الفراعِنة
أصل كلمة فِرْعَون هو البيت الكبير، وهذه الكلمة لم تكن مُعتمدة كاسمٍ رسميٍّ للمَلِك، إذ كان هذا الاسم يَستند إلى الكتاب العِبريّ المُقدَّس في جميع الوثائق الرسميّة، وقد كان للمَلِك المِصريّ لقبٌ يتألَّف من خمسةِ أسماءَ، إضافة إلى أنّ الفِرْعَون كان يُعتبَر وسيطاً بين الآلهة والبَشر، وبعد موته يُصبح ضِمن الآلهة، ويتمُّ نَقْل جميع صلاحيّاته إلى الفِرْعَونِ الجديد، وعلى اعتبار أنّ الفِرعَون هو الحاكم الإلهيّ، فإنّ لديه صلاحيّاتٍ في امتلاك أجزاءٍ كبيرةٍ من مِصر، كما أنّه مسؤولٌ عن رفاهيّة شعبه الروحيّة والاقتصاديّة؛ لذا عليه أن يحافظ على الأمر الذي أعطاه إيّاه الإله.[١]
تاريخ الفراعِنة
يُعَدّ تاريخ مِصْر أقدمَ تاريخٍ تمّ تدوينه في العالم، وهذا التاريخ يَنقسم إلى عصرين رئيسيّين، أَوّلُهما عصْر ما قبل التّاريخ، الذي كانت فيه بداية الاستقرار المِصريّ الأوّل في منطقة وادي النيل حوالي 6000 قَبل الميلاد تقريباً، وفي ذلك الوقت عَرَف الإنسان المِصريّ الزراعة، وقام باستِئناس الحيوانات، وأسّس مجتمعاتٍ صغيرةٍ ومُتعاونةٍ فيما بينها؛ فكان ذلك أساس تكَوُّن الحضارة وتطوُّرها، بالإضافة إلى تكَوُّن دولتين، هما: دولة الدلتا، ودولة الصعيد؛ وقد اتّحدت الدولتان عام 3100 قبل الميلاد تحت قيادة الفِرعَون، وتمّ ذلك بفضل مُوَحِّد القُطرين (مينا).[٢]
أمّا العصر الثاني فهو العصر التاريخيّ الذي ظََهَرت فيه الكتابة، وهذا العصر ينقسم إلى ثلاثين أسرةً ملكيّةً ودولٍ ثلاثٍ، إذ كانت مِصْر في هذا العصر تتميّز بحُكومتها المركزيّة القويّة، كما أنّ هذا العصر اشتُهر أيضاً بفتْراتِ ضَعْفٍ واضمحلالٍ، وفي ما يأتي توضيح لأقسام العصر التاريخيّ الخاصّ بالفراعِنة:[٢]
- العصر العتيق: في هذا العصر أُقِرَّت الوِحدة السياسيّة، وقد تمّ تأسيس الحضارة المِصريّة فيه؛ حيث قامت على أُسُسٍ وقواعدَ متينة، ويشتمل هذا العصر على الأُسرتين: الأولى، والثانية.
- الدولة القديمة: يُعتبَر هذا العصرُ عصرَ الأمن الداخلي للدولة، وهو عصر بناء الأهرامات، وفيه وصلت الحضارة المِصريّة إلى أَوجِها في مجالاتٍ مُختلفةٍ، كالطّبّ، والهندسة، والفلك، ويتضمَّن هذا العصر الأُسَر من الثالثة وحتى السادسة، وقد جاء بعد هذا العصر عصر اضمحلالٍ عَمّت فيه الفوضى والاضطراباتُ البلادَ، وشَمِل الأُسَرَ من السابعة إلى العاشرة، إلّا أنّ الأدب قد ازدهر في هذا العصر، ومن ثمّ استطاع أُمراء طَيبة توحيد البلاد، والنهوض بها من جديد.
- الدولة الوُسطى: اهتمَّ ملوك مِصْر في هذه الفترة بالسياسة الخارجيّة، واستطاعوا السيطرة على النوبة السُّفلى، وأسّسوا فيها مشاريع ضخمة في الريّ، وتشمل هذه الفترة الأُسَر من 11 وحتى 14، وقد جاء عصر اضمحلالٍ وضَعْفٍ ثانٍ للدولة المصريّة امتدّ من الأُسَر 15 وحتى 17؛ حيث احتلّ فيها الهكسوس مِصْر، إلى أن استطاع أُمراء طَيبة تحريرَها مرة أخرى ، ويُعتبَر هؤلاء الأُمراء هم من أَسّسوا الدولة الحديثة.
- الدولة الحديثة: في هذا العصر استطاعت مِصْر توسيع مملكتها، وفَرْض سيطرتها على كلٍّ من شمال سورِيا، وبلاد النهرين، حتى منطقة الشلّال الرابع في السودان، وقد كانت طَيبة عاصمة هذه الدولة، وتشمل هذه الفترة الأُسَر من 18 وحتى 20، كما تميّزت هذه الفترة ببناء المعابد والمقابر الرائعة، إلّا أنّ عصر الازدهار هذا قد تَبِعه عصر اضمحلالٍ امتدَّ من الأُسَر 21 وحتى 25؛ حيث حَكم مِصْرَ ملوكٌ من أصولٍ ليبيّةٍ، ونوبيّةٍ، بالإضافة إلى غزو الآشوريّين للبلاد، ومع هذا الغَزو استطاع المِصريّون تحرير بلادهم بقيادة بسماتيك الأوّل، الذي أعاد مِصْر إلى أَوجِها وأَسّس الأُسرة 26، وفيما بعد، غَزا الفُرس مِصْر في فترة حُكم الأُسَر من 27 وحتى 30، وقد كانت نهاية الفراعِنة بعد أن غَزا الإسكندر الكبير مِصْر، وطَرد الفرس منها عام 332 قبل الميلاد.
المعالم الحضاريّة الفِرعَونيّة
تُعتبَر مِصْر متحفاً مفتوحاً؛ لما تحتوي عليه من آثارٍ تاريخيّةٍ في العديد من المناطق، وهذه الآثار جَعلت من مَصْر مكاناً رئيسيّاً لتوافد السّياح إليها من مُختلف أنحاء العالم، وفي ما يأتي ذِكر لأهمّ المَعالم الأثريّة الفِرعَونيّة في مِصْر:[٣]
- أهرامات الجِيزة: هذه الأهرامات الثلاثة ( خوفو، وخفرع، ومنقرع )، هي من عجائب الدنيا السبعة القديمة، وهي أيضاً تُعتبَر إنجازاً معماريّاً يدلُّ على عظمة مِصْر والفراعِنة، وعند هذه الأهرامات يوجد تمثال أبي الهول.
- سقارة: من أهمّ المعالم الأثريّة التي تركها الفراعِنة هي سقارة، التي تحتوي على مجموعة من الأهرامات الخاصّة بملوك الأُسَر الثالثة، والخامسة، والسادسة، وأشهر هذه الأهرامات هو هرم زوسر المُدرَّج، والذي يُعتبَر أوّل هَرَم بناه الفراعِنة.
- مدينة أون: إحدى أهمّ المناطق التاريخيّة للفراعِنة، والتي تُعرَف أيضاً باسم هليوبولس أو عين الشمس، وتُعتبَر مدينة أون من العواصم القديمة، إلّا أنّه لم يبقَ منها سوى مِسَلَّة الملك سنوسرت الأوّل، والمِسَلَّةُ: عَمُودٌ أَثَرِيّ مِنَ الْحَجَرِ، طَوِيلٌ وَمُرَبَّعُ الشَّكْلِ، ورَأْسُهُ مُحَدَّدٌ.[٤]
مُلوك الفراعِنة
تعاقب على حُكم مِصْر مجموعةٌ كبيرةٌ من الفراعِنة، منهم من ساهم في نهضة الدولة المصريّة في ذلك الوقت، ومنهم من كانت فترة حُكمه فترة ضَعْف للدولة، وفي ما يأتي ذِكر لأهمّ ملوك الفراعِنة الذين حكموا مِصْر:[٢]
- مينا: هو مُوَحِّد القُطرَين (دولة الدلتا، ودولة الصعيد)، وتعود فترة حُكمه إلى الأُسْرة الأُولى.
- زوسر: اشتُهِر زوسر بقيامه ببناء أوّل هَرَم في مِصْر، وهو هَرَم زوسر المُدَرَّج في سقارة، ويعود عَهْد زوسر إلى عصر بناء الأهرامات من الأُسْرة الثالثة.
- خوفو: من ملوك الفراعِنة من الأُسْرة الرابعة، ويَعُود إليه بناء الهَرَم الأكبر في مِصْر، في منطقة الجيزة (هرم خوفو).
- خفرع: يَعُود عهد خفرع إلى عصر بناء الأهرامات، وهو من الأُسرة الرابعة، وينسب إليه بناء الهرم الثاني في الجيزة ( هرم خفرع ).
- أوناس: من ملوك الأُسرة الخامسة، ويَعود إليه بناء هَرَم أوناس الواقع في الجنوب الغربيّ من هَرَم زوسر المُدَرَّج.
- سنوسرت الأول: من ملوك الأُسرةِ الثانية عشرة، وفي عهده كانت الدولة في حالةٍ من الازدهار، والاستقرار.
- أخناتون: من الملوك الذين ازدهرت في عهدهم مِصْر، وحدثت فيها تغييراتٌ دينيّةٌ تمثَّلت في توحيد الآلهة، كما قام أخناتون بجعل تلِّ العمارنة عاصمةً للدولة بدلاً من طَيبة.
- توت عنخ آمون: من ملوك الأُسرةِ الثامنة عشرة، وقد أعاد كلَّ شيءٍ في الدولة إلى سابق عهده، بحيث لم يُبقِ على التغيِيرات التي أحدثها أخوه أخناتون فيها.
المراجع
- ↑ "Pharaoh", www.britannica.com, Retrieved 11-6-2018. Edited.
- ^ أ ب ت "العصر الفرعوني : الأسرات من 1 : 31"، www.sis.gov.eg، 30-9-2009، اطّلع عليه بتاريخ 13-6-2018. بتصرّف.
- ↑ "مصر، دليلك التاريخي-السياحي لرحلة بين أعماق الماضي ... الجزء الأول"، www.syr-res.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-6-2018. بتصرّف.
- ↑ [https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%A9/ " www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2018.