبور لهم، وكان لهم أشدّ العذاب يوم القيامة.[٢٥]
آيات صريحة في تحريف اليهود للتوراة
بعد الوقوف على بعض المعلومات عن التوراة وعن علماء اليهود الذين حرّفوها بأيديهم تقف الفقرة ما قبل الأخيرة مع آيات من القرآن الكريم تذكر بصراحة أنّ التوراة قد حرّفها اليهود وزادوا عليها وحذفوا منها، وهي ردّ على من يعتقد أنّ شيئًا من التوراة قد بقي إلى يوم الناس هذا، ومن تلك الآيات:[٢٦]
- قوله تعالى في سورة البقرة: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.[٢٧]
- قوله تعالى في سورة المائدة: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}.[٢٨]
- قوله تعالى في سورة البقرة: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ}.[٢٩]
- قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.[٣٠]
التوفيق بين الإيمان بالتوراة الربانية والكفر بالتوراة المحرفة
أخيرًا يقف المقال مع الفقرة الأخيرة التي يتوضّح فيها كيفيّة التوفيق بين الإيمان بالتوراة الربانية والكفر بالتوراة المحرفة، فالمسلم يعلم يقينًا أنّ التوراة التي أُنزلت على نبي الله موسى الكليم -عليه السلام- وغيرها من الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه ما ذكر منها وما لم يذكر في كتابه العزيز القرآن الكريم هي من الكتب التي لا يكتمل إيمان المسلم من دون الإيمان بها؛ إذ هي من أركان الإيمان الستة التي على المسلمين الإيمان بها، والإقرار بأنّها من عند الله تعالى، وفي ذلك يقول تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}،[٣١] وقال كذلك -تعالى- في موضع آخر من القرآن الكريم: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}،[٣٢] ولكن هذا الإيمان والإقرار هو للكتب التي أنزلها الله تعالى، وليس للكتب التي قد حرّفها أهل الكتاب كالأحبار الذين حرّفوا التوراة،[٣٣] فالخلاصة أنّ التوراة التي هي من عند الله والتي لم يبقَ منها شيء اليوم هي التوراة التي على المسلم الإيمان بأنّها من عند الله، وأمّا التي قد حرّفها اليهود فعلى المسلم -كذلك- أن يؤمن أنّها محض أكاذيب قد وضعها علماء اليهود ليصدّوا أتباعهم عن الإيمان بالله -تعالى- وعن اتّباع النهج القويم الذي عليه أهل الإيمان اليوم وهو الدين الإسلامي آخر الديانات السماوية وأكملها وأشملها، والله أعلم.[٣٤]
المراجع
- ↑ "تعريف ومعنى التوراة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:48
- ↑ "معنى التوراة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:142
- ↑ سورة الأعراف، آية:143
- ↑ سورة الأعراف، آية:143
- ↑ سورة الأعراف، آية:144
- ↑ سورة الأعراف، آية:145
- ↑ "الكليم موسى عليه السلام (كليم الرب سبحانه ونزول التوراة)"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:75
- ↑ سورة البقرة، آية:79
- ↑ "بين التوراة كتاب الله والتوراة اليهودية المحرفة"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة البقرة - الآية 79"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:41
- ↑ "بين التوراة كتاب الله والتوراة اليهودية المحرفة"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "بين التوراة كتاب الله والتوراة اليهودية المحرفة"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:145
- ↑ سورة الأنبياء، آية:48
- ↑ سورة الأنعام، آية:91
- ↑ سورة المائدة، آية:44
- ↑ "تعريف ومعنى الأحبار في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الجمعة، آية:5
- ↑ "كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا"، kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:79
- ↑ "سورة البقرة - تفسير الشعراوي"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هل في القرآن ما يدل على أن الإنجيل لم يحرف؟"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:75
- ↑ سورة المائدة، آية:13
- ↑ سورة البقرة، آية:79
- ↑ سورة آل عمران، آية:78
- ↑ سورة البقرة، آية:285
- ↑ سورة البقرة، آية:136
- ↑ "الفصل الرابع: حكم الإيمان بالكتب"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "بين التوراة كتاب الله والتوراة اليهودية المحرفة"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.