معنى آية وهدوا إلى الطيب من القول، بالشرح التفصيلي

كتابة:
معنى آية وهدوا إلى الطيب من القول، بالشرح التفصيلي

سورة الحج

تُعدُ سورة الحج من السُّور المدنيّةِ وتبلغُ عددُ آياتِها 78 آية، بدأت الآيةُ بخطابٍ للنّاس وافتُتِحَ هذا الخطابُ بإسلوب نداء حيثُ قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}،[١] وهي السورةُ 22 في المصحف وتقعُ في الجزءِ السابعِ عشر، واحتوت السورةُ على سجدتين في الآية 18 والآية 77، وقد نزلت سورةُ الحج بعدَ سورةِ النور وقد تحدثت السورة عن أمورٍ عديدةٍ[٢]، وأمّا سببُ تسميتها بهذا الاسم؛ فهو أن الله تعالى ذّكرَ فيها أمرهُ لخليله إبراهيم -عليه السلام- بأن ينادي في النّاس لحج بيته الحرام، ثمَّ تناولت السورة مناسك الحج التي شرعها الله للنّاس إيذانًا بالحج وفضائلِهِ ومنافعِهِ، وزجرًا للمشركين الذين يصدونَ المؤمنين عن المسجدِ الحرام، ويجدرُ التنويه أنّ هذه السورة قد نزلت قبل أن يفرضَ الحج على المسلمين بالإتفاق، إذا إن الحج قد فُرضَ في سورةِ البقرة وسورة آل عمران، وسورةُ الحج وإن كانت مدنية إلا هناكَ من آياتها ما هو مكي.[٣]


معنى آية: وهدوا إلى الطيب من القول، بالشرح التفصيلي

ولكن ما معنى هذه الآية؟ الكلام هو طريقةُ التواصل بين النّاس، والكلمةُ الطيبة هي مفتاحُ النفوس وهي ما يؤلف الله بها بينَ القلوب، ولها أثرٌ ووقعٌ كبيرٌ على النفسِ البشريةِ فالكلمةُ الطيبةُ هي هدايةٌ من الله تبارك وتعالى لعبادِهِ حيثُ قال تباركَ وتعالى في سورةِ الحج: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}،[٤] فيُخبر الله تعالى في الآيةِ الكريمة عن مجموعةٍ من عبادِهِ المؤمنين الذين هداهم الله تعالى للقولِ الطيب وعلَّمهم إياه[٥]، وسيأتي معنى قول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، بشكلٍ تفصيلي كما ذكرَّهُ علماء التفسير كما يأتي:[٦]

  • جاءَ في تفسير السعدي لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، أي هداهم الله إلى أطيب القول وأفضله وهو كلمةُ الإخلاص، وجميعُ الأقوال الطيبة التي يذكرُ المؤمن فيها الله تعالى، أو فيها إحسانٌ إلى عباد الله، وتَتمةُ الآية هي قول الله تعالى: {وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ}،[٧] أي الصراط المحمود وذلك لأنَّ الشرع في جميعِ مجالاتِه قد تضمَّنَ الحمد والحكمة والأعمال الحسنة التي أمر الله بها والقبيحة التي نهى الله تعالى عنها، وجاءت هذه الآية بذكر الصراط لأنّه يوصل العبد إلى الله تعالى، وأمّا ذكر اسم الله الحميد؛ فذلك ليبين الله تعالى أنَّهم نالوا الهداية بمنةِ الله وبحمدِهِ، ولهذا يقولُ المؤمنون في الجنّة {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ }.[٨]
  • جاءَ في تفسير الطنطاوي لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}،جاءت هذه الآية لِتُبين حُسن خاتمة المؤمنين، وعظيم النعم التي أنعمها الله عليهم، ومعنى الآية أن الله تعالى هدى المؤمنين من عبادِهِ إلى القول الطيب الذي يرتضيهِ تعالى ويرضى بهِ عنهم، كما وهداهم الله تعالى إلى صراطِهِ الحميد، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم بالإسلامِ والإيمان؛ فبسبب هذه النعمة يقولونَ القول الطيب ويعملون ما حُمِدَ من الأفعال، قال الشوكاني: " قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} أى: أرشدوا إليه وقيل: هو لا إله إلا الله، وقيل: القرآن، وقيل: هو ما يأتيهم من الله من بشارات، وقد ورد فى القرآن ما يدل على هذا القول المجمل هنا، وهو قول الله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ}،[٩] {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}،[١٠] {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}،[١١] ومعنى: {وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ}، أنهم أرشدوا إلى الصراط المحمود وهو طريق الجنة، أو صراط الله الذى هو دينه القويم وهو الإسلام".
  • جاءَ في تفسير البغوي لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، ذّكرَ في تفسيرهِ ما قيلِ في معنى الطيب من القول ومنها قول ابن عباس: "هو شهادة أن لا إله إلا الله"، وقول ابن زيد: "لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله"، وقول السدي: "أي القرآن"، وقيل هو قول أهل الجنة: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ}،[٩]وأمّا {وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ}، أي إلى دين الله وهو الإسلام " والحميد " هو الله تعالى المحمود في أفعاله.
  • جاءَ في تفسير ابن كثير لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، وهذه الآيةُ كقول الله تعالى: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}،[١٢] وقول الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}،[١٣] وغيرها من آيات كتاب الله التي تحملُ نفس المضمون فقد هدوا إلى المكان الذي يسمعونَ فيه أطيب الكلام، وهذا على عكس ما يلقاه أهل النار من إهانةٍ بالكلام وترويعٍ وزجرٍ بهِ، وأما ما يُقصدُ بالصراط الحميد فهو المكان الذي يحمدون الله به على ما آتاهم من إحسانٍ وبما أنعم عليهم من نعم ، وقيل: أن القول الطيب هو القرآن، وقيل: لا إله إلا الله، وقيل: الأذكار المشروعة، وقيل: أن الصراط الحميد هو الطريق المستقيم في الدنيا.[١٤]
  • جاءَ في تفسير القرطبي لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، أي أرشدوا إلى ذلك، قال ابن عباس: "يريد لا إله إلا الله والحمد لله"، وقيل: القرآن، وقد قيل: أنَّ هذا ما هدوا له في الدنيا، فقد هدوا إلى الشهادة، وقراءة القرآن، وهدوا إلى صراط الحميد أي إلى صراط الله ويُقصدُ به الدين الإسلاميّ، وقيل أن هذا في الآخرة فقد هدوا إلى الطيب من القول، وهو الحمد لله؛ كقولهم الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن؛ فلا يوجدُ في الجنّةِ كذبٌ أو لغوٌ في الكلام فهو القول الطيب أي ما يقال في الجنة، وهدوا في الجنة إلى صراط الله،فلا يوجدُ في الجنة ما يخالفُ أمر الله، وقيل أنَّ الطيب من القول ما يأتيهم من الله من البشارات الحسنة، وهدوا إلى صراط الحميد أي إلى طريق الجنة.[١٥]
  • جاءَ في تفسير الطبري لقول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، أي هداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وقالَ ابن زيد، في قول الله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، أي هدوا إلى الكلام الطيب وهو قولُ لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله؛ حيثُ قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}،[١٦] وأما الصراط الحميد فهو الطريقُ لله تعالى وهو الدينُ الإسلامي الذي شرعه الله تعالى لعبادِهِ وأمرهم باتباعِهِ.[١٧]


معاني المفردات في آية: وهدوا إلى الطيب من القول

وفي قول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، حكمةٌ وفائدةٌ عظيمةٌ للمسلمين، فينبغي على المسلم فهم هذهِ الآية وتدَّبُر معانيها، ولزيادة وضوح تفسير الآية التي سبقت سيأتي بيان معنى مفردات الآية الكريمة وهي كما يأتي:

  • وَهُدُوا: من الفعلِ اهتدى ومعناه وجدَهُ، وعَرفهُ عَنْ تَبصُّر، ومصدره الاهْتِدَاءُ ومعناه السَّيْرُ إلَى طَرِيقِ الخَيرِ بِتبَصُّرٍ ومعرِفَة.[١٨]
  • الطَّيِّبِ:الأَفضلُ من كُلِّ شيء.[١٩]
  • الْقَوْلِ: الكلام.


إعراب آية: وهدوا إلى الطيب من القول

وبعد بيات تفسير قول الله تبارك وتعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، وذكر أقوال المفسرين بها وبيان معاني المفردات في الآية الكريمة سيأتي إعراب مفردات هذه الآية وهو كما يأتي:[١٧]

  • وَهُدُوا: الواو حرف استئناف، هدوا فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصال بواو الجماعة، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل وهو فعلٌ مبني للمجهول، والجملة مستأنفة.
  • إِلَى: حرف جر.
  • الطَّيِّبِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلقان بهدوا.
  • مِنَ: حرف جر.
  • الْقَوْلِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخرهِ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الطيب.


الثمرات المستفادة من آية: وهدوا إلى الطيب من القول

ما هي الثمرات المستفادة من هذه الآية؟ يُرشدُ قول الله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، إلى عدةٍ من الثمرات المستفادة، منها أنَّ القول الطيب هو نعمة وهدايةٌ من الله تعالى ولا يصدرُ إلا من عباد الله المؤمنين، وأطيب القول وأحسن الكلام هو ذكر الله تعالى فلا يغفل المسلم عن ذكر الله تعالى وتوحيده، كما وينبغي على المسلم أن يعرف كيف ينتقي كلماته ويوظف عباراته في الخير وخاصةً في الأمرِ بالمعروف فلا ينتقي إلا أفضل الكلامِ وأنقاه، وفي النهي عن المنكر يبتعد عن الكلام الفاحش، كما أنَّ الكلمةُ الطيبة هي وسيلةٌ لكسبِ الحسنات ودخول الجنّة وقد حرصَ الإسلام على تهذيب اللسان وأمر أنبيائَهُ بالقولِ اللين؛ هذا لتأثير الكلام على النّاس، ولحسن وقعِ الكلمة الطيبة في نفوسهم.[٥]

المراجع

  1. سورة الحج، آية:1
  2. "سورة الحج"، ar.wikipedia.org، 2020-06-29. بتصرّف.
  3. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 178. بتصرّف.
  4. سورة الحج، آية:24
  5. ^ أ ب "وهدوا إلى الطيب من القول"، www.alukah.net، 2020-06-29. بتصرّف.
  6. "وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْحَمِيدِ"، www.quran7m.com، 2020-06-30. بتصرّف.
  7. سورة الحج ، آية:24
  8. سورة الأعراف، آية:43
  9. ^ أ ب سورة الزمر، آية:74
  10. سورة الأعراف، آية:43
  11. سورة فاطر، آية:34
  12. سورة إبراهيم، آية:23
  13. سورة الرعد، آية:23 24
  14. "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ "، quran.ksu.edu.sa، 2020-06-30. بتصرّف.
  15. شمس الدين محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 29. بتصرّف.
  16. سورة فاطر، آية:10
  17. ^ أ ب "وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْحَمِيدِ"، www.quran7m.com، 2020-06-29. بتصرّف.
  18. "تعريف ومعنى وهدوا في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، 2020-06-29. بتصرّف.
  19. "تعريف و معنى الطَّيِّبِ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، 2020-06-30. بتصرّف.
2042 مشاهدة
للأعلى للسفل
×