معلومات عن حادثة بئر معونة

كتابة:
معلومات عن حادثة بئر معونة

قصة بئر المعونة

وقعت هذه الحادثة في السنة الثالثة للهجرة؛ في شهر صفر على رأس ستّة وثلاثين شهراً للهجرة، وذلك لمّا قدم أبو البراء عامر بن مالك العامريّ على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعرض عليه النبي -صلوات الله عليه- الإسلام، إلا أنّه لم يُسلم، وقد طلب أبو البراء العامريّ أن يبعث النبي معهم رجالاً من المسلمين إلى أهل نجد ليدعونهم إلى الدين الإسلاميّ، متعهداً بحمايتهم؛ فوافق النبي -صلى الله عليه وسلم-.[١]

وأرسل معه سبعين رجلاً من خيرة رجال المسلمين، وأمّر عليهم المنذر بن عمرو الأنصاريّ الخزرجيّ السّاعديّ، وكان أحد النقباء الاثني عشر في بيعة العقبة الأولى. ومن الجدير بالذكر أنّ هؤلاء الرجال كانوا يُسمّون القرّاء، من سادات القوم وشرفائهم وأكثرهم علماً بكتاب الله -تعالى-، ودينه الإسلاميّ.[١]

الغدر بأصحاب النبي

خرج صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين وقع عليهم الاختيار مع أبي البراء عامر، حتى نزلوا في منطقة تسمى بئر المعونة؛ وهي منطقة تقع بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعث أصحاب النبي -صلوات الله عليه- حرام بن ملحان أخو أم سليم -رضي الله عنهما- بكتاب الله -تعالى- إلى عامر بن الطفيل أحد ألدّ أعداء الإسلام، فلم ينظر فيه وأمر بقتل حرام بن ملحان -رضي الله عنه-، فقام إليه بعض رجاله وقتله.[٢]

ولمّا سالت الدماء من هذا الصحابيّ قال: "فزت وربّ الكعبة"، وبعدها حاول عامر بن الطفيل تحريض بني عامر لقتل باقي القرّاء، إلا أنّهم رفضوا ذلك، وذكروا له تعهّد أبي البراء بحمايته وجواره لهؤلاء القوم، فذهب إلى بني سليم يحرّضهم؛ فأجابته عصية ورعل وذكوان إحدى قبائل بني سليم، وأحاطوا بالصحابة الكرام؛ فقاتلوهم حتى قتلوا جميعاً إلا الصحابيّ كعب بن زيد -رضي الله عنه- أحد رجال بني النجار، فقد وقع بين القتلى جريجاً إلا أنّه لم يمت.[٢]

علم المسلمين بغدر عامر بن الطفيل

كان صحابيان جليلان يسيران بماشية للمسلمين قرب هذه المنطقة، فعلما بوجود مصاب حصل لأصحابهما من الطير التي كانت تحوم حول القتلى، وقد كانا عمرو بن أمية الضمريّ والمنذر بن عقبة الأنصاريّ -رضي الله عنهما-، فانطلقا إلى مكان أصحابهما، فوجدا الدماء قد ملأت المكان وأصحابهما ملقين على الأرض جثثاً، فتشاورا في الأمر.[٣]

وقد اقترح عمرو بن أميّة -رضي الله عنه- أن ينطلقا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيُخبراه بما كان من غدر عامر بن الطفيل في القرّاء، ولكنّ المنذر بن عقبة -رضي الله عنه- اختار أن يستشهد مع أصحابه، فقاتل القوم حتى قُتل معهم.[٣]

ووقع عمرو بن أميّة -رضي الله عنه- أسيراً بين يدي أعداء الله، فلمّا علموا أنّه من قبيلة مضرّ أخذه عامر بن الطفيل وقصّ له شعره من مقدمة رأسه -ناصيته-، ثم أطلق سراحه، فانطلق هذا الصحابيّ إلى المدينة المنورة، ليُخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بما حدث،[٣] وبينما هو في الطريق وجد رجلين من بني عامر كان معهما عهد من النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنّه لم يكن يعلم بذلك، فنزل معهما وانتظرهما حتى ناما ثم قتلهما.[٤]

حزن النبي صلوات الله عليه

وصل خبر فاجعة بئر المعونة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فاجعة الرجيع -غدر بني لحيان-، فكان يوماً شديداً على المسلمين، حزن فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه على القراء والصحابة المغدور بهم -رضوان الله عليهم- حزناً بليغاً، حتى أنّ النبي الكريم بقي يدعو على عصية ورعل وذكوان شهراً كاملاً لغدرهم بأصحابه.[٥]

وقد ثبت في الصحيح أنّ النبي -صلوات الله عليه- قد نعى أصحابه، فقال لمن معه من المسلمين: (... إنَّ أصْحابَكُمْ قدْ أُصِيبُوا، وإنَّهُمْ قدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فقالوا: رَبَّنا أخْبِرْ عَنَّا إخْوانَنا بما رَضِينا عَنْكَ، ورَضِيتَ عَنَّا، فأخْبَرَهُمْ عنْهمْ...).[٦][٧]

أمّا ما ثبت في دعائه على القوم، فقد أخبر به أنس بن مالك -رضي الله عنه- في الصحيح الثابت، حيث قال: (دَعَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- علَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا، يَدْعُو علَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَلِحْيَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهِ وَرَسوله...).[٨][٧]

نهاية عامر بن الطفيل

وقد روى بعض المؤلفين في كتب السيرة أنّ أبا البراء العامريّ ذهب إلى عامر بن الطفيل، فضربه في رمح له جزاء له على فعلته، وغدره بمن أجارهم وحماهم، ولكنّه جُرح دون أن يموت، ثم وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليغدر به، فمنعه الله -تعالى- منه، وقد أصابته دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (... اللهمَّ اكفِني عامرًا...)،[٩] فأصيب بنوع من أنواع الطاعون الذي تُصاب به الإبل في بيت امرأة من بني سلول، وبعدها مات على فرس له في الصحراء، فكانت تأكل منه الوحوش والسباع.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب بحرق اليمني، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، صفحة 288. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن كثير، الفصول في السيرة، صفحة 155-156. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 30، جزء 33. بتصرّف.
  4. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 240، جزء 2. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 240-241، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:4093، صحيح.
  7. ^ أ ب محمد بن صامل السلمي، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر صلى الله عليه وسلم، صفحة 216-217. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:677، صحيح.
  9. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:128، فيه عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف.
4462 مشاهدة
للأعلى للسفل
×