معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، بالشرح التفصيلي

كتابة:
معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، بالشرح التفصيلي

معنى آية: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، بالشرح التفصيلي

إنَّ المعنى الإجمالي لقول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}،[١] أنَّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا في بداية الإسلام ممنوعين من مقاتلة المشركين وأعداء الدين، ومأمورين بالصبر عليه لحكمة إلهية، حيث إنَّ عددهم في مكة كان أقلُّ بكثيرٍ من عدد المشركين فلو أمروا بالقتال حينها لشقَّ ذلك عليهم، ثمَّ لمَّا هاجروا إلى المدينة المنورة وأصبح لهم دار إسلامٍ يلجأون إليها وأصبح لهم قوة ومنعة أذن لهم الله -عزَّ وجلَّ- بقتال من قاتلهم وأخرجهم من ديارهم وظلمهم ومنعهم من دينهم وآذاهم.[٢]


وعلى ذلك يُمكن القول بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع القتال بالوقت اللائق به، ثمَّ بعد ذلك يختم الله -عزَّ وجلَّ- الآية الكريمة بقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، وهذا بمثابة وعدٍ منه للمسلمين بنصرهم على أعدائهم، وتتجلى الحكمة من هذا الوعد في حضِّ المسلمين على الإقدام على الجهاد في سبيل الله من غير ترددٍ منه ولا وهن.[٢]

أمَّا عن المناسبة بين اسم السورة وذكر الجهاد فيها فيرجع إلى أنَّ عبادة الحجِّ تذكر بالجهاد حيث إنَّ الحجَّ يعدُّ تدريبًا قاسيًا على الجهاد لِما فيه من ارتحالٍ من مكانٍ إلى آخر بالإضافة إلى التعب والاتزام بأوقاتٍ وما إلى ذلك.[٣]

وقد مرَّ تشريع الجهاد في الإسلام بثلاثة مراحل، ولا بأس في هذا المقام من ذكر هذه المراحل ، وفيما يأتي ذلك:[٤]

  • مرحلة الإعراض والصفح: حيث كان الصحابة -رضوان الله عليهم- مأمورون بالصبر على أذى المشركين، ودليل ذلك قول الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}،[٥] ويُمكن القول بأنَّ جهادهم في هذه المرحلة كان مقتصرٌ على جهاد النفس وتربيتها على الصبر، إذ إنَّ ترك الانتقام للنفس والصبر على الأذى ومقابلة الإساءة بالإحسان أمرٌ يشقُّ على الإنسان.
  • مرحلة الإذن بالقتال من غير إلزام: ثمَّ بعد ذلك شرع الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمين قتال من ظلمهم، فكان في هذه المرحلة مباحًا في حقهم، وقد سبق الحديث عن هذه المرحلة فيما سبق.
  • مرحلة الإلزام بقتال الكافرين: وفي هذه المرحلة انتقل القتال من حكم الإباحة إلى الوجوب فأصبح الجهاد فرضًا في حقِّهم، فكان عليهم قتال من قاتلهم أو اعتدى عليهم أو حتى من وقف في وجه الدعوة الإسلامية، وكذلك أمروا بقتال من ظهر منهم قصد العدوان ببينة ثابتة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}،[٦] ويُمكن القول بأنَّ هذه المرحلة هي التي استقرَّ عليه أمر القتال في الإسلام.


معاني المفردات في آية: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا

إن بيان معاني مفردات قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فيما يأتي:

  • أُذِنَ: مأخوذة من الإذن ومعناه في اللغة إجازة الشيء والرخصة فيه.[٧]
  • ظُلموا: مأخوذة من الظلم، والظلم هو انتهاك حقوق الآخرين عدوانًا، وعلى ذلك فالكلمة معناها هنا من وقع عليهم الظلم.[٨]
  • الله: علم للذات العليا، الواجبة الوجود، والتي تجمع صفات الألوهية.[٩]
  • نصرهم: هذه الكلمة مأخوذة من النصر، والنصر في اللغة هو العون والتأييد والنجدة.[١٠]
  • قدير: أي ذو القدرة البالغة، فلا يعجزه شيء[١١]


إعراب آية: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا

إنّ إعراب مفردات قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، فيما يأتي:[١٢]

  • أُذِنَ: فعل ماض مبنيٌ للمجهول، مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
  • للذين: اللام هنا حرف جر والذين اسم موصول مبني على الفتحة الظاهرة على آخره في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بأُذن.
  • يُقاتلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنَّه من الأفعال الخمسة، وهو فعلٌ مبنيٌ للمجهول، والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والجملة صلة الموصول "يُقاتلون" لا محل لها من الإعراب.
  • بأنَّهم: الباء هنا للسببية، وأنَّ حرف مشبه بالفعل، والضمير المتصل "هم" مبني على السكون في محل نصب اسم أنَّ.
  • ظلموا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضمة لاتصاله بواو الجماعة، "والواو" ضمير متصل مبني في محل رفع نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر أنَّ.
  • إنَّ: حرف مشبه بالفعل.
  • الله: لفظ الجلالة اسم إنَّ منصوب وعلامه نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • على نصرهم: جار ومجرور متعلقان بالخبر "قدير".
  • لقدير: اللام هنا مزحلقة، أمَّا قدير فهو خبر إنَّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.


الثمرات المستفادة من آية: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا

  • أنَّ الإسلام دين القوة والعزة، فلا يقبل بأن يكون أتباعه ضعفاء يقبلون بالظلم.[٢]
  • أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- حكيمٌ في شرعه، حيث أنَّه اختار الوقت اللائق المناسب لمشروعية القتال.[٢]
  • أنَّ المسلم مأمورٌ بقتال المقاتلين المعتدين الظالمين، وهذا يُنفي عن الإسلام شبهة الإرهاب.[٢]
  • أنَّ الإسلام دين وسطية واعتدال، ويظهر ذلك جليًا من حكم تشريع القتال، إذ أنَّه لم يقبل لأتباعه الضعف كما لم يقبل لهم التجبَّر في الأرض، فكان وسطًا في ذلك.[٢]
  • على الفقهاء أن يراعوا حال المرء أو الأمة عند تقديم الفتوى.[١٣]

المراجع

  1. سورة الحج، آية:39
  2. ^ أ ب ت ث ج ح "سورة الحج 39"، www.quran7m.com. بتصرّف.
  3. "سورة الحج"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-11. بتصرّف.
  4. ".مراحل تشريع الجهاد"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-14. بتصرّف.
  5. سورة الجاثية، آية:14
  6. سورة الأنفال، آية:39
  7. "تعريف و معنى أذن في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  8. "تعريف و معنى ظُلِم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  9. "تعريف و معنى الله في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  10. "تعريف و معنى نصرهم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  11. "تعريف و معنى قدير في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  12. ".إعراب الآيات (39- 41):"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-12. بتصرّف.
  13. "الوسطية والاعتدال في مراحل تشريع القتال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-06-2020. بتصرّف.
2548 مشاهدة
للأعلى للسفل
×