معلومات عن نكبة البرامكة

كتابة:
معلومات عن نكبة البرامكة

البرامكة

هم عائلة برمكيان من بلاد فارس من أصول مجوسية كانت تسكن بلخ، اعتنقت الإسلام مع حركة الفتوحات الإسلاميّة، وتمكّنت عصر الدولة العباسية من الاستحواذ على الكثير مناصب في الدولة؛ لما كان لها من مآثر على العباسيين، خاصة في بلاط الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي رضع من زوجة يحيى بن خالد البرمكي الذي ربّى هارون الرشيد وحفظ له ولاية العهد بعد أن أراد الخليفة الهادي خلعه منها، حتى أن الرشيد سلّمه الحكم الفعلي لبعض أمور الدولة العباسية، لكّن خصوم البرامكة في الدولة العباسية أضمروا لهم شرّا وأقنعوا الرّشيد بالتخلص منهم، فقضى عليهم فيما عُرف بنكبة البرامكة.[١]

معلومات عن نكبة البرامكة

تعدّدت الأسباب المؤدّية إلى نكبة البرامكة، ولكن السبب المباشر كما ورد في المصادر التاريخيّة هو تسلط البرامكة في الدولة، وظهور سلطانهم على سلطان الخليفة هارون الرشيد، كما تسلّطوا على أموال الدولة، فأخذوا يرتعون فيها حتى كان ما يمتلكونه أكثر مما يمتلكه الخليفة، وكانوا يكثرون من العطايا ويبالغون فيها لأنفسهم ولمن أرادوا، ويشترون لأنفسهم الضيّاع ويبنون القصور حتى قال فيهم الرشيد: "أغنيناهم وأفقروا أولادنا"، في الوقت الذي كانوا يمنعون فيه المال عن الرشيد، بحجة عدم هدر أموال المسلمين، بل بلغ فيهم الأمر إلى معاتبة الرشيد على تصرفاته وأوامره وقراراته.[٢]


وكان الرشيد أوّل الأمر يتقبّل منهم، ويحتملهم، ولكنه ما عاد يطيق عليهم صبرا، خاصة بعد قيام الفضل بن يحيى بتنصيب نفسة واليا على خراسان وكوّن فيها جيش خاصا به من العجم، سماه العباسية، وقوامه خمسمائة ألف جندي، دون علم الرشيد، ودون أخذ إذن منه.[٢]


عندما عَلِم الرشيد بأمر جيش العباسية -الذي سمّاه البرامكة بالكرمينية- استدعى الفضل بن يحيى البرمكي إلى بغداد دون عزله، ليستطلع أمره، فقدم الفضل إليه مع فرقة مسلّحة من جيشه عددها عشرون ألف جنديّ، نزلت في معسكر الرّصافة، في الوقت الذي كان عليه أن ترجع، بعد إيصال الفضل إلى بغداد آمنًا، وفيما بعد سكنة في جانب من جوانب قصر الرشيد الخلد ليكونوا حرسا على الرشيد وأسرته، وعلى استعداد للانقلاب السريع على الرشيد، فرأى الرشيد أنه بات أمام انقلاب عسكري وشيك، فخطط الرشيد بذكاء لتمزيق جيش العباسية في خراسان، والقضاء على البرامكة دون إحداث ضجة تلفت الخصوم إليه، حتى جاءت ساعة نكبة البرامكة.[٢]


بدأ الرشيد يعدّ لنكبة البرامكة بعد عودته من الحجّ سنة 186هـ، وفي آخر ليلة من محرَّم سنة 187هـ ، أرسل الرشيد خادمه مسرور ومعه حماد بن سالم في جماعة من الجند فأحاطوا بجعفر بن يحيى، وأحضروه إلى منزل الرشيد الذي حبسه وقيده ثم أمر بضرب عنقه، وأمر الرشيد في تلك الليلة بالقبض على من أحاط بيحيى بن خالد وجميع ولده ومواليه، وحبس الفضل بن يحيى في جهة من منازله، ويحيى بن خالد في منزله، وأخذ وصادر كل ما ملكوه من مال ومتاع وضياع وغير ذلك، كما وجه الرسائل إلى عمّاله في جميع البلدان بالقبض على البرمكيّين ومصادرة أموالهم سلبهم ما امتلكوه من رقيق وموال وحشم وولاة أمر.[١]


وفي صباح اليوم التالي كتب إلى السندي الحرشي إرسال جثة جعفر البرمكي إلى مدينة السلام، ونَصْب رأسه على وسط الجسر، وتقطيع جثته وتعليق أشلائها على أول الجسر وآخره، دون أن يعلم أحد سببا واضحا لنكبة البرامكة، فلم يعلن هو عن السبب بقوله: "لو علمت يميني بالسبب الذي له فعلت هذا لقطعتها"، مما جعل الشائعات تدور حول سببها.[١]


أسباب نكبة البرامكة

رغم أنّ هارون الرشيد لم يصرّح مباشرة بالسبب الذي دفعه لنكبة البرامكة، إلّا أن المصادر التاريخيّة التي تتبعت نكبة البرامكة، وأخبارهم في الكتب، وعلى لسان من عايشوا الرشيد والبرامكة في عصرهم، رصدوا أسبابًا أخرى غير السابقة، وهي:

  • اتهام الكثير منهم بالزندقة.[٣]
  • دارت كثير من الشائعات أن سببها هو تزويج الرشيد جعفر البرمكي لأخته العبّاسة، شريطة ألا يأتي منها ما يأتيه الرجل من المرأة، ولكن جعفر نكث الشرط، وهي قصة كما ذكرت المصادر مكذوبة، لعدم ورودها بسند في كتب التاريخ كتاريخ الطبري.[٤]
  • ما عرف عن البرامكة من عنصريّتهم وتعصّبهم، وظهور النعرة الفارسية والشعوبية، وإيذاء العرب بها، ومحاولة إقصائهم عن مناصب الدولة.[٤]
  • تدخل جعفر بن يحيى في خاصة شؤون الرشيد ومنها ولاية العهد، فضغط على الرشيد حتى أقرّ بولاية العهد للمأمون بعد الأمين، حتى أوقع بين وَلِيَّيْ عهده الأمين والمأمون، وغرس الحقد بينهما بما هدد الخلافة، وأوقع النزاع بينهما، قبل وفاة الرشيد وبعدها.[٥]
  • تشيّع بعض البرامكة وتعاطفهم مع العلويين، فقد حاول يحيى بن خالد البرمكي نقل الخلافة إليهم، لتصير إلى يحيى بن عبد الله المحض أثاء ثورته في الديلم، ولكن الرشيد قضى على ثورته وسجنه، فجاء جعفر البرمكي من بعده وأطلق سراحه دون علم الرشيد وأقر جعفر أما الرشيد بفعلته، فأضمرها له الرشيد وقال: قتلني الله بسيف الهدى على عمل الضلالة إن لم أقتلك، وغلب الأمر عند المؤرخين أن هذا كان السبب الرئيس لقتل جعفر.[١]

أبرز رجال البرامكة في الدولة العباسية

عرفت الدولة العباسية عددًا من البرامكة الذين برزوا فيها قبل نكبة البرامكة، ومنهم أبو خالد البرمكي كان أو من عُرف من البرامكة في الدولة العباسية، عندما قدم إلى هشام بن عبد الملك 105-125هـ وأعلن إسلامه، وقد كان ذا شأن علمي، فقد نشأ في الهند وتعلّم الطبّ والنجوم، فاستخدم معرفته الطبية في معالجة المرضى، ومنهم مَسْلَمة بن عبد الملك، كما كان كاتبًا أديبًا ملما بأخبار ملوك الفرس، فسهّل له ذلك الدخول إلى الدولة العباسيّة، ودخول البرمكيين من بعده.[١]

خالد بن برمك

وانضمّ إلى الدعوة العباسية أوّل قيامه، وكان من أكبر دعاتها في خراسان. ولحكمته الإدارية، فقد تسلم تقسيم الغنائم في جيش قحطبة بن شبيب الطائي، وتسلم تنظيم الخراج في خراسان، ثم تولّى ديوان الجند والخراج لأبي العباس في العراق، وتسلم بعدها الوزارة بعد مقتل أبي سلمة الخلاّل من دون يسمّى وزيرًا، كما استعان به المنصور في تهدئة الأوضاع في الموصل والجزيرة الفراتية بعد أن نقضتا العهد، ووكّل ولايتهما لما له من قدرة سياسية وعسكرية، ثمّ تولّى بعد ذلك فارس ثم الرَّي وطبرستان، وظل محتفظا بمكانته في الدولة حتى عهد المهدي 158- 169هـ، الذي عزله، فتواسطت له الخيزران والدة الرشيد وأعادته لمنصبه، وينسب لخالد البرمكي إشارته على المنصورة لتخطيط بغداد، وتخطيط مدينة المنصورة في طبرستان في أثناء ولايته عليها، وتوفي سنة 165هـ.[١]

يحيى بن خالد البرمكي

برز يحيى بن خالد في عهد أبيه، فتسلم ولاية أذربيجان للخليفة المنصور، ثم اختاره المهدي ليكون مربيًا لهارون الرشيد سنة 161هـ، في سنة 163هـ تقلّد هارون الرشيد المغرب كله وأذربيجان وأرمينية، وكان يحيى البرمكي نائبًا عنه في أعماله ودواوينه، وظلّ يحيى مخلصًا وفيًا للرشيد الذي كان يناديه: يا أبتِ، فلمّا تولى الهادي الخلافة سنة 169هـ، عمل يحيى على الحفاظ على ولاية العهد لهارون الرشيد بعد محاولة الهادي لخلعه وتولية ابنه جعفر مكانه. وكان انحياز يحيى إلى هارون سببا في حقد الهادي عليه، فاتّهمه بإفساد أخيه عليه، وأمر بحبسه، ولما تولّى هارون الرشيد الخلافة سنة 170هـ، أخرجه من السجن وقّلده الوزارة، والدواوين كلها وأعطاه الخاتم، فكان الحكم الفعلي في شؤون كثيرة له، فكانت الكتب الخارجة من ديوان الخراج تنفذ باسمه.[١]

الفضل بن يحيى

وهو الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، كان رجل دولة، وأخًا لهارون الرشيد بالرضاعة، ومربّيًا لولده الأمين، وهو من البيعة بولاية العهد للأمين في خراسان، لقب بالوزير الصغير لمكانته في الدولة، في سنة 176هـ عيّنه الرشيد واليا على كُورَ الجبال وطبرستان ودنباوند وقورس وأرمينية وأذربيجان، فعمل على إخماد ثورة يحيى بن عبد الله بن الحسن من حروب أو إراقة دماء، مما عظّم مكانته في نفس الرشيد، فولاّه خراسان سنة 178. فعمل على زيادة رواتب الجند، وأنشأ جيش العباسيّة.[١]

جعفر بن يحيى

وهو الأخ الأصغر للفَضل بن يحيى، كان بليغا فصارت توقيعاته على رقاع المظالم نماذج للكتّاب مع حسن الخط مما أدّى إلى ازدهار فن التوقيعات بوصف فنًا من فنون النثر العباسي، كان عالمًا كجده الأول بالفلك، ولمكانته الخاصة عند الرشيد كان يلازمه ولم يفارقه إلا سنة 180هـ عندما غادر إلى الشام لتهدئة الثورة فيها. وفي سنة 176هـ عيّنه الرشيد واليًا على المغرب كله من الأنبار إلى إفريقيا، وسلّمه ديوان الخاتم بعد أخيه الفضل، وأشركه معه في النظر بالمظالم، وسلّمه ديوان البريد وديوان الطراز، وأمر بكتابة اسمه على الدراهم والدنانير، وترك له تربية ابنه المأمون، فكان له أثر في توليته العهد بعد الأمين سنة 183هـ. إلا أن الرشيد قتله فيما بعد فيما عُرف بنكبة البرامكة.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "البرامكة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-07-2019. بتصرف.
  2. ^ أ ب ت "هارون الرشيد ونكبة البرامكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-07-2019. بتصرّف.
  3. "بيوتات سادت ثم بادت "البرامكة""، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-07-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "سبب نكبة البرامكة في عهد الرشيد"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-07-2019. بتصرّف.
  5. "نكبة البرامكة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-07-2019. بتصرّف.
3818 مشاهدة
للأعلى للسفل
×