معلومات عن الحضارة الفارسية

كتابة:
معلومات عن الحضارة الفارسية

سايروس الثاني

يعدّ سايروس الثاني 600 - 530 قبل الميلاد -والمعروف أيضًا باسم قورش أو كورش العظيم- مؤسس الإمبراطورية الأخمينية وهي أول إمبراطورية فارسية وأكبر إمبراطورية شهدها التاريخ، واحتضنت الإمبراطورية تحت حكمها جميع الدول المتحضرة السابقة في الشرق الأدني القديم، وقد توسعت الإمبراطورية بشكل كبير حتى معظم غرب ووسط آسيا، من البحر الأبيض المتوسط ومضيق هيلسبونت -الدردنيل حاليًا- في الغرب إلى نهر السند في الشرق، ويُشار إلى أن قورش العظيم كان له عدد من الألقاب يُذكَر منها، الملك العظيم وملك أنشان وملك بابل وملك أركان العالم الأربعة، وخلال المقال سيتم التعرف على الحضارة الفارسية وذلك بدءًا من الإمبراطورية الأخمينية، والتي تسمى أيضًا بالإمبراطورية الفارسية الأولى.[١]

الإمبراطورية الأخمينية

كانت الإمبراطورية الأخمينية من 550 إلى 330 قبل الميلاد تقريبًا إمبراطورية إيرانية قديمة مقرها في غرب آسيا أسّسها سايروس العظيم، وامتدّت مساحتها العظمى من البلقان وأوروبا الشرقية في الغرب إلى وادي السند في الشرق حيث امتدت على مساحة 5.5 مليون كيلو متر مربع تقريبًا، وقد جمعت مختلف الشعوب من أصول وعقائد مختلفة، كما وتميَّزت بنموذجها الناجح في الإدارة المركزية والبيروقراطية لبناء البنية التحتية مثل أنظمة الطرق والنظام البريدي واستخدام لغتها الرسمية في جميع أقاليمها وتطوير الخدمات المدنية وجيش ضخم من المحترفين، وقد ألهمت نجاحات الإمبراطورية الأخمينية في إدارة شؤونها الإمبراطوريات اللاحقة للسير على خطى الحضارة الفارسية، وبالعودة بعجلة التاريخ قليلًا فبحلول القرن السابع قبل الميلاد فقد استقر الفرس في الجزء الجنوب الغربي من الهضبة الإيرانية في منطقة فارس والتي أصبحت معقلهم.[٢]

ومن هذه المنطقة تقدم سايروس العظيم لهزيمة الميديين -شعب إيراني قديم تحدث اللغة الميدية- والليديين -مملكة ليديا- والإمبراطورية البابلية الحديثة مؤسسًا الإمبراطورية الأخمينية على أنقاض تلك الدول والشعوب، وقد غزا الإسكندر الأكبر معظم الإمبراطورية الأخمينية 330 قبل الميلاد تقريبًا وهو تاريخ نهاية الحضارة الفارسية في تلك الحقبة، وعند وفاة الإسكندر الأكبر سقطت معظم أراضي الإمبراطورية السابقة -الأخمينية- تحت حكم المملكة البطلمية والإمبراطورية السلوقية بينما حصلت المناطق الثانوية على الإستقلال في ذلك الوقت، وقد استعادت النخبة الإيرانية في الهضبة الوسطى السلطة في القرن الثاني قبل الميلاد وذلك في عهد الإمبراطورية البارثية -أو كما تسمى أيضًا الفرثية- مستكملةً كتابة تاريخ الحضارة الفارسية.[٢]

الإمبراطورية البارثية

كانت الإمبراطورية البارثية 247 – 224 قبل الميلاد والمعروفة أيضًا بالإمبراطورية الأرسيدية قوة سياسية وثقافية إيرانية كبيرة في إيران القديمة، ويأتي اسم الأرسيدية من مؤسّسها زعيم قبيلة بارني أرسيسز الأول من بارثيا، وقد تم تأسيسها في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد عندما قام أرسيسز الأول بثورة ضد الإمبراطورية السلوقية، وفي عهد ميثريدس الاول توسعت الإمبراطورية إلى حدٍ كبير وذلك من خلال الاستيلاء على بلاد الرافدين من السلوقيين، وفي قمة قوتها امتدت الإمبراطورية من الراوفد الشمالية للفرات، بحيث أصبحت الإمبراطورية تقع على الطريق التجاري بين الإمبراطورية الرومانية في حوض البحر الأبيض المتوسط وسلالة الهان في الصين لتصبح مركزًا للتجارة، وبكشل عام اعتمد البارثيون في الحضارة الفارسية على الفن والعمارة والمعتقدات الدينية.[٣]

كما كانت الإمبراطورية غير متجانسة ثقافيًّا فقد شملت ثقافة فارسة وهلنستية وثقافات إقليمية أخرى، وخلال النصف الأول من حياتها تبنت محمكة الإمبراطورية البارثية عناصر من الثقافة اليونانية إلا أنها وفي أواخر عهدها شهدت إحياءً تدريجيًا للتقاليد الإيرانية، وكان حكام الإمبراطورية يحملون لقب ملك الملوك وذلك ادعاءً منهم بأنهم ورثة الإمبراطورية الأخمينية، وقد أثبتت الحروب الأهلية المتكررة بين البارثيين المتنافسين على العرش بأنها أكثر خطورة على استقرار الإمبراطورية من العزو الأجنبي، وقد سقطت الإمبراطورية البارثية عندما ثار أردشير الأول حاكم إصطخر على الإمبراطورية البارثية وقتل آخر حكامها أرتابانوس الرابع وذلك 224 قبل الميلاد، ليؤسس أردشير الإمبراطورية الساسانية التي حكمت إيران ومعظم الشرق الأدنى حتى الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي.[٣]

الإمبراطورية الساسانية

تُشير الإمبراطورية الفارسية إلى سلسلة من فترات الحكم التي تركزت في بلاد فارس -إيران- وذلك ابتدءًا بعهد الإمبراطورية الأخمينية في القرن السادس قبل الميلاد وانتهاءً بعهد سلالة قاجار الحاكمة في القرن العشرين، وكانت سلالة الحكم على النحو الآتي، الأخمينيين والبارثيين والساسانيين والصفويين والأفشاريديين والزنديين وأخيرًا قاجاريين[٤]، والساسانيين -سُمّوا بهذا الاسم نسبةً لجد ملكهم الأول أردشير- سلالة إيرانية قديمة حكمت الإمبراطورية من 224 قبل الميلاد -651م قبل الميلاد وذلك بعد سقوط الإمبراطورية البارثية واعتلائهم السلطة من خلال أردشير الأول وسقطت على يد العرب خلال 637م - 651م.[٥]

وتحت حكم أردشير الأول للحضارة الفارسية وبعد الإطاحة بالبارثيين وكانت الإمبراطورية التي أنشأها متغيرة المساحة باستمرار وذلك استجابةً للظروف التي تفرضها دول الجوار، وقد تم إحياء القومية الإيرانية في ظل الحكم الساساني، كما وأصبحت الزرادشتية دين الدولة وعانى أتباع الديانات الاخرى في مختلف الأوقات من اضطهاد رسمي، وكانت الحكومة في هذه الفترة من الحضارة الفارسية حكومة مركزية، كما وشهد الفن نهضةً عامة وخاصةً فن العمارة التي غالبًا ما تميزت بالفخامة مثل قصر قسطيون وقصر سروستان، ومن الفنون التي ربما كانت الأكثر تميزًا ولفتًا للأنظار الآثار القديمة للمنحوتات الصخرية المنقوشة على المنحدرات الصخرية الجيرية مثل بيشابور ونقش رستم ونقش رجب، وعندما تطورت حرفة المصنوعات المعدنية والنقش على الأحجار الكريمة بشكل كبير قامت الدولة بالتشجيع على تعلم هذه الحرفة، وتمّ ترجمة الأعمال من الشرق والغرب إلى اللغة البهلوية وهي لغة الساسانيين.[٥]

وفي عَهد يزدجرد الثالث وهو آخر إمبراطور للحضارة الفارسية في عهد الساسانيين والذي كان يفتقر للموارد والسمعة لمواجهة القوات الإسلامية، قام النبلاء بتحويل ولائهم من الساسانيين إلى الحكام المسلمين الجدد والذين كانوا يقدمون قدرًا أكبر من الاستقرار، وأصبحت المناطق التي كان يحكمها الساسانيون في السابق تحت الحكم الإسلامي، وقد قامت الإمبراطورية الساسانية بتزويد المسلمين بنموذج كامل عن حكم الإمبراطورية والذي أخذوا منه أكثر من أي مصدر آخر، وبعد فترة طويلة من سقوط الإمبراطورية الساسانية استمر التأثير الفارسي -فارس أو بلاد فارس هو الاسم المستخدم في اللغة الغربية لإيران منذ العصور القديمة وحتى القرن العشرين، ومنذ زمن الساسانيين أطلق عليها الساسانيون اسم إيران- في المناطق البعيدة التي كانت خاضعة تحت سيطرتهم مثل أرمينيا وأذربيجان.[٦]

الحضارة الفارسية

كانت الحضارة الفارسية مركزًا عالمًا للثقافة والدين والعلوم والفن والتكنولوجيا لأكثر من 200 عام قبل أن تسقط على يد الإسكندر الأكبر، فقد بدأت الحضارة الفارسية كمجموعة من القبائل شبه البدوية التي قامت بتربية الأغنام والماعز والماشية في الهضبة الإيرانية، وقد أسسها سايروس العظيم لتكون أول إمبراطورية فارسية وأعظم إمبراطورية في التاريخ، حيث اتحدت تحت حكومة واحدة ثلاثة مواقع مهمة للحضارة الإنسانية المبكرة في العالم القديم وهي بلاد الرافدين ووادي النيل المصري ووادي السند الهندي، وتم تخليد سايروس بما يعرف بأسطوانة سايروس وهي اسطوانة طينية منقوشة، وقد كان الفرس أول من أنشأ شبكة طرق منتظمة بين القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا كما قاموا بتطوير أول خدمة بريد في العالم.[٧]

من الناحية الثقافية قدم قدماء الفرس في الإمبراطورية الأخمينية أشكال عديدة من الفن مثل الأعمال المعدنية والمنحوتات الصخرية والمنسوجات والهندسة المعمارية، ويوجد في المتحف البريطاني حوالي 180 قطعة من الذهب والفضة والمعروفة باسم كنز جيحون، وهي عبارة عن عملات معدنية وعربة ذهبية صغيرة وأساور مزخرفة والعديد من الأنواع التي تعود للحضارة الفارسية، وقد أصبح الدين الإسلامي فقط هو الدين السائد في بلاد فارس بعد الفتوحات التي قام بها المسلمون بعد أن كانوا على الديانة الزرادشتية، وتشيد الكتب المقدسة العبرية بسايروس العظيم لتحريره يهود بابل من الأسر والسماح لهم بالعودة إلى القدس، وقد مرّت الحضارة الفارسية بفترة تسمى بالسلام الفارسي عندما قام الحكام باتباع منهج سايروس العظيم في الشؤون الاجتماعية والدينية.[٧]

المراجع

  1. "Cyrus the Great", www.wikiwand.com, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب "Achaemenid Empire", www.wikipedia.org, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  3. ^ أ ب "Parthian Empire", www.wikiwand.com, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  4. "Persian Empire", www.wikipedia.org, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  5. ^ أ ب "Sasanian dynasty", www.britannica.com, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  6. "Sassanid Empire", www.encyclopedia.com, Retrieved 05-12-2019. Edited.
  7. ^ أ ب "Persian Empire", www.history.com, Retrieved 05-12-2019. Edited.
6749 مشاهدة
للأعلى للسفل
×