محتويات
سورة النساء
واحدةٌ من السور المدنيَّة -التي نزلت في المدينة المنورة- وهي إحدى سور القرآن الطويلة أي أنَّها من السبع الطوال، وهي رابع سورة في القرآن الكريم من حيث ترتيب سور القرآن الكريم، وتقع بعد سورة آل عمران وقبل سورة المائدة، أمَّا من حيث النزول فقد نزلت بعد سورة الممتحنة، أُطلق عليها اسم سورة النساء؛ بسبب ذكر العديد والكثير من الأحكام التي تتعلق بالنساء، وابتدأت السورة بأسلوب النداء قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}،[١] ومن بين الآيات التي وردت فيسورة النساء قول الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}،[٢] وسيقف هذا المقال لتفسير الآية الكريمة وشرحها واستنباط أهم الثمرات التي توصل إليها علماء التفسير والتأويل.[٣]
معنى آية: واضربوهن، بالشرح التفصيلي
لقد أنزل الله القرآن الكريم تشريعًا للمسلمين في أمور دينهم ودنياهم فلا يُقدم المؤمن على أمرٍ حتى ينظر في كتاب الله ما حكمه وما رأي الإسلام فيه، وأنزل الله سورة النساء للحديث عن النساء والأحكام الخاصة بهنَّ، ومن بين الآيات التي أنزلها الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}،[٤] وبذلك ضبط الله تعامل الرَّجل مع امرأته في حال نشوزها عنه، واختلف أهل التفسير والتأويل في معنى النشوز أو كيفيَّته، فقال بعض العلماء أنَّ النشوز هو ترفُّع المرأة عن زوجها وفراشه وعصيانها لطاعة زوجها في حقِّه منها بالفراش، وقيل بالنشوز هو البغض والكراهية، أو معصية المرأة لأوامر زوجها -فيما يرضي الله- ويُقال عن المرأة ناشزٌ إذا استخفَّت بحقوق زوجها عليها، فعلى زوجها أن يبدأ بوعظها والوعظ يكون بالكلام بأن ترجع إلى رشدها وتعود عن فعلها، وبذلك يُذكرها بحقها عليه وعظمة لك الحق عند الله، ويعظها بآيات الله -تعالى- ويُنبهها إلى عظيم ما ترتكبه من الذنب بنشوزها عنه.[٥]
فإن اتقت الله ورجعت عن فعلها لا سبيل له عليها، أمَّا إن أبت قال تعالى فاهجروهنَّ في المضاجع، فقال بعض العلماء المُراد بهجر المضجع هو ترك مجامعة الرَّجل لزوجته، وقال ابن عباس الهجر في المضاجع هو أن يكون الرَّجل وامرأته على فراشٍ واحدٍ ولكنَّه يترك مجامعتها، وأمَّا السدي فقد ذهب إلى أنَّ معنى اهجروهنَّ في المضاجع هو أن ينام في نفس فراشها ولكنَّه يُعطيها ظهره في الفراش ويُجامعها ولا يتحدَّث معها وبذلك قال الضحاك، فإن هي لم ترجع له أن يضربها والضرب في الإسلام صفته أن يكون ضربًا غير مبرح، وسُئل عبد الله بن عبَّاس عن الضرب غير المبرح فقال: أن يضربها بالسواك أو ما يُشبهه، فلا يُؤذيها بضربه ولا يكون للضرب أثرٌ عليها، وبذلك فلا يجمع الرَّجل العقوبات الثلاث على زوجته فأولًا يعظها فإن لم تقبل يهجرجها فإن لم تقبل يضربها ضربًا غير مبرح، فأُريد بالواو هنا تقسيم النساء على اعتبار تقسيمهنَّ في النشوز، فمنهنَّ من قد ترجع من الوعظ أو من الهجر أو من الضرب،[٦] والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٥]
معاني المفردات في آية: واضربوهن
إنَّ معاني المفردات هي الفيصل الحقيقي في تفسير الآية تفسيرًا صحيحًا منطقيًّا ليس فيه شكٌّ أو أي ريب، فلا يستطيع أي عالمٍ أن يأتي على تفسير القرآن ما لم يكن متمكنًا من اللغة العربية وقدرته على فهم الكلمات فهمًا صحيحًا، وبعد أن تمَّ تفسير الآية تفسيرًا شرعيًّا بلاستناد إلى أقوال أهل التفسير والتأويل، ستقف هذه الفقرة مع شرح مفردات الآية شرحًا تفصيليًّا، وفيما يأتي سيكون ذلك:
- نشوزهن: النشوز هو الارتفاع، ويُقال عن الرَّجل ناشز أو المرأة ناشزة إذا كان مسيئًا للطرف الآخر في العشرة الزوجية، والنشوز هو المعصية أو الكره أو التمرد.[٧]
- فعظوهنَّ: الوعظ هو أن يُذكر المرء غيره وينصحه إن ارتكب فعلًا يُخالف الأخلاق الحسنة والأعمال الطيبة، وقد يأخذ الوعظ معنًى آخر وهو التأنيب أو التوبيخ.[٨]
- واهجروهنَّ: الهجر هو الابتعاد والتَّرك والجفاء، ويُقال فلانٌ هجر ذلك الشيء أي أعرض عنه وابتعد.[٩]
إعراب آية: واضربوهن
الإعراب هو لبُّ اللغة العربية، وبه يُعرف المقصود من الكلام من خلال الضوابط في نهاية الكلمات، وبعد أنَّ تمَّ تفسير قوله الله تعالى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}، ستقف هذه الفقرة لإعراب المفردات بالتفصيل:[٦]
- اللاتي: اسم موصول في محل رفع مبتدأ.
- تخافون: فعل مضارع مرفوع علامة رفعه ثبوت النون، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
- نشوزهن: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، والضمير "هن" في محل جر بالإضافة.
- فعظوهن: فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و"هنّ" ضميرمتصل في محل نصب مفعول به.
- واهجروهنَّ: فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و"هنّ" ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
- في المضاجع: جار ومجرور متعلقان بالفعل اهجروهنَّ.
- اضربوهن: فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و"هنّ" ضميرمتصل في محل نصب مفعول به.
الثمرات المستفادة من آية: واضربوهن
إنَّ كتاب الله -تعالى- هو المرجع لكلِّ مسلمٍ في التعاملات، ومعرفة الحدود التي لا بدَّ لكلِّ مؤمنٍ بالله ورسوله أن يقف عندها، وبعد أن تمَّ تفسير الآية الكريمة بالاستناد إلى أقوال أهل التفسير والتأويل، سيتم استنباط الثمرات من الآية الكريمة -كما بينها أهل العلم- وفيما يأتي سيكون ذلك:
- لقد كرَّم الله المرأة في كتابه العظيم، وجعل للزوجة حقوقًا على زوجها، فلا يكون للرجل سبيلٌ على إيذائها إن هي أطاعت الله ورسوله.[١٠]
- لا بدَّ للمسلم أن يأخذ تفسير آيات الله من الأئمة المعروفين والموثوقين ولا يدع لليهود والكارهين للإسلام يدًا عليه.[١٠]
- إنَّ الضرب الذي أمر به الإسلام هو الضرب غير المبرح المراد به التقويم والإصلاح، وليس الإهانة والإيذاء كما قد يتصور البعض.[١٠]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:1
- ↑ سورة النساء، آية:34
- ↑ "سورة النساء"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:34
- ^ أ ب "القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - الآية 34"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ^ أ ب "(النساء - 34)"، www.quran7m.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى ناشز في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الوعظ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الهجر في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "رد شبهة المحرفين لكتاب الله حول تأديب النساء بالضرب ."، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف.