اليهودية
إنّ اليهودية إحدى الديانات السماوية التي نزلت على النبيّ موسى في مصر أثناء وجود بني إسرائيل أو ما يعرف بالعبرانيين في مصر، وتعدّ اليهودية أقدم الديانات السماوية -كما يسميها البعض- وتقدر بعض إحصائيات 2006 أعداد اليهود حاليًا في العالم بـ 4 مليون، رغم أن تعداد اليهود في حد ذاته يعتبر قضية خلافية، والكتاب المقدس الذي أنزل على موسى في عقيدة اليهود هو التوراة الذي تتبناه المسيحية أيضًا معتبرة إياه "العهد القديم" الذي أكمل "بالعهد الجديد"، ولكن أحكام وشرائع التوراة تشرحها الشريعة الشفوية وهي الشرح الحاخامي لنصوصها والذي يسمى بالتلمود.[١]
تعريف الكابالا
تُعرّف الكابالا بأنها مذهب في تفسير الكتاب المقدس عند اليهود، يقوم على افتراض أن لكل كلمة ولكل حرف معنى خفيًا، وتشتمل على أفكار ونظريات وثنية وفرعونية حول طبيعة الكون والخلق والبشر والقدر والروح، ولا يشترط في اعتناق هذه العقيدة كون الإنسان يهوديًا! وقد عرف الدكتور عبد الوهاب المسيري الكابالا في موسوعته اليهودية بأنها: مجموعة التفسيرات والتأويلات الباطنية والصوفية عند اليهود، والاسم مُشتَّق من كلمة عبرية تفيد معنى التواتر أو القبول أو التقبل أو ما تلقاه المرء عن السلف، أي "التقاليد والتراث" وكان يُقصَد بالكلمة أصلًا تراث اليهودية الشفوي المتناقل فيما يعرف باسم "الشريعة الشفوية".[٢]
ثمّ أصبحت الكلمة تعني من أواخر القرن الثاني عشر، "أشكال التصوف والعلم الحاخامي المتطورة" وقد أطلق العارفون بأسرار القبَّالاه أو الكابالا على أنفسهم لقب "العارفون بالفيض الرباني"، وكابالا يضم نوعًا من أنواع التعاليم التي تبحث عن المعاني السرية والتصوفية الموجودة في التوراة، وفي المصادر الأخرى للدين اليهودي، وعندما قام الباحثون والمؤرخون بالتنقيب عن أصل "كابالا" فوجئوا بأن هذه التعاليم تستند إلى فلسفة وثنية كانت موجودة قبل التوراة ثم تسللت إلى الدين اليهودي.[٣]
تاريخ الكابالا
تشكّلت بذور الكابالا الأولى من شعائر قدماء المصريين وتقاليدهم، ثم نمت جذوره في مناخ العقائد المتصارعة في مدينة الإسكندرية في القرنين، الثاني والثالث الميلادي، فصدر أول كتاب في هذا المذهب باسم الزوهار، والذي سيتم ذكره لاحقًا، وظلت نسخة الكتاب مفقودة إلى أن وجدت في القرن الثالث عشر، وتأسست مع نهاية القرن السادس عشر الميلادي مدرستان في الفكر الكابالي، وكان موسى بن ميمون هو رائد المدرسة الأولى، وإسحاق لوريا هو رائد المدرسة الثانية ذلك على الرغم أن اليهود الأرثوذكس كانوا يضعون الفكر الكابالي خارج حدود مذهبهم، ويحظرونه على أتباعهم خوفًا من قوته وخشية الفتنة مما يحتويه من خفايا وأسرار ورموز غامضة ومع ذلك استمر الفكر الكابالي قويًا سواء في السر أو العلن.[٤]
أمّا مدرسة الكابالا الثانية، فقد كان رائدها هو إسحاق لوريا، الذي وُلد في مدينة القدس عام 1534م، وأخذته أمه صبيًا بعد وفاة أبيه إلى مصر حيث تربى في بيت عمه، وفي جزيرة الروضة بالقاهرة اعتزل الناس وعكف على دراسة مذهب الكابالا، وخرج من هذه الدراسة بفكر جديد لهذا المذهب بما يسمى بالكابالا الجديدة أو الكابالا اللوريانية نسبة إلى اسمه، فجعلها مدخلًا لعلم اللاهوت المعاصر ومدخلًا للفلسفة وعلم النفس، وتكونت له آراء في خلق الإنسان وفيما يسمى بالفراغ الميتافيزيقي، وكذلك في الحكمة الإلهية التي هي في رأيه بمثابة الشرارة في الإنسان، وكلما تحرر الإنسان في رأيه من سجن الجسد توهجت تلك الشرارة، واستعلى على قيود المادة وكثافتها، وحقق مستويات أعلى من الكشف والصفاء الروحي والمعرفة والإدراك المباشر الذى يسمى في المصطلح الفلسفي "الحدس".[٤]
كتاب الزوهار
الزوهار كلمة عبرية تعني الإشراق أو الضياء، وكتاب الزوهار أهم كتب التراث الكابالي، وهو تعليق صوفي مكتوب بالآرامية على المعنى الباطني للعهد القديم، ويعود تاريخه الافتراضي، حسب بعض الروايات إلى ما قبل الإسلام والمسيحية، وهو ما يحقق الاستقلال الفكري "الوهمي" لليهود، وكتابته بلغة غريبة، تحقق العزلة لأعضاء الجماعات اليهودية الوظيفية، ويُقال إن موسى دي ليون مكتشف الكتاب في القرن الثالث عشر هو مؤلفه الحقيقي أو مؤلف أهم أجزائه، وأنه كتبه بين عامي 1280 و1285، مع بدايات أزمة يهود إسبانيا، والزوهار، في أسلوبه يشبه المواعظ اليهودية الإسبانية في ذلك الوقت، وبعد مرور مئة عام على ظهوره، أصبح الزوهار بالنسبة إلى المتصوفة في منزلة التلمود بالنسبة إلى الحاخاميين.[٥]
وقد شاع الزوهار بعد ذلك بين اليهود، حتى احتل مكانة أعلى من مكانة التلمود، وخصوصًا بعد ظهور الحركة الحسيدية، ويتضمن الزوهار ثلاثة أقسام، وهي: الزوهار الأساسي، وكتاب الزوهار نفسه، ثم كتاب الزوهار الجديد، ومعظم الزوهار يأخذ شكل تعليق أو شرح على نصوص من الكتاب المقدَّس، وخاصة أسفار موسى الخمسة، ونشيد الأنشاد، وراعوث، والمراثي، وهو عدة كتب غير مترابطة تفتقر إلى التناسق وإلى تحديد العقائد، ويضم الزوهار مجموعة من الأفكار المتناقضة والمتوازية عن الإله وقوى الشر والكون، وفيه صور مجازية ومواقف جنسية صارخة تجعله أشبه بالكتب الإباحية وهو ما ساهم في انتشاره وشعبيته.[٥]
أهم أفكار الكابالا ومعتقداتها
تعدّ الكابالا واحدة من أعقد الفلسفات الدينية، حيث تشتمل على رموز غامضة وباطنية، وتعتمد على طقوس من ممارسة السحر الأسود والشعوذة، وتقوم على افتراض أن لكل كلمة وحرف في التوراة معان خفية، وأن تلك المعاني السرية لا يمكن اكتشافها أو فكّ شيفرتها إلا باستخدام الطرق العددية والصيغ الرياضية والتركيب الهندسية المرتبطة بالسحر والتنجيم والهرطقة، ولذلك وطيلة قرون طويلة لم يسمح إلا للرجال المتدينين جدًا ممن ناهزوا الأربعين، وكرسوا حياتهم للدين اليهودي بدراستها ومعرفة حقيقة الكابالا، ومن أبرز أفكار ومعتقدات الكابالا:[٣]
- يؤمن أصحاب مذهب الكابالا بأن الإنسان محاط بقوى شريرة، وينبغي مواجهتها والتغلب عليها بوسائل مختلفة، ومن ذلك وضع تعويذة الخيط الأحمر حول المعصم، وهو في حقيقة الأمر أهم رمز من رموز هذا المذهب المنحرف.
- يزعم حاخامات الكابالا، أن الخيط الأحمر المصنوع من الصوف له قوة سحرية عجيبة، ويكفل حماية الفتاة التي تعقده حول معصمها من التصرفات الطائشة، ويبعد عنها تطفل سائق التاكسي ويزيد جاذبيتها.
- يؤمنون بتناسخ الأرواح ويعتقدون أن روح الإنسان أزلية.
- يعتقد أصحاب مذهب الكابالا بأن السحر منقول إلى البشر عن طريق الحكماء الذين نقلوه عن الأنبياء، ولذلك يتداخل السحر بالمذهب الكابالي تداخلًا كبيرًا.
- لأتباع هذا المذهب كتاب خاص اسمه "زوهار" وهي كلمة آرامية تعني النور، وهو كتاب مشحون بالسحر البابلي وخرافات القرون الغابرة، ويصنف في 23 مجلدًا، ويكتنفه الغموض والتعقيد، وهو مكتوب باللغة الآرامية وقد ترجم إلى الإنجليزية، لكنها ترجمة غير مفهومة ومشبعة بالألغاز والأحاجي المبهمة، وقد تم ذكره سابقًا.
- يشتهر المذهب بممارسة الرجم بالغيب، من خلال مجموعة من الأوراق "الطاروط"، وهو أمر يتناسب مع السحر والشعوذة والطلاسم التي يقوم عليها المذهب.
وإن أخطر ما في هذا المذهب أنّ رموزه قد غزت القنوات الإعلامية العربية بشكل مخيف، بل واخترقت أفلام الكارتون التي يشاهدها الأطفال، حيث يدسون السم باللهو واللعب والمرح دونما شعور من المسلمين، وما عبارات: "باسم قوى الظلام" أو "باسم قوى الشر" إلا واحدة من تلك الاختراقات، كما أن أهم رموز الكابالا "وهو الشكل الهرمي في وسطه عين" مدسوس بمسلسل للأطفال يسمى "يوغي" ناهيك عن علامة قرون الشيطان في شارة سبايدر مان للأطفال، وكذلك الخيوط الحمراء في كثير من المسلسلات الأخرى، فلم يعد الأمر مقتصرًا على إغواء الشباب وإفساد عقيدتهم من خلال إغرائهم بتقليد نجوم الفن والرياضة المنتسبين للكابالا، بل تجاوزه إلى جيل المسلمين الجديد المتمثل بالأطفال.[٣]
المراجع
- ↑ "يهودية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2019. بتصرّف.
- ↑ علي محمد عبدالله، اليهود من عهد داوود إلى دولة إسرائيل، مصر: وكالة الصحافة العربية، صفحة 186. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "مذهب الكابالا: عقيدة يهودية ينشرها المشاهير! "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "قباله"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "زوهار"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2019. بتصرّف.