معلومات عن علم الكلام

كتابة:
معلومات عن علم الكلام

الفلسفة الإسلامية

عَرف التاريخ الفلسفة الإسلامية الدينية روحية، التي تدرس المشكلات التقليدية الكبرى، كالألوهية والإنسان والعالم، وتعدّ هذه الفلسفة إسلاميّة لأنها قامت في وسط البيئة الإسلامية، والحضارة الإسلامية، وكانت مشكلاتها مأخوذة من قلب التاريخ الإسلامي وكتب التاريخ الإسلامي، ومن حاجات لطيقة بالمسلمين، وقد نشطت الفلسفة الإسلامية في القرن الواحد الهجري، بعد ظهور العلوم الفكرية، والفرق الكلامية، والمعتزلة، ونشطت الدراسات الكلامية، وكان من أبرز العلوم التي أخذت منها الفلسفة الإسلامية هو علم الكلام[١]، الذي ما زالت دراساته قائمة إلى الآن. ولأهميته، فإن هذا المقال سيتناول الحديث في معلومات عن علم الكلام.

علم الكلام

كان علم الكلام من أهم العلوم التي جَرَت دراساتها في التاريخ الإسلامي، وقام بدراسته عدد من المؤرخين والفلاسفة، فها هو ابن خلدون يعرفه بأنه: "علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة، وسرّ هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد". ويعرفه عضد الدين الإيجي بأنه "علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية، وإبراز الحجج، ودفع الشبه". وقد تطرّق الفارابي أيضًا إلى تعريفه في كتابه "إحصاء العلوم"، وعرّفه بأنه" "صناعة الكلام ملكة يقتدر بها الإنسان على نصرة الآراء والأفعال المحدودة التي صرح بها واضع الملة، وتزييف كل ما خالفها بالأقاويل".[٢]

ومن بين التعريفات الأخرى التي حظي بها علم الكلام، كانت تعريفات العلوم المهتمّة في الإلهيات، فعرّف الشريف الجرجاني علم الكلام بأنه: "علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام". أما الموضوعات التي يتناولها هذا العلم ويعالجها، فهي قضايا تهم الإنسان ودينه، وهي: قضية الألوهية، وقضية الجزاء في اليوم الآخر، وقضية الرسالة، وغير ذلك؛ وذلك لأن علم الكلام، هو ذاته علم أصول الدين، أم باسم آخر هو علم التوحيد والصفات، فهي ثلاثة أسماء مترادفة لمسمى واحد، وسُمِّي علم الكلام بعلم التوحيد؛ لأن قضية الوحدانية أشهر قضاياه، وسمي بعلم أصول الدين؛ لأنه بني على الدين.[٢]

ويعدّ موضوع "كلام الله" من أكثر مباحث علم الكلام شهرة، ونزاعا بين الباحثين، وعليه قيل أن هذا العلم تسمي بهذا الاسم، وقد قال سعد الدين التفتازاني في أسباب تسميته بهذا الاسم: "لأن عنوان مباحثه كان قولهم: الكلام في كذا وكذا؛ ولأن مسألة الكلام كان أشهر مباحثه وأكثرها نزاعًا وجدالًا، حتى إن بعض المتغلبة قتل كثيرًا من أهل الحق؛ لعدم قولهم بخلق القرآن". كما رأى الشهرستاني أن سبب تسميته بهذا الاسم في كتابه "الملل والنحل": "إما لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكلام، فسمي النوع باسمها، وإما لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فنًا من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلام مترادفان"، وأيّا كان سبب تسميته، إلا أن الراجح هو أنه سمي بعلم الكلام لخوضه في كلام الله تحديدًا.[٢]

وعلى الرّغم من أنّ علم الكلام من العلوم الفلسفية، التي ظهرت في الوقت الذي كان فيه المنطق اليوناني رائجًا، إلا أن علم الكلام حتى القرن الخامس الهجري لم يتأثر بالمنطق اليوناني، وهذا ما أكّده ابن تيمية في كتابه الرد على المنطقيين حين قال: "ولم يكن أحدٌ من نظَّار المسلمين يلتفتُ إلى طريقتهم، بل المعتزلة والأشعرية والكرامية والشيعة وسائر طوائف النظر، كانوا يَعيبُونها ويثبتون فسادها، وأول مَن خلط منطقهم بأصول المسلمين أبو حامد الغزالي، وتكلَّم فيه علماء المسلمين بما يطول ذِكرُه".[٣]

منهج علم الكلام وطريقته

يقوم علم الكلام عند المتكلمين على عدد من الأسس والسمات التي تتلخص في نظرتهم للعقل والنقل ووجوب النظر، وأيضا منزلة العقل في القرآن الكريم، وقد حرص المتكلمون على عدم التعارض بين العقل والنقل، وجعلوا العقل مهمًا في المعرفة الدينية وفلا تقتصر المعرفة على النقل وحده. وقد دافع المتكلمون عن النظر بوصفه أحد مصادر المعرفة وأهمها، ضد المنكرين له، فكان السمنية يقتصرون على الحس، بينما ذهبت السفسطائية إلى التشكيك في المعرفة العقلية، وذهب الحشوية إلى استخدام العقل في الدين متجاوزين ظواهر النصوص. ومع كل هذا ذهب المتكلمون إلى وجوب النظر، بغض النظر عن مصدر وجوبه أهو الشرع أم العقل.[٤]

ولأنّ النظر واجب عند المتكلمين، ولا تعارض بينه وبين النقل، فقد أمام المتكلمون أدلتهم على أساس العقل والنقل، حتى صارت إقامة الدليل ركنا أساسيا من منهجهم؛ فالحق لا يُنال إلا بالدليل وإقامة الحجة، وعن طريق الحجة والدليل لما يراد إثباته أو نقضه يعرف الحق ويتوصل إليه. ولقد قسم عضد الدين الإيجي الدليل إلى ثلاثة أقسام: فهو دليل عقلي محض لا يقتصر على السمع ومقدماته عقلية محضة، كأن يقال أن العالم متغير، وكل متغير حادث. ومن ثم هناك دليل نقلي محض، لا يثبت إلا بالعقل، ويكون بالنظر في المعجزة الدالة على صدقه، وإثبات الدليل بالنقل يحتاج دورانًا وتسلسل، ومقدماته نقلية، كأن يقال: تارك المأمور به عاص، لقوله تعالى: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}،[٥] فكل عاصي يستحق العقاب لقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}.[٦][٤]

أما الدليل الثالث في علم الكلام، فهو دليل مركب من السابقين، فتكون مقدماته مأخوذة من العقل و بعضها مأخوذة من النقل. وقد أشار الإيجي إلى أن هناك من القضايا لا يمكن إثباتها إلا بالنقل، لغيابها عن العقل والحس معُا، ويستحيل معرفة وجودها إلا بقول صادق، ومنها أحوال الجنة والنار والثواب والعقاب، فهي تعرف بأخبار الأنبياء، ومما لا يعرف بالدليل العقلي حدوث العالم ووجود الخالق قبل ورود السمع، ومنه ما يعرف بكل واحدة من الطريقتين كخلق الأفعال ورؤية الله تعالى.[٤]

الفرق الكلامية

عند البحث عن معلومات عن علم الكلام، يجد الباحث أنّ هناك العديد من الفرق الكلامية التي خاضت في علم الكلام، منها فرق كلامية سنية تنتمي لمذهب أهل السنة والجماعة هي: الكلابية، والأشاعرة والماتريدية من متكلمي أهل الرأي، والظاهرية من متكلمي أهل الحديث الذين يمثلون مع الحنابلة النزعة النصية، وتعدّ الظاهرية هي النقيض التام للنزعة الباطنية التي ظهرت عند الشيعة وبخاصة الإسماعيلية، وعند صوفية أهل السنة. وهناك أيضًا فرق كلامية غير سنيّة، وهم الشيعة، والقدرية، والخوارج، والجبرية، والمرجئة، والجهمية، والمعتزلة، والكرامية.[٤]

كتب كلامية سنية

كَتَبَ في علم الكلام كلٌّ من السنة والشيعة والمعتزلة، كما كتب فيه العديد من ناقديه، وهناك عدد لا يحصى من الكتب التي تناولت علم الكلام، وفيما يأتي عرض موجز لثلاثة منها:[٤]

رسالة استحسان الخوض في علم الكلام

وتسمى أيضًا "برسالة في الرد على من ظن أن الاشتغال بالكلام بدعة" وهي من تأليف الإمام أبي الحسن الأشعري، الذي دافع فيها عن علم الكلام ضد القائلين بتحريمه، وهي تمثل الجانب العقلي عند الأشعري مع كتاب "اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع"، والرسالة مروية بالإسناد، وترد علم الزاعمين بأن الاشتغال بعلم الكلام والمصطلحات الحديثة فيه هي بدعة في الإسلام لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.[٧]

الرسالة القدسية في قواعد العقائد

وهي من تأليف الإمام أبي حامد الغزالي الطوسي 505 هـ، وهي جزء من كتاب "إحياء علوم الدين"، إلّا أنها كتبت على حدة، ومن شروحاتِها: شرح قواعد العقائد للغزاليّ لركن الدين الحسن بن رضي الدين محمد بن شرفشاه الحسيني الأستراباذي المتوَفّى سنة 715 هـ، وكتاب بعنوان اغتنام الفوائد في شرح قواعد العقائد لأحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى بن زروق الفاسي البرنسي المتوفّى سنة 899 هـ، وشرح بعنوان شرح قواعد العقائد لمحمّد أمين بن صدر الدين الشيرواني الحنفي المتوفى سنة 1036 هـ.[٨]

تلبيس إبليس

وهو كتاب للإمام ابن الجوزي القرشي، قُسم الكتاب إلى ثلاثة عشر بابًا، أما أقسام الكتاب بالترتيب فهي: الأمر بلزوم السنة والجماعة، فِي ذمّ البدع والمبتدعين، وفِي التحذير من فتن إبليس ومكايده، وفِي معنى التلبيس والغرور، وفِي ذكر تلبيسه فِي العقائد والديانات، وفِي ذكر تلبيس إبليس عَلَى العلماء فِي فنون العلم، وفِي تلبيس إبليس عَلَى الولاة والسلاطين، وذكر تلبيس إبليس عَلَى العباد فِي العبادات، وفِي ذكر تلبيس إبليس عَلَى الزهّاد والعباد، وفِي ذكر تلبيسه عَلَى الصوفية من جملة الزهاد، وفِي ذكر تلبيس إبليس عَلَى المتدينين بما يشبه الكرامات، وفي ذكر تلبيس إبليس عَلَى العوام، وفِي ذكر تلبيس إبليس عَلَى الكل بتطويل الأمل.[٩]

المراجع

  1. "خصائص الفلسفة الإسلامية"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "علم الكلام"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 06-11-2019. بتصرّف.
  3. "منهج علم الكلام حتى القرن الخامس الهجري"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج "علم الكلام"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
  5. سورة طه، آية: 93.
  6. سورة الجن، آية: 23.
  7. "رسالة استحسان الخوض في علم الكلام"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
  8. "قواعد العقائد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
  9. "تلبيس إبليس (ابن الجوزي)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
6240 مشاهدة
للأعلى للسفل
×