محتويات
- ١ نسب الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٢ إرهاصات ما قبل مولد الرسول
- ٣ مولد الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٤ أسماء وألقاب الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٥ زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٦ أبناء الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٧ بنات الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٨ أحفاد الرسول عليه الصلاة والسلام
- ٩ صفات الرسول عليه الصلاة والسلام
- ١٠ خدم وموالي الرسول عليه الصلاة والسلام
- ١١ أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام
- ١٢ معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام
- ١٣ تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع مجتمعه
- ١٤ هدي النبي في التعامل مع زوجاته
- ١٥ هدي النبي في التعامل مع أبنائه وبناته
- ١٦ هدي النبي في التعامل مع أصحابه
- ١٧ هدي النبي في التعامل مع الأطفال
- ١٨ هدي النبي في التعامل مع الوفود
- ١٩ هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين
- ٢٠ هدي النبي في التعامل مع المخطئين
- ٢١ هدي النبي في التعامل مع خصومه
- ٢٢ أقوال العلماء والمفكرين عن الرسول كشخصية مؤثرة
- ٢٣ أدب التعامل مع النبي عليه الصلاة والسلام
نسب الرسول عليه الصلاة والسلام
ينتهي نسبُ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذي لا يختلف عليه أحدٌ من العلماء إلى عدنان، فهو محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النَّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدِّ بن عدنان.[١]
إرهاصات ما قبل مولد الرسول
سبقَ ولادة رسول الله أمورًا عظيمة، وتُسمّى بالإرهاصات؛ أي الإشارات والبشارات التي سبقت ولادته ودلّت على نبوّته، ومنها ما ثبت ومنها ما لم يثبت، وممّا ثبت من هذه الإرهاصات ما يأتي:[٢]
- في العام الذي وُلد به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سبقَ ولادته حادثة أصحاب الفيل إلى مكة المكرمة، فمنعَ الله هذا الفيل من الوصول لبيته الحرام.
- كان النبي إبراهيم -عليه السلام- يدعو أن يكون النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- من ولدِه، وبشَّرَ به عيسى -عليه السلام-.
- رأت أمّه عندَ ولادته نورًا يخرج منها يُضيء بُصرى من أرض الشام، وهو ما أخبرَ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ويدلّ على ذلك قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنِّي عندَ اللهِ مَكتوبٌ بخاتَمِ النَّبيِّينَ، وإنَّ آدَمَ لِمُنْجَدِلٌ في طينتِه، وسأُخبِرُكم بأوَّلِ ذلك: دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبِشارةُ عيسى، ورؤيا أمِّي الَّتي رأَتْ حينَ وضَعَتْني أنَّه خرَج منها نورٌ أضاءَتْ لها منه قصورُ الشَّامِ).[٣]
مولد الرسول عليه الصلاة والسلام
وُلد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على يد الشفا أم عبد الرحمن بن عوف، ووصفت أمّه حملها به بأنّه كانَ سهلًا وهينًا، وقد ذهبت قابلته أم عبد الرحمن تُبشّر عبد المطلب بولادتهِ، ففرح بذلك فرحاً شديداً، وأخذه للكعبة ودعا له، وأسماه محمَّداً.[٤]
ولما سُئل عبد المطلب عن سبب تسميته التي لم يسبق لأحدٍ من آبائه التسمية به قال: "إني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم"، والسنةُ التي وُلد بها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كانت سنةَ ابتهاج وسرور بعدما كانت قريش في سنين ضيق وقحط، فجاءتهم البشرات والمسرات مع ولادة الحبيب صلّى الله عليه وسلّم.[٤]
وقد وُلد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة يوم الاثنين في الثاني عشر من ربيع الأول بعام الفيل لأربعين سنة خلت من حُكم كسرى،[٤] أي في عام 571م، وأبوه هو عبد الله بن عبد المطلب الذي توفّي والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- جنينًا في بطن أمه، وهي آمنة بنت وهب.[٥]
أسماء وألقاب الرسول عليه الصلاة والسلام
من أسماء النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: محمد، وأحمد، والحاشر، ومعناه الذي بُعث مع قُرب الساعة، والماحي؛ لأنّه الله يمحي به سيئات من اتبعه، والعاقب؛ لأنه جاء عقب الأنبياء، أي بعدهم، قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (لِي خَمْسَةُ أسْماءٍ: أنا مُحَمَّدٌ، وأَحْمَدُ وأنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بي الكُفْرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمِي، وأنا العاقِبُ).[٦][٧]
ومن أسمائه: المتوكل، فقد ثبت عن عَطاءُ بنُ يَسارٍ أنّه قال: (لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قُلتُ: أخْبِرْنِي عن صِفَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في التَّوْرَاةِ، قالَ: أجَلْ؛ واللَّهِ إنَّه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)،[٨] وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأَنْ يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وآذَانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلْفًا).[٩][١٠]
وقد أُطلق على رسول الله العديد من الأسماء، وهي كثيرة جدًا، لكن أشهرها ما ورد في الأحاديث الصحيحة سالفة الذكر، وأما باقي الأسماء فكثير منها صفات لرسول الله، ومنها مثلاً: الشاهد، والمبشر، والنذير، والداعي، والسراج المنير.[١١]
وهذه من الأوصاف التي أطلقها الله تعالى في آياته، حيث قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)،[١٢] وقد علَّق الإمام النووي على ذلك فقال: "بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاقهم الأسماء عليها مجاز".[١١]
زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام
تزوج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بإحدى عشرة زوجة، وأسماؤهنّ بالترتيب فيما يأتي:[١٣]
- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
- سودة بنت زمعة رضي الله عنها.
- عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها.
- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها.
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها.
- أم سلمة، هند المخزومية رضي الله عنها.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها.
- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها.
- أم حبيبة رضي الله عنها.
- صفية رضي الله عنها.
- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.
أبناء الرسول عليه الصلاة والسلام
كان لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ثلاثة من الأبناء، وهم: عبد الله وقاسم، وُلِدا من زوجته الأولى خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وابنه الثالث هو: إبراهيم، وأنجبته مارية القبطية، وجميعهم توفاهم الله -تعالى- وهم أطفال في سنٍ صغيرةٍ، وتوفّي القاسم وعبد الله في مكة، وتوفي إبراهيم في المدينة.[١٤]
بنات الرسول عليه الصلاة والسلام
بنات النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أربعة، وجميع بناتِ رسول الله مؤمنات طاهرات طيبات، وأمهنَّ هي خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وأكبرهنَّ زينب، وتليها رقية وأم كلثوم، وأصغر بناته فاطمة الزهراء رضي الله عنهنَّ جميعًا.[١٤]
أحفاد الرسول عليه الصلاة والسلام
لرسول الله اثنين من الأحفاد الذكور من ابنته فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-، وهما: الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو ريحانة رسول الله وسيد شباب أهل الجنة، وحدَّث عن رسول الله وعن أمه وأبيه، وكان يشبه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.[١٥]
والحفيد الثاني لرسول الله هو الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو الإمام الشريف وريحانةُ رسول الله، ويُلقب بالشهيد، وقد حدّث عن والديه علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء، وعن غيرهم من الصحابة.[١٦]
وأما أحفاد رسول الله من البنات فهناك زينب بنت علي بن أبي طالب، وهي أخت الحسن والحسين، وقد وُلدت ورسول الله حيًا،[١٧] وأختها أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب،[١٨] وأمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب الابنة الكبرى لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.[١٩]
صفات الرسول عليه الصلاة والسلام
إن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هو القدوة الحسنة للمسلمين جميعهم، حيث قال الله تعالى: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)،[٢٠] ولهذا فقد اهتمَ المسلمون بالبحث عن صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي على قسمين:[٢١]
صفات الرسول الخَلقية
إن الصفات الخَلقية لرسول الله هي ما وصفه أصحابه بها، وقد ثبت ذلك في عدةِ أحاديثٍ صحيحة، ومنها ما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه-، حيث قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْسَنَ النَّاسِ وجْهًا وأَحْسَنَهُ خَلْقًا، ليسَ بالطَّوِيلِ البَائِنِ، ولَا بالقَصِيرِ).[٢٢]
ووصف علي بن أبي طالب رسول الله فقال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضخمَ الرَّأسِ، عظيمَ العَينَينِ، هدبَ الأشفارِ، مُشربَ العينِ بحُمرةٍ، كثَّ اللِّحيةِ، أزهرَ اللَّونِ، إذا مشَى تَكَفَّأَ كأنَّما يمشي في صعدٍ، وإذا التفتَ التفتَ جميعًا، شَثنَ الكفَّينِ والقدمَينِ)،[٢٣] فكان -عليه الصلاة والسلام- من أحسنِ الناس خِلقةً وأجملهم وجهًا، وهو مربوع الطول جميل الوجه.[٢٤]
صفات الرسول الخُلقية
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أفضل الناس وأكملهم أخلاقًا، فكان يُعرف بالمروءة والأمانة، وكان يُحسن الجوار ويوفي العهد ويصدُق بالحديث، وكانَ عفيف النفس طاهر السريرة، وكانَ شجاعًا في ملاقاة أعدائه، ورحيمًا بالضعفاء والمساكين، وكانَ حليمًا كريمًا.[٢٥]
وكان الحبيب المصطفى ذا رأيٍ سديد وعزمٍ قوي وفكرٍ صائب، وقد أسماه قومه بالأمين، وأثنى الله -تعالى- على خُلقه، حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٢٦] فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو أكملُ الناس وأفضلهم أخلاقًا.[٢٥]
خدم وموالي الرسول عليه الصلاة والسلام
ذُكر في كُتب السِّيَر الكثير من أسماء موالي النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ومنهم: زيد بن حارثة، وابنه أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، وأيمن بن عبيد، وقد استشهد يوم حُنين، وأبو رافع، وسليم الذي يُكنى بأبي أُثيلة، وثوبان وكُنيته أبو عبد الله، وشقران واسمه صالح، ورباح أَسود ويسار.[٢٧]
وكذلك من مواليه أبو مويهبة، ورافع، وأفلج، ومأبور، وأبو واقد، وأبو عسيب واسمه أحمر، وأبو لبابة، ومِهران بن فرّوخ وكنيته أبو لقيط، وأبو عُبيد، وضميرة بن أبي ضميرة، ونافع ونفيع، وأبو كندير، وسلمان الفارسي، وغيرهم.[٢٧]
وأشهر موالي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هم زيد بن حارثة وأسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، وزيد هو أول موالي رسول الله، وكانت قد وهبته إياه أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-، وأعتقه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون مولى له.[٢٨]
وقد فضّل البقاء مع رسول الله على العودة إلى أهله، وأعلن وقتها رسول الله أن زيد ابنه، ولكن الإسلام أبطل حُكم التبني والذي كانَ سائدًا عند أهل قريش، فأصبح حِبُّ النبي هو وابنه أسامة، واستشهد في غزوة مؤته، ويليهم من الموالي شقران وسفينة وثوبان -رضي الله عنهم-.[٢٨]
أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام
لأصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فضلٌ عظيم في نشر الإسلام، وقدّم الكثير منهم التضحيات في سبيل الدعوة الإسلامية، وحملوا الراية مع رسول الله، وأقاموا الخلافة الإسلامية بعد النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، واستمروا في الدعوة من بعده، وهم يشكّلون جزءًا كبيرًا من سيرةِ النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.[٢٩]
وقد امتدحهم الله -تعالى- في كتابه فقال: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)،[٣٠] فبيّن الله -تعالى- في الآية أن للمهاجرين السابقين والأنصار من أصحاب رسول الله فضلاً كبيراً، وهم قدوةٌ لمن غيرهم.[٢٩]
وقد ضرب الله مثلًا في أصحابِ النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فهم أطيب الناس وأنضجهم، وهم عابدون قانتون لله، قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٣١] وخيرُ أصحاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هم الخلفاء الراشدين الأربعة؛ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- جميعًا.[٣٢]
معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام
للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من المعجزات، ومنها خروج الماء من بين أصابعِهِ الشريفة، وكذلك انشقاق القمر؛ حيثُ طلب منه كفار قريش ذلك، وأعظم هذه المعجزات المعجزة الكبيرة الخالدة للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وهي القرآن الكريم.[٣٣]
تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع مجتمعه
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد أرسى قواعد ثابتة في المجتمع الإسلامي، وقد تدرجَ في الدعوة الإسلامية وفي إبطال أحكام العادات التي كانت تنتشر عندهم؛ كإبطال حكم التبني مثلًا، وتعامل مع الجميع وفق القاعدة التي وضعها الله -تعالى-، وهي أن التفاضل بالتقوى.[٣٤]
قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)،[٣٥] فلم يكن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ينظر إلى الفوارق بين الناس، بل وضعَ أسس جديدة وميزانًا للعدل بين الناس، فكانوا يتحاكمون عند رسول الله ويرجعون إليه في كثيرٍ من الأمور.[٣٤]
هدي النبي في التعامل مع زوجاته
كانت حياة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الخاصة وعلاقته مع زوجاته خير مثال للأُسرة المسلمة، فلا يوجد ألطف ولا أرقى من تعامل رسول الله مع زوجاته، فقد أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّه كان كريم الخلق كثير التبسم والضحك مع نسائه.[٣٦]
وقد حثَّ رسول الله في كثيرٍ من أحاديثه على حُسن معاملة الرجل لأهل بيته، حيث قال: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم)،[٣٧] وعدَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خير الناس من كان فيه خيرًا لأهله ومن كان مُحسنًا لزوجته، وكان رسول الله في يساعد زوجاته ويخدم نفسه، وكان رحيمًا بنسائه.[٣٦]
هدي النبي في التعامل مع أبنائه وبناته
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- رحيمًا بأبنائه وبناته، والحديث في كتب السّيرة يكثر عن تعامله مع بناته؛ لأن أبناء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ماتوا وهم صغار، ومن مواقف رحمته بأبنائه لما توفي ابنه إبراهيم، فبكى لوفاته وأدمعت عيناه وحزنَ حزنًا شديدًا على فراقه، وكان فيما سبق يحمل ابنه يشمه ويُقبله ويأخذه إلى حضنه الشريف.[٣٨]
وأما هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في التعامل مع بناته فقد كانَ يستبشر بقدومهنّ ويفرح لذلك، ويتوسَّمُ فيهنَّ اليمن والبركة،[٣٩] واعتنى رسول الله ببناته حتى بعد زواجهنّ، فكان يحرص على زيارتهنّ وإدخال السرور إلى قلوبهنّ.[٤٠]
وقد ثبت أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- زارَ فاطمة بعد زواجها ودعا لها ولزوجها وذريتها بأن يعيذهما الله من الشيطان الرجيم، وغيرها الكثير من المواقف التي تُظهر العلاقة التي تقوم على المحبة والأُلفة بين النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وبناته.[٤٠]
هدي النبي في التعامل مع أصحابه
بعثَ الله نبيه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- متمِّماً لمكارم الأخلاق، فهو أحسنُ الناس أخلاقًا مع جميع الخلائق، وهو القدوة الحسنة للناس،[٤١] فكيف تكون أخلاقه مع أصحابه وهم خير الناس بعده، فقد كان رسول الله يُحسنُ الصحبة، وكان يصفح ويعفو ولا ينتقم لنفسه إلا إذا تعلقَ الأمر بحدود الله وما نهى الله عنه.[٤٢]
وكان رسول الله يُركز في تعامله مع أصحابه على بثّ التفاؤل والأمل، ويحرص كُل الحرص على إبعاد اليأس والإحباط عن نفوسهم وخاصة في أوقات الأزمات، فكان يريد لهم العزة والقوة.[٤٣]
وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يشاور أصحابه ويأخذ برأيهم، فقد كان متواضعًا معهم،[٤٤] وكان كثير التبسم والضحك معهم، وكان يُمازح أصحابه، وقد جاء في سنة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من هذه المواقف.
هدي النبي في التعامل مع الأطفال
كان رسول الله يعامل الأطفال بالرأفة والشفقة، وكانَ رحيمًا بهم يعطف عليهم، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رسولَ اللهِ قَبلَ الحسينُ بن عليِّ والأقرعُ بن حابسٍ التَمِيمِيُّ جالسٌ فقال الأقرع : يا رسولَ اللهِ إنَّ لي عشرةً من الولدِ ما قبلت إنسانًا منهم قط قال فنظرَ إليه رسولُ اللهِ فقال : إنَّ من لا يرحمْ لا يُرْحَم)،[٤٥] فلم يُقرّ رسول الله الشدة والغلظة مع الأطفال، وكان يصلي وهو يحملُ أمامة ابنة ابنته زينب.[٤٦]
هدي النبي في التعامل مع الوفود
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يُعيِّن بعض أصحابه لاستقبال الوفود في حال وصولهم للمدينة، ويؤمّن لهم سُبل المعيشة في المدة التي يقضونها في المدينة من مسكنٍ وطعام وغير ذلك، وقد خصّصَ عددًا من البيوت في المدينة لاستقبال الوفود، وكانت أفضل البيوت وأوسعها.[٤٧]
وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يُكرم وفوده ويحسن استقبالهم، فيقدّم لهم أفضل ما عنده، وكان يستعدُ للقائهم، حيث اتَّخذ قبةً في المسجد النبوي لاستقبالهم، وكان يستأذنهم في الدخول إليهم، ويلبس أفضل ما لديه من ثياب لاستقبالهم، وكان يستمع منهم، ويعرف ما لديهم من مواضيع، ثمّ يرّد عليهم بما يقتضي الحال، وكان يجيبهم على استفساراتهم ويعاملهم بأحسن تعامل.[٤٧]
هدي النبي في التعامل مع غير المسلمين
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو غير المسلمين للإسلام، ويختار من له رأيٌ في قبيلته، كما فعل حين أرسل أبا ذر الغفاري إلى قبيلته غفار، فعاد وقد أسلم نصفها، ولم يغفل النبي -صلّى الله عليه وسلم- عن إبراز قوته أمام غير المسلمين؛ لكي لا يظنوا بأن المهاجرين ضعفاء، وعقد مع بعض القبائل غير المسلمة معاهدات تهدف إلى استدامة السلام بينهم، فلم يكن رسول الله يُظهر العداوة لغير المسلمين إلا إذا بادروا بذلك.[٤٨]
هدي النبي في التعامل مع المخطئين
كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعامل المخطئ والمسيئ بالحلم والعفو، فلم يكن رسول الله يلجأ للانتقام والغضب، بل كان يعامل المخطئين بالأخلاق التي يحبها الله -تعالى-، فكان يعفو ويتجاوز ويصفح عن أخطائهم.[٤٩]
هدي النبي في التعامل مع خصومه
يمكن اختصار كيفية تعامل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مع خصومه بما جاء في حديث بريدة الذي يبيّن أنّ النبي الكريم كانَ إذا وضعَ أميرًا على سرية أو جيش يوصيه بتقوى الله، ويأمرهم أن لا يغلو ولا يغدروا، ولا يمثّلوا في أعدائهم.[٥٠]
وكان يوصيهم بعدم قطع الأشجار وإيذاء الأطفال والشيوخ الكبار، وكان النبي الكريم يدعوا أعداءه للإسلام، فإن أسلموا صفح عنهم، وإن تمادوا واعتدوا واجههم وردّ عدوانهم.[٥٠]
أقوال العلماء والمفكرين عن الرسول كشخصية مؤثرة
المهاتما غاندي
قال: "أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر، لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.[٥١]
"هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف، بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي آسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".[٥١]
مايكل هارث
قال: "إن محمداً -صلّى الله عليه وسلم- كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي، إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معا يخوّله أن يعتبر أعظم شخصية ذات تأثير في تاريخ البشرية".[٥٢]
أدب التعامل مع النبي عليه الصلاة والسلام
أمر الله تعالى بطاعة نبيه والتأدب معه، ومن التأدب مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اتّباعه وطاعته، وطاعته طاعةٌ لله -تعالى-، ونهى الله المؤمنين أن يرفعوا أصواتهم عند رسول الله وأن يجهروا بالقول، فمن حق النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن لا يُرفع الصوت عنده لا حيًا ولا ميتًا، حيث كان عمر يزجر من يرفع صوته في حضور النبي أو عند مقامه، وكذلك من الأدب مع رسول الله الصلاة عليه والاقتداء به.[٥٣]
المراجع
- ↑ محمد البري، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ صالح المغامسي، شرح المدائح النبوية، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:6404، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب ت محمد رضا، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 649. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم ، الصفحة أو الرقم:3532، حديث صحيح.
- ↑ يعقوب بن سفيان الفسوي، المعرفة والتاريخ، صفحة 266. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:45
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2125، صحيح.
- ↑ القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 549. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 109. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:45 46
- ↑ ملك غلام مرتضى، تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 154. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 209. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 1410. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 1425. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ ابن المبرد، محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، صفحة 883. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، جامع الأصول، صفحة 189. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:21
- ↑ عمار عبودى محمد حسين نصار، تطور كتابة السيرة النبوية، صفحة 311. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:3549، حديث صحيح.
- ↑ رواه أحمد، في مسند أحمد ، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:81، صحح المحقق إسناده.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 650. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 636. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم، آية:4
- ^ أ ب ابن سيد الناس، عيون الأثر، صفحة 380. بتصرّف.
- ^ أ ب صالح المغامسي، الأيام النضرة في السيرة العطرة، صفحة 4. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 1511. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:100
- ↑ سورة الفتح، آية:29
- ↑ سعيد حوى، كتاب الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 1517. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام، صفحة 56. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد حسان، مصابيح الهدى، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:13
- ^ أ ب منقذ السقار، الدين المعاملة، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1162، حديث حسن صحيح.
- ↑ صالح المغامسي، الأيام النضرة في السيرة العطرة، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ محمد بن يوسف عفيفي، من الهدي النبوي في تربية البنات، صفحة 396. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن يوسف عفيفي، من الهدي النبوي في تربية البنات، صفحة 409. بتصرّف.
- ↑ محمد الدويش، دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ ابن رشد الجد، البيان والتحصيل، صفحة 279. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، الدكتور راغب السرجاني، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري، صفحة 828. بتصرّف.
- ↑ رواه شاكر، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:69، صحح المحقق إسناده.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الهدي النبوي في تربية الأولاد في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 93. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 660. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ منقذ السقار، الدين المعاملة، صفحة 59. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 156. بتصرّف.
- ^ أ ب حسين حسيني معدي، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عيون غربية منصفة، صفحة 179. بتصرّف.
- ↑ حسين حسينى معدى، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عيون غربية منصفة، صفحة 108. بتصرّف.
- ↑ الدبيسي، محمد بن مصطفى، السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية، صفحة 76. بتصرّف.