دولة قتبان
تُعّد مملكة قتبان واحدة من الممالك اليمنية القديمة، وتتخذ من مدينة تمنع عاصمةً لها، وتشير النقوش القديمة وخاصةً نقش النصر إلى أن حدود الدولة كانت تمتد من الشرق حيث وادي بيحان وصولاً إلى الغرب حيث البحر الأحمر، ثمّ شمالاً إلى ذمار، ونحو الجنوب حيث البحر العربي. وتحتضن حدود مملكة قتبان مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة فوق الطريق الاستراتيجي الذي تسكله القوافل، في الأجزاء الجنوبية والجنوبية الغربية من أراضي مملكة سبأ، وتعتبر أراضي مملكة أوسان حداً فاصلاً بين أراضيها وشواطئ المحيط الهندي.
يذكر بأنّ القتبانيين كانوا مبدعين في عدد من مجالات الحياة، من بينها العمارة وخاصة فيما يتعلق ببناء المدن والطرق والمنشآت العامة، إذ تشير بعض النقوش إلى أن القتبانيين قد شقوا طريقاً جبلياً صاعداً إلى مناطقهم لتتصل بالمناطق السبئية لتسهيل سير القوافل التجارية، كما دلّت أيضاً المباني والمعابد المُنشأة فيها على دقة العمل ومهارته.
تاريخ قتبان
يوضح نقش النصر بأنّ المملكة كانت حليفاً لمملكة سبأ في الحرب ضد مملكتي أوسان وعدن وكل المناطق التاريخية التي كانت متقدمة اقتصادياً، وتمكنت حينها مملكة قتبان من فرض سيطرتها على مختلف أنحاء منطقة أوسان بعد سقوطها، كما تشير المعلومات إلى أنّ المملكة قد دمرت ما يفوق 300 مدينة تابعة لحضرموت خلال إحدى الحروب مع مملكة حضرموت.
كما أنّ المؤرخين اختلفوا في التوصل إلى تاريخٍ معين لظهور دولة قتبان سياسياً، ورجحوا بأن يكون خلال الفترة ما بين منتصف القرن التاسع والقرن السابع قبل الميلاد، إلّا أنّه من المؤكد أن تكون هذه الدولة قد استمر وجودها حتّى حلول منتصف القرن الأول قبل الميلاد، وكانت هذه الدولة قد مرت بعدة مراحل ما بين قوة وضعف وتبدل في الألقاب الملكية.
عاشت المملكة خلال الفترة ما بين 350- 50 قبل الميلاد عصراً ذهبياً، حيث تشير نصوص النقوش إلى أنّ قتبان كانت من أكثر الممالك اليمنية أهمية في تلك الفترة، وظهر ذلك من خلال قدرتها على فرض سيطرتها على معين وسبأ، إلّا أنّ المنطقة قد تعرّضت لهجوم أدى إلى دمارها وحرقها، فانتقلت العاصمة من تمنع إلى الجنوب حيث ذو غيل.
نظام الحكم في قتبان
خضعت مملكة قتبان لنظام حكم وراثي، حيث ينتقل حكم البلاد إلى الابن بمجرد وفاة أبيه، أو إلى أخيه في حال عدم وجود وريثٍ ابن للعرش، إلّا أنّ هناك حالات استثنائية كان ولي العهد يشترك مع الملك في الحكم، فيصدر الأمر باسم الحاكم وولي عهده معاً. وبالرغم من اتباع نظام حكم وراثي؛ إلّا أنّ الملك كان يستند إلى مجلس يعرف بالمسود للمشاركة في الحكم، وكان يتمثل دور المجلس في رسم سياسة الدولة، وقد أظهرت النقوش التاريخية للمنطقة أهمية هذا المجلس على التشريعات.