الأنصار
هم قبائل الأوس والخزرج، وهما قبيلتان قحطانيتان رحلتا من مملكة سبأ واستوطنتا في يثرب، وبعد وصول الدعوة الإسلامية كانت عشيرتا الأوس والخزرج أول من أسلم، وقد هاجر -النبيُّ صلى الله عليه وسلم- إليهم وتوحّدت القبيلتان وباتوا يُعرفون باسم الأنصار، واتّصف الأنصار بالنبل والكرم، فكانوا أول حضن للرسول الكريم والدعوة الإسلامية، ودافعوا وجاهدوا في سبيل هذا الدين، وكانوا بذلك من جهز البيئة الملائمة واللبنة الأساسية التي بُنيت عليها الدولة الإسلامية، ودافعوا عن الإسلام بأنفسهم وأموالهم وديارهم وأخلصوا بولائهم لهذا الدّيْن، فكان الأنصار هم أصحابُ البيعتين اللتين عاهدوا فيهما رسول الله على أن يحموه ويمنعوه، وسيتحدث هذا المقال عن أحد الأنصار وه وكعب بن مالك.[١]
كعب بن مالك
هو كعب بن مالك الأنصاري السلمي، كُنيّ بالجاهلية بأبي بشير، ولد سنة 26 قبل الهجرة، وكان شاعرًا ولُقب بشاعر الإسلام والشاعر المدني، أمّه ليلى بنت زيد بن ثعلبة من بني سلمة، وقد أسلم وكان من السبعين الذين شهدوا العقبة لكنّه لم يشهد معركة بدر، وكان كعب صاحب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وشاعره وروى ثلاثين حديثًا، وكان كعب من أهل الصفّة وفقد بصره في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقد آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين طلحة بن عبيد الله بعد الهجرة، وشارك كعب في معركة أحد وقاتل قتالًا شديدًا حتّى جُرح سبعة عشر جرحًا، وتوفي كعب سنة واحد وخمسين للهجرة.[٢]
تخلّف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجيشه إلى تبوك، فأراد كعبٌ أن يخرج للسوق فيشتري جهازه ثم يلحق بجيش النبيّ إلى تبوك، ورجع من السوق على أن يعود في اليوم التالي، ولم يزل كذلك حتى التبس به الذنب وتخلى عن الخروج في حين لم يتخلف عن جيش النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا بضعة وثمانين رجلًا منهم الضعيف والمريض، ولما وصل الرسول -صلى الله عليه وسلم- سأل عن كعب بن مالك فأجابه رجل من قوم كعب: خلفه يا نبي الله برداه والنظر في عطفيه، فتعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- مما قال الرجل وظن الخير، ولما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كعبًا تبسَّم تبسُّم الغاضب وسأله عن سبب تخلفه فأجابه كعب: "والله لو بين يدي أحد غيرك جلست، لخرجت من سخطه بعذر، لقد أوتيت جدلًا، ولكن قد علمت يا نبي الله أني أخبرك اليوم بقولٍ تجدّ علي فيه وهو حقّ، فإني أرجوا فيه عقبى الله، والله ما كنتُ يارسول الله أيسر ولا أخف حاذا مني حين تخلفت عنك".[٢]
فقال له الرسول : "أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك"،[٣] ونهى رسول الله عن أن يكلم الناس كعبًا والذين تخلفوا معه، فتنكر لهم الناس، وأحسّوا أنّ الدنيا ضاقت بهم، فكان كعب وصاحبيه يبكون الليل والنهار ندمًا، وأرسل ملك غسان النصراني رسالة إلى كعب يقول فيها: "أما بعد، فإنّه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك، ولست بدار مضيعة ولا هوان، فالحقْ بنا نواسك"، فأحرق كعب الرسالة، وسمع كعب صوتًا يناديه أبشر يا كعب، فخرَّ كعب بن مالك ساجدًا، وانطلق كعب إلى النبيّ وهو في المسجد وحوله المسلمون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك"،[٣]وتلا عليه النبيُّ الأية التي نزلت بكعب وصاحبيه وبشرّه بتوبة الله تعالى عليهم.[٢]
المراجع
- ↑ "من مواقف الشهود الحضاري للأنصار"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 03-01-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "كعب بن مالك"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 03-01-20200. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3370، أخرجه في صحيحه.