محتويات
تقسيم دول الشمال والجنوب
الفجوة بين الشمال والجنوب هو تقسيم اجتماعي واقتصادي وسياسي للأرض شاع في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين، حيث إنّ اختلاف المستويات الاقتصادية بين الدول جعل الكثيرون ينظرون إلى العالم على أنه منقسم بين الشمال الغني والجنوب الفقير[١]، وتضم دول الشمال الدول ذات القوة مثل أمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي، وبشكل عام تسيطر دول الشمال مع ربع سكان العالم على أربعة أخماس الدخل العالمي، وعلى العكس من ذلك فإنّ الجنوب الذي يضم ثلاثة أرباع سكان العالم، يحصل على خُمس الدخل العالمي، وبغض النظر عن الموقع الجغرافي أصبحت الدول المزدهرة اقتصاديًا تسمى بالشمال، والدول التي تعاني من ضعف الاقتصاد تسمى بالجنوب[٢].
خط براندت
Brandt line هو خط وهمي يقسم بين دول الشمال ودول الجنوب، وهو يحيط بالعالم عند خط عرض 30 درجة شمالًا، ويمر بين أمريكا الشمالية والوسطى، وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، ثم يصعد شمالًا عند الصين ومنغوليا، ومن ثم ينحدر جنوبًا ليشمل أستراليا ونيوزيلندا من ضمن مناطق الشمال، وقد تم اقتراح هذا الخط من قبل المستشار الألماني الغربي السابق ويلي براندت في الثمانينات[٢]، الذي كان زعيمًا للحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني في ألمانيا وترأس أيضًا اللجنة المستقلة لقضايا التنمية الدولية، المعروفة باسم لجنة براندت، وهي لجنة مستقلة مرموقة درست السياسات الاقتصادية العالمية، وبعد العديد من الدراسات قدم هذا الاقتراح، فسمي هذا الخط الفاصل باسمه[٣].
في هذا الصدد أيضًا، ارتبط اسم الشمال مع العالم الغربي ودول العالم الأول بالإضافة إلى جزء كبير من العالم الثاني، في حين أنّ دول الجنوب ارتبط مع دول العالم الثالث والعالم الشرقي، وعلى الرغم من أنّ أمريكا اللاتينية التي تعتبر واحدة من دول الجنوب إلا إنها لا تعتبر شرقية، لكن دائمًا الوضع الاقتصادي هو سيد الموقف، وقد يكون هناك اعتبارات أخرى بالتصنيف مثل الديمقراطية والحرية السياسية والاقتصادية، والمساواة في توزيع الدخل، وغالبًا ما تكون دول الشمال الأكثر ثراءً، وهي التي تقوم بتصدير المنتجات المتقدمة والتكنولوجيا[٢].
دول الجنوب
دول الجنوب هي الدول النامية والتي تعد من الدول الأفقر اقتصاديًا، ويستخدم البنك الدولي هذا المصطلح للإشارة إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول آسيا النامية ومن ضمنها الشرق الأوسط، والبرازيل والصين والهند وإندونيسيا، وبالإضافة إلى المستوى الإقتصادي المنخفض ومستوى الحريات المتدني، فإنه غالبًا ما يكون لهذه الدول تاريخ استعماري من قبل دول الشمال، لكن بعض الدول مثل الصين وإندونيسيا والهند والبرازيل تتمتع بأكبر اقتصادات بين دول الجنوب، وهذا المصطلح استُخدم في الستينات من قبل كارل أوغليسبي حيث استَخدم تعبير "الهيمنة الشمالية على الجنوب العالمي"، واستُخدم مصطلح دول الجنوب كبديل عن مصطلح دول العالم الثالث أو الدول النامية باعتباره أقل عنصرية وطبقية، حيث كان هناك العديد الأوراق النقاشية والأبحاث التي ناقشت هذه التسمية، وجادل البعض منتقدًا مصطلح دول الجنوب، حيث اعتبروه مصطلحًا مبطنًا[٤].
أما جغرافيًا فلا تزال الحدود الجغرافية لدول الجنوب مصدرًا للنقاش، ويوافق النقاد أمثال أندريا هولينجتون وأوليفر تابي بأن المصطلح ليس مفهومًا ثابتًا وجامدًا أو غير قابل للتغيير، وقد اعتبر أخرون أنه لا يجوز تجميع مجموعة كبيرة ومتنوعة من البلدان والمناطق في فئة واحدة، لأن هذا يؤدي إلى طمس بعض العلاقات وتحديدًا التاريخية منها، فهذا قد يؤدي إلى اختلال العلاقات، وأيضًا من مساوئ هذا التقسيم أنه قد يلغي وجود فروقات في المستوى الإقتصادي المتواجد في البلد الواحد، وبالتالي يلغي وجود التشابه بين الطبقة الغنية في دول الجنوب مع الطبقة الغنية في دول الشمال، وبهذا فالمصطلح ليس جغرافيًا تمامًا، ولا يمثل صورة للعالم مقسومًا على خط الاستواء[٤].
الوضع السياسي في دول الجنوب
بشكل عام لم تحصل دول الجنوب على حق تقرير المصير إلا بعد النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تم حكمهم قبل ذلك من قبل قوات أوروبية إمبريالية، وحين انتهاء الاستعمار تنوعت الأنظمة السياسية في دول الجنوب، لكن معظم دول الجنوب أنشأت شكلًا من أشكال الحكومات الديمقراطية بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، بدرجات متفاوتة من النجاح والحرية السياسية، وتكونت بعض السياسات التي لا تدعم الحرية في بعضها وذلك حسب مؤشرات الديمقراطية، حيث خضعت لسيطرة الحكومة الأوليغارشية، وغالبًا ما كان إنشاء دولة ديمقراطية سليمة يواجه تحديًا واسعًا بسبب الفساد والمحسوبية المنتشرة على نطاق واسع في الدولة، وأيضًا ضعف الثقة والمشاركة في العملية الديموقراطية، وفيما بعد وبشكل مفاجئ أُدخلت بعض شعوب دول الجنوب في الأنظمة الديمقراطية أكثر من بعض دول الشمال، وتمت هذه العملية بجهود حكومية وغير حكومية عن طريق تشجيع الناس بالممشاركة بالعملية الديمقراطية[٤].
الوضع الاقتصادي في دول الجنوب
بعد الاستقلال وإنهاء الاستعمار في القرن العشرين، كانت هذه الدول بحاجة ماسة إلى بنية تحتية وصناعة وتحسين اقتصادي، واعتمدت دول الجنوب على الاستثمار الأجنبي، وركز هذا التمويل على تحسين البنية التحتية والصناعة، لكنه أدى في بعض الأحيان إلى الاستغلال المنهجي، حيث تصدر دول الجنوب المواد الخام لدول الشمال ليصنعوا بعض الأرباح، ومن ثم تقوم دول الشمال بتصنيع منتجات من مواد الخام هذه وتقوم ببيعها مرة أخرى لدول الجنوب بسعر أعلى، وقامت دول الشمال بتشغيل الأيدي العاملة من دول الجنوب بسبب قلة أجورهم، وهكذا استفاد الغرب بشكل كبير من هذا النظام، لكنه ترك دول الجنوب ضمن الدول النامية، وهذا النظام يسمى أحيانًا بالاستعمار الجديد، وهذا يعني وجود نظام تستفيد فيه الدول المتقدمة من الدول النامية، وهذا لا يعني الاستعمار بالمعنى الحقيقي والعسكري، إلا إنه يعني الاستغلال الشبيه بالاستعمار[٤].
تم إنشاء العديد من المنظمات لوضع حد لهذا النظام مثل النظام الاقتصادي الدولي الجديد، حيث يتبعون سياسة " بدون قيود" التي تشجع البلدان النامية على أن تصبح مكتفية ذاتيًا، ويدافعون عن حق دول الجنوب بالسيادة على مواردهم الطبيعية وعملية التصنيع، وتشمل القضايا التي تناقشها دول الجنوب العولمة والحوكمة الصحية العالمية والوقاية، بينما دول الشمال تناقش قضايا مثل الابتكارات في العلوم والتكنولوجيا، وكثيرًا ما تضغط تحالفات دول الجنوب مثل تحالف NIEO من أجل المساواة في المسرح العالمي، لكن صعود الصين اقتصاديًا وسياسيًا بشكل هائل قد يغير الموازين[٤].
المراجع
- ↑ "North-South Models", www.encyclopedia.com, Retrieved 19-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت "North–South divide", www.wikiwand.com, Retrieved 19-12-2019. Edited.
- ↑ "Willy-Brandt", www.britannica.com, Retrieved 19-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "Global South", www.wikiwand.com, Retrieved 19-12-2019. Edited.