معلومات عن نظرية العزو السببي

كتابة:
معلومات عن نظرية العزو السببي

مفهوم نظرية العزو السببي

كيف تساعد نظريّة العزو في تفسير الأحداث وفَهمها؟

تمّ تأسيس نظرية العزو السببي لِتفسّر الصفات السببية، وسبب حصول الأحداث والسلوكيات، والتمييز الذي يقوم به الأفراد عادةً بين صفات السلوك، والتي تشير إلى كل ما يتعلق بالشخص الذي تسبّب في الحدث، أو الصفات الظرفية، والتي تشير إلى كل ما يتعلق بالبيئة التي تسبب في الحدث، وهناك نوعان من نظريات العزو السببي، هما: نظريات العزو الكلاسيكية -نظرية الإسناد-، ونماذج العملية المزدوجة المعاصرة لإدراك الشخص. تُقدّم نظرية العزو السببي مفهوم التحيزات العامة، مثل: التحيز في المراسلات، وتأثير المراقب، والصفات الذاتية، وتصف الظروف التي يتم بموجبها تحفيز الأفراد، والقدرة على تصحيح مثل هذه التحيزات، والفروق الفردية والثقافية في العزو التي تؤخذ بعين الاعتبار، وأخيرًا، تناقش النظرية آثار الصفات الفردية على الدوافع والصحة النفسية والأداء الأكاديمي والرضا الزوجي، وطوّر هذه النظرية فريتز هايدر، وهارولد كيلي، وبيرنارد فاينز، حتى تستكشف كيف يمكن للأفراد أن يتصوروا أسباب الأحداث وكيف يؤثر هذا التصور المعرفيّ أن يفيدهم أو أن يضرّهم.[١]

تاريخ نظرية العزو السببي

هل يمكن التنبّؤ بنوايا الآخرين وميولاتهم الشخصيّة؟

نظريّة الإسناد، لها أصلُها وتأثيرها في مجال علم النفس الاجتماعي، ويعترف نهج الإسناد العام بأنّ البشر يحاولون فَهم البيئة، وأنفسهم، وأن هذا النشاط صنع المعنى، مثل: التفسيرات، وإيجاد المعنى، وخلق القصص، ورفض الواقع، وهو جزء لا يتجزّأ من الظواهر الاجتماعية التي تعدّ قيدَ البحث، وأسهم فريتز هايدر، وإدوارد إي جونز، وكيث ديفيس، وهارولد كيلي، ولاحقًا برنارد وينر، في بحث ودراسة هذه المفاهيم التي تتعلق بنظرية العزو السببي، وبعد ذلك طوّر فريتز هايدر، وأجرى عملًا تكوينيًا حول التطبيق العملي للعلاقات الشخصية أو الاجتماعية، من حيث صلتها بنظرية العزو السببي، وكان هايدر أول من كتب عن نظرية الإسناد في كتابه "علم نفس العلاقات بين الأشخاص" في عام 1958، وبعد ذلك استنتجت أبحاث هايدر، عن طبيعة العلاقة بين افراد المجتمع والمجتمعات الاخرى، وناقش كتابه مفاهيم عن الفطرة السليمة، أو علم النفس البديهي.[٢]

ويعتقد هايدر أن السلوكيات يتم تناولها بمبررات في كيفية ملاحظة الناس للسلوك وفحصه وتصنيفه، ويفترض أن الأفراد يشاركون بانتظام في عمليات العزو، من أجل فهم الأحداث فيها، ويعتقد علم نفس البدهيّ، أن الناس يتصرفون على أساس معتقداتهم، مثل المعتقدات الدينية والاجتماعية والذاتية، لذلك، يجب أن تؤخذ المعتقدات في الاعتبار إذا كان علماء النفس سيأخذون في الحسبان السلوك البشري، وسيكون هذا صحيحًا سواء كانت المعتقدات صحيحة أم لا. بعدها لعب فريتز هايدر دورًا حيويًا في تأسيس نظرية العزو ومعناها، ومهد عمله الطريق لباحثين آخرين لمتابعة البحث في مجال الدراسة هذا.

وفي عام 1965، نشر إدوارد إي جونز، وكيث ديفيس، مقالًا بعنوان "من الأفعال إلى السلوكيات" ويركز على نظرية الاستدلال المراسل، وقد وصفت نظرية الاستدلال المراسل تفسيرات لكيفية الإدراك للمنبهات، وكيف يمكن أن يستدل على نوايا الآخرين وميولهم الشخصية، مثل: سمات الشخصية، والمواقف، وما إلى ذلك من سلوكيات، وبعد ذلك يتم القيام باستنتاجات مماثلة، عندما يستنتجون التصرفات الشخصية لشخص آخر مباشرة من السلوك، على سبيل المثال، قد يستنتج المدركون التصرف اللطيف من عمل لطيف، وتكون الاستدلالات متطابقة عندما يمكن تعيين تسميات مماثلة للسلوك والتصرّف.[٣]

نظرية هايدر

وفقًا لهايدر، كيف يفهم النّاس سلوك بعضهم البعض؟

ناقش هايدر كيف يفهم الناس السلوك البشري، وكيف يبحثون عن أسباب السلوك، وأشار أن لدى الناس مفهومين متميزين للسببية، فهم يصنفون السلوكيات البشرية الهادفة تحت نموذج السببية الشخصية، والتي بموجبها يعتمد السلوك على النية لدى الفاعل، والتي يمكن عزوها إلى أسباب مختلفة، وهذا التفسير يختلف تمامًا عن النموذج الثاني، والذي سماه السببية غير الشخصية، وينطبق هذا التفسير على أي سلوك غير مقصود، وعلى وجميع الأحداث المادية الأخرى، وهذه الأحداث ناتجة عن قوى سببية لا تنطوي على أسباب، أو نوايا ذاتية، وإن تفسير هايدر هو أن السلوك البشري يعتمد على التمييز الأساسي بين الأحداث المقصودة وغير المقصودة، وكذلك التمييز الذي ينشأ مبكرًا في الطفولة، وبعض المفاهيم الرئيسة الأخرى.[٤]

ونظرية هايدر تحاول تفسير وتحليل البنية المفاهيمية المعقّدة في مرحلة البلوغ، واحتوت النظرية على بعض من المفاهيم التي لها تأثير كبير على الإدراك الاجتماعي البشري، مثل المفهوم الشعبي للقصد، وبعد عمله المبكر حول إدراك الأشياء، تحوّل هايدر إلى مجال تاثير التفاعلات الاجتماعية على الادراك، متسائلًا كيف ينظر الناس إلى بعضهم البعض في التفاعل، وخاصة كيف يفهمون سلوك بعضهم البعض، اقترح هايدر أن عملية العزو تتضمن إدراك الشخص أيضًا، لكنه أشار أن إدراك الشخص أكثر تعقيدًا من إدراك الكائنات الأخرى.[٥]

نظرية كيلي

نموذج التباين الخاص بهارولد كيلي، هو نموذج مركزي ضمن نظرية العزو، وهو مجال من علم النفس الاجتماعي، يهتم في التحليل العلمي لنفسيات الأشخاص العاديين، ويفترض كيلي أن جميع الأفراد يريدون فهم الأحداث وشرحها، على سبيل المثال، قد يسأل الأفراد: لماذا نجح شخص ما في هذه المَهمة، أو لماذا أحب هذا الشخص فيلمًا معينًا، والإجابات على مثل هذه الأسئلة تسمّى الإحالات السببية، والتي يشرحها نموذج كيلي، ويصف كيفية وصول الأشخاص العاديين إلى مثل هذه السمات، ومن ثم فهي نظرية علمية حول البديهيات. [٦]

وتتكوّن التفسيرات من التأثيرات المراد شرحها -على سبيل المثال: النجاح في مَهمّة، أو الإعجاب بفيلم- والأسباب التي تُستخدم كتفسيرات -على سبيل المثال: لأنّه يمتلك قدرة عالية على التركيز، أو بسبب جودة الفيلم- وينطبق نموذج كيلي على جميع أنواع التأثيرات النفسية التي يشرحها الأشخاص، مثل حالاتهم الانفعالية، وما يمكن تطبيقه على الإدراك الذاتي، على سبيل المثال: لماذا فشل الشخص الفلاني في فعل معين، بالإضافة إلى التصورات الأخرى، مثلاً: هل فشل الشخص الفلاني في فعل معيّن.[٦]

نظرية واينر

كيف طوّر واينر نظريّة العزو السببيّ؟

طور واينر إطارًا نظريًا، أصبح مؤثرًا جدًا في علم النفس الاجتماعي، وتفترض نظرية العزو لواينر أن الناس يحاولون تحديد سبب قيام الآخرين بما يفعلونه، أي تفسير الأسباب لحدث ما، أو لسلوك معين، وطور واينر نظريته عن طريق ملاحظة السلوك، وكيفية تحديد السلوك المتصور على أنه سلوك متعمد، ويُعزى إلى أسباب داخلية أو خارجية، ووفقًا له، فإن أهم العوامل التي تؤثر على سمات الشخصية هي القدرة والجهد وصعوبة المهمة والحظ، ويتم تصنيف السمات على أساس أبعاد سببية، وهي [٤]

  • موضع التحكم، والاستقرار: وتشمل، هل يحدث التغيير بمرور الوقت أم لا يحدث.
  • قابلية التحكم: مثلًا، الأسباب التي يمكن للمرء التحكم فيها مثل المهارات، مقابل الأسباب التي لا يمكن التحكم فيها مثل الحظ.
  • العزو في تفسير الأفعال: مثلًا، متى ما ينجح المرء فإنه يصف النجاح بصفات داخلية، تشمل على سبيل المثال: المهارات الخاصة، أما عندما ينجح أحد المنافسين، يميل المرء إلى وضع علّة، وسبب غير المهارات الخاصة، مثل الحظ،
  • عزو الفشل: عندما يفشل المرء أو يرتكب أخطاء، فمن المرجح أن يستخدم العزو الخارجي، ويعزو الفشل إلى عوامل ظرفية بدلًا من إلقاء اللوم على نفسه، وكذلك عندما يفشل الآخرون أو يرتكبون أخطاء، فغالبًا ما يتم استخدام العزو الداخلي، قائلًا: إن ذلك يرجع إلى عوامل شخصيّتهم الداخلية.

وقسّم واينر نظرية العزو إلى ثلاث مراحل، وكلّ مرحلة تنقسم إلى ثلاث مراحل أخرى، وهي: ملاحظة السلوك، وتحديد السلوك على أنه متعمد، وعزو السلوك إلى أسباب داخلية أو خارجية، ويمكن أن يعزى الإنجاز إلى: الجهد والقدرة ومستوى صعوبة المهمة والأبعاد السببية للسلوك، وهي: موضع السيطرة، والاستقرار، والقدرة على التحكم.[٢]

انحيازات نظرية العزو السببي

في علم النفس، يعدّ تحيز العزو تحيزًا معرفيًا يشير إلى الأخطاء المنهجية التي يرتكبها الناس عندما يحاولون إيجاد أسباب سلوكيّاتهم، وسلوكيّات الآخرين، ويقوم الناس باستمرار بإعطاء إشارات تتعلق بالسبب في سلوكهم وسلوكيات الآخرين، ومع ذلك، فإن العزو لا يعكس الواقع بدقة دائمًا، وبدلًا من العمل كمدركين موضوعيّين، يكون الناس عرضة للأخطاء الإدراكية التي تؤدي إلى تفسيرات متحيزة لعالمهم الاجتماعي، وتمت مناقشة تحيزات العزو لأول مرة في الخمسينيات، والستينيات، من قبل علماء النفس مثل فريتز هايدر، الذي درس نظرية الإسناد.[٧]

وقام علماء نفس آخرون، بتوسيع عمل نظرية العزو المبكر من خلال تحديد الظروف التي يكون فيها الناس أكثر أو أقل احتمالًا للقيام بأنواع مختلفة من العزو، وبعد ظهور الدراسة العامة لنظرية العزو، ابتكر لي روس، عالم النفس الشهير، مصطلح انحيازات العزو السببي، وكان هذا بعد تجربة قام بها روس وإد جونز، وكُتب عنها في بحث نُشر عام 1977، في هذه الورقة، يناقشون بأن خطأ العزو الأساسي يشكل واحدًا من أسس مجال علم النفس الاجتماعي، وفيه يعد تحيز العزو أو التحيز الإسنادي تحيزًا معرفيًا يشير إلى الأخطاء المنهجية التي يرتكبها الناس عندما يقيمون أو يحاولون إيجاد أسباب لسلوكياتهم وسلوكيات الآخرين، وتوجد تحيزات العزو في الحياة اليومية بكثرة، وبالتالي فهي موضوع مهم ومناسب للدراسة من قبل المختصّين.[٨]

المراجع

  1. "attributions", thork.people.uic.edu, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  2. ^ أ ب "A Review of Attribution Theory in Achievement Contexts", link.springer.com, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  3. "ATTRIBUTION THEORY", webspace.ship.edu, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  4. ^ أ ب "An Attributional Theory of Achievement Motivation and Emotion", pdfs.semanticscholar.org, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  5. "Attribution_theories_How_people_make_sense_of_behavior", www.researchgate.net, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  6. ^ أ ب "Covariation_model", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  7. "attribution bias", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-08-28. Edited.
  8. "Learned helplessness in humans: Critique and reformulation", doi.apa.org, Retrieved 2020-08-28. Edited.
5479 مشاهدة
للأعلى للسفل
×