معلومات عن الوضوء الأكبر

كتابة:
معلومات عن الوضوء الأكبر

أهمية الطهارة في الإسلام

إنَّ الطهارة من أهم الأمور التي دعا إليها الإسلام، وحثّ المسلمين عليها في كثير من المواقف، وهي النظافة من كلِّ الأدران سواءً كانت هذه الأدران نفسية غير ملموسة كالمعاصي والذنوب أو كانت بالمعنى المعروف أوساخًا حسيّة كالغائط والبول، وهي شرط أساسي من شروط صحة الصلاة، فلا تصحُّ الصّلاة في الإسلام دون طهارة، وهي شرط أساسي أيضًا لمسِّ القرآن الكريم، قال تعالى: "إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" [١]، وهذا المقال سيسلّط الضوء على أحد أشكال الطهارة وهو الوضوء الأكبر في الإسلام.

شروط صحة الوضوء

يعدُّ الوضوء في الإسلام من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطهارة والتي هي بدورها من الأعمدة التي يقوم عليها الدين، فالوضوء يوجب الطهارة التي لا تصحّ صلاة العبد إلّا بها، ولكي يتمَّ الوضوء لا بدَّ من شروط خاصّة يؤدّيها المسلم ليكتمل وضوؤه في الإسلام، وهذه الشروط واضحةٌ في وقولِهِ تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" [٢]، فالآية السابقة توضّح شروط الوضوء السليم، وهي غسل الوجه واليدين إلى المرافق، ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين، فمَن سَها عن أحد هذه الشروط لمْ يكتملْ وضوؤه، وهذا ما وردَ في كتب الفقه المالكي، حيث قيل: "من ترك فرضًا من فروض الوضوء ومثله الغسل غير النية أو لمعةً تحقيقًا أو ظنًّا، أتى به بعد تَذكُّرِهِ فورًا وجوبًا، وإلا بطل وضوؤه بنيَّةِ إكمالِ وضوئهِ وبالصلاة التي كان صلَّاها بالناقص، هذا إذا كان الترك سهوًا مطلقًا طال ما قبل التذكر أو لا".

وأمّا ما ورد عن شروط صحّة الوضوء في الإسلام وترتيب هذه الشروط، وهو ما اتَّفقَ عليه الأئمة الأربعة، وما وردَ في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: "تنقسم شروط الوضوء إلى ثلاثة أقسام:

  • الأول: شروط الوجوب، والمراد بشروط الوجوب: الشروط التي توجب على المكلفين أن يتوضؤوا بحيث إذا فُقِدَتْ هذه الشروط أو بعضها لم يجب الوضوء.
  • الثاني: شروط الصحة.
  • الثالث: شروط الوجوب والصحة معًا.

والمراد بشروط الصحة: الشروط التي لا يصح الوضوء بدونها.

والمراد بشرط الوضوء والصحة معًا: الشروط التي إذا فقد منها شرط فإنَّ الوضوء لا يجب ولا يصح إذا وقع"، والله أعلم. [٣].

ما هي الجنابة

إنَّ الجنابة في اللغة كلمةٌ تُعني عند العرب البُعد، وقد وردَ في كتاب الله قولُهُ تعالى: "..وَالْجَارِ الْجُنُبِ.."[٤]، أي البعيد الذي لا تربط به صلةُ قرابة، وقد سُمِّيت الجنابة بهذا الاسم لأنّها تبتعد عن الطهارة، وقيلَ جانبَ الرجل امرأته أي جامعها وخالطها، والمعنى الأقرب للعقل لكلمة جنب أي المجتنب للعبادات، وهذا ما وردَ في الحديث عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: "ثلاثةٌ لا تَقربُهم الملائكةُ: جِيفةُ الكافرِ، والمُتضَمِّخُ بالخَلوقِ، والجنُبُ إلا أن يتوضَّأَ" [٥]، والجنابة في الاصطلاح لفظ يُطلق على الرجل أو المرأة إذا قامَا بالجماع، فقد جامع امرأة أي جانبها، والجنابة أيضًا هي نزول السائل المنوي من غير جماع، وهي موجبة للغسل، لقولِهِ تعالى: "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" [٦]، والله تعالى أعلم. [٧].

الوضوء الأكبر

إنَّ مسألة تقسيم الوضوء في الإسلام إلى الوضوء الأكبر والوضوء الأصغر، مسألة تشيع بين الناس ولكنَّ الغريب هو عدم وجود شيء يُسمّى الوضوء الأكبر أو الأصغر، فالوضوء في الإسلام هو الطهارة من الحدث الأصغر، أي من البول أو الغائط، وهو أحد مسببات الطهارة ولا تصحّ الصلاة إلا بالوضوء، ومسألة الوضوء الأكبر الشائعة رُبّما يُقصد بها الطهارة من الحدث الأكبر. [٨].

أمّا فيما يتعلّق بمسألة الطهارة من الحدث الأكبر وهو ما يُسمِّيه الناس الوضوء الأكبر فصفات الطهارة من الحدث الأكبر صفتان اثنتان وهما:

  • صفة مجزأة: وهي أن يكتفي الواقع بالحدث الأكبر بالاغتسال، وهي تؤدي إلى الطهارة من الحدث الأكبر تمامًا، وهي أساسية ولا يمكن الخلل بها لكي لا يفسد الغسل وتكون هذه الصفة بعد أمور وهي:
  1. النية بالطهارة من الحدث الأكبر - أي الوضوء الأكبر - أيًّا كان: جنابةً أي جماعًا، أو كانَ حيضًا أو نفاسًا.
  2. أن يغسل الواقع في الحدث جسمه كاملًا بالماء ويحرص على وصول الماء إلى المناطق التي لا يصلها بسهولة كداخل الشعر وباطن الركبة والإبطِ، ويحرص على المضمضة والاستنشاق، فهذا ما صحَّ عن العلماء.
  • صفة كاملة: وهي ما يُستحب أن يكون أثناء الطهارة وهو ليس واجبًا، وتحصل الطهارة بدونِهِ، والأفضل أن تتم مراعاة هذه الصفة، وهذه الصفة تتمثل بالتسمية قبل الطهارة وغسل اليدين وغسل الفرج وصبِّ الماء على الرأس ثلاثًا والوضوء وضوء الصلاة أثناء الغسل، وكلُّ هذه مجرّدُ أمور مستحبة وردتْ عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهي ليست مفروضة وليست شرطًا لتمام الوضوء الأكبر أو لتمام الطهارة من الحدث الأكبر، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-، إِذَا اغتسَلَ منَ الجنابَةِ غسلَ يديهِ وتوضّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاة، ثُمَّ اغتسلَ، ثُمَّ يُخلِّلُ بِيدهِ شعرَهُ، حتَّى إِذَا ظنَّ أَنَّه قَد أَروَى بشرتهُ، أَفاضَ عَلَيهِ المَاءَ ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غسلَ سائرَ جسدِهِ" [٩]، والله أعلم. [١٠].

هل غسل الجنابة يغني عن الوضوء؟

بعدما وردَ من حديث عن الوضوء الأكبر وشروط الوضوء في الإسلام، لا بدّ من معرفة ما إذا كانَ الغسل من الجنابة يُغني عن الوضوء في الشرع، وفيما يتعلّق بهذا الموضوع فإنّ السّنّةَ في الجنابة أنَّ يتوضَّأ المسلم ثم يغتسل، وهذا ما كانَ يفعلُهُ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فكانَ إذا نوى الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر توضّأ ثمَّ اغتسلَ، وهذا ما ورد في السنّة النبويّة عنه -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: "لا يقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوضأَ" [١١]، ويُؤخذ بهذا الحديث إذا كانَ الغُسل غُسلًا مستحبًّا -أي لم يكنْ للطهارة من الحدث- كغسل يوم الجمعة فهذا الغسل لا يكفي للصلاة دون الوضوء، والدليل هو الحديث السابق؛ فلا يكفي الغسل الُمستحب للطهارة من الحدث الأصغر، إلّا إذا توضّأ أثناء غُسلِهِ بالطريقة التي أمرَ بها الشرع في سورة المائدة، حين قال تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" [٢]، والله أعلى وأعلم. [١٢].

المراجع

  1. {الواقعة: الآية 77-78-79}
  2. ^ أ ب {المائدة:6}
  3. شروط الوضوء, ، "www.islamweb.net "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف
  4. {النساء: الآية 36}
  5. الراوي: عمار بن ياسر، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4180، خلاصة حكم المحدث : سكت عنه
  6. {المائدة: الآية 6}
  7. ما معنى الجنابة، ومتى يغتسل الرجل منها؟, ، "www.binbaz.org.sa "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف
  8. لا وجود لعبارة "الوضوء الأكبر" في مصطلحات الفقهاء, ، "www.islamweb.net "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف
  9. الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 272، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  10. صفة الاغتسال من الحدث الأكبر, ، "www.islamqa.info "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف
  11. الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6954، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  12. هل الغسل يكفي عن الوضوء, ، "www.binbaz.org.sa "، اطُّلِع عليه بتاريخ 22-10-2018، بتصرُّف
4328 مشاهدة
للأعلى للسفل
×