معنى آية وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، بالشرح التفصيلي

كتابة:
معنى آية وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، بالشرح التفصيلي

معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند ابن كثير

ما التأويل الّذي رجحه ابن كثير للآية؟

تعددت الأقوال في تأويل الآية الكريمة عند الصحابة رضوان الله عليهم، ومن هذه الأقوال:[١]


  • روي عن معاذ بن جبل أنّ الصيام كان بالتخيير، من شاء صام ومن شاء أفطر، ويترتب على الإفطار إطعام عن كل يوم مسكينًا.
  • روي عن ابن عمر بأن الصيام كان بالتخيير إلى أن نزلت الآية الّتي تليها، فنسخت الآية، وأصبح صيام الشهر لازمًا.
  • روي عن ابن عبّاس بأن الآية الكريمة ليست منسوخة وإنما هي تخص كبار السن الّذين لا يستطيعون الصوم فيطعمون عن كل يوم مسكينًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، ثُمَّ ضَعُفَ فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا".


وذهب ابن كثير بأن النسخ حاصل في حق المقيم في البلاد، الصحيح، فيجب عليه الصوم، أما كبير السن الذي بلغ الهرم، فله أن يفطر ولا قضاء عليه، وفيما يخص إذا ما كان عليه قضاء، فيه قولان، وهما:[٢]

  • القول الأول: وهو أحد قولي المذهب الشافعي: لا يجب عليه الإطعام، لأنه ضعيف عن ذلك بسبب سنّه، فلا يكلّف الله نفسًا إلّا وسعها.
  • القول الثاني: وهو الّذي عليه أكثر العلماء: بأنّ عليه إخراج فدية عن كل يوم أفطر فيه، وقال بهذا القول الإمام البخاري، لما ورد عن أنس بن مالك أنّه كان قد أطعم عامًا -أو عاميْن- عن كل يوم أفطره.


ومما يلحق حكمه بالشيخ الكبير: الحامل والمرضع، في حالة خوفها على نفسها أو على أولادها، فتفرقت الأقوال على: الجواز بالإفطار مع القضاء والفديْة، وقيل بالفداء فقط لا غير، وقيل بالقضاء فقط، ومنهم من قال بعدم وجوب الفدية أو القضاء في حقهنّ.[٢]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند الطبري

ما التأويل الّذي رجحه الإمام الطبري للآية؟

اختلف القرّاء في تأويل الآية الكريمة على أقوال، وهي:[٣]


  • القول الأول: حكم الآية في أول نزول فرض الصوم، فكان يصوم من يقدر على الصوْم من المقيمين، ومن شاء أفطر ودفع فدية إفطاره، حتى نسخ ذلك بوجوب الصيام على المقيم القادر.
    • دلالة قولهم: بما ورد عن الصحابي الجليل معاذ بن جبل: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصامَ يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إنّ الله جل وعز فرض شهر رَمضان، فأنزل الله تعالى ذكره:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" حتى بلغ"وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين"، فكان من شاء صامَ، ومن شاء أفطر وأطعمَ مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل:"فمن شَهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو عَلى سفر"،فأصبحت رخصة الإفطار للمريض والمسافر والشيخ الكبير.
  • القول الثاني: أنّها كانت خاصة للشيخ العجوز الّذي لا يقدر على الصيام، فكان مرخّصًَا له الإفطار والفداء، وبنزول آية فرض الصوم، وجب في حق الشيخ إلّا إذا عجز عن الصوم، فيبقى على ما كان عليه من الحكم قبل نسخه.
    • دلالة قولهم: الأثر الوارد عن ابن عبّاس، وهو: "كان الشيخُ الكبير والعجوزُ الكبيرةُ وهما يطيقان الصوم، رُخص لهما أن يفطرَا إن شاءا ويطعما لكلّ يوم مسكينًا، ثم نَسخَ ذلك بعد ذلك:"فمن شَهد منكم الشهر فليصمه ومَنْ كان مريضًا أو عَلى سفر فعدةٌ من أيام أخر"، وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، إذا كانا لا يطيقان الصوم، وللحبلى والمرضع إذا خافتا"
  • القول الثالث: نفوا أن تكون الآية قد نسخ حكمها، وحكمها ثابت من وقت نزول الآية الكريمة، وتأويلها، أي أن الشاب ومن له قوة وصحته جيّدة، إذا ما مرض وكبر وعجز فله دفع الفديه عوضًا عن صيامها.
    • دلالة قولهم: ما ورد عن السدّي؛ أنّه قال: "أما الذين يطيقونه، فالرجل كان يطيقه وقد صام قَبل ذلك، ثم يعرض له الوَجع أو العطش أو المرض الطويل، أو المرأة المرضعُ لا تستطيع أن تصوم، فإن أولئك عليهم مكانَ كل يوم إطعام مسكين، فإن أطعم مسكينًا فهو خيرٌ له، ومن تكلف الصيام فصامه فهو خيرٌ له"، بالإضافة لقول ابن عباس، بقياسها على الحامل والمرضع فإذا ما خافت بالصيام على نفسها وطفلها، فلها أن تفدي، فإذا ما انتفى سبب الحمل والإرضاع وجب في حقها الصيام، فقال ابن عباس بأنّها بمقام الّذين لا يطيقونه.


ذهب أبو جعفر الطبري، في ترجيح القول في تأويل الآية الكريمة، بأنّ الآية نسخ حكمها بنزول آية فرض الصوم.[٣]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند البغوي

هل الآية منسوخة؟


قول من قال بالنسخ

ذهب أكثر العلماء بأن الآية منسوخة، بعد أن كانوا مخيّرين بين الصيام ودفع الفدية، نسخ الحكم بفرض الصيام، إلا أنّ قتادة قال أنّ الآية كانت خاصة بكبير السن ثم نسخ الحكم، وذهب الحسن إلى أنّها نزلت في المريض ثم نسخ الحكم.[٤]


قول من نفى النسخ

ذهب جماعة من أهل العلم على أنّ الآية محكمة، ومتأويلها أنّ من كان قادرًا على الصيام، ثم كبر فعجز، أو مرض، فله أن يفدي، أو المرأة في حالة الحمل والإرضاع، إن خشيت على نفسها أو طفلها فلها أن تفدي، وهو قول سعيد بن جبير.[٤]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند الرازي

ما الأقوال الّتي أوردها الإمام الرازي في تفسير الآية؟

نقل الإمام فخر الدين الرازي الاختلافات الواردة في تأويل الآية الكريمة، وهي:[٥]


  • القول الأول: وهو قول الأصمّ، أنّه يقصد بها المسافر والمريض إن كانا لا يقدران على الصوم، فيترتب عليهما القضاء، وإنا كانا قادرين على الصيام، فيكون حينها مخيّرًا ما بين الصوم والإفطار، فإذا أفطر فعليه الفدية.
  • القول الثاني: يقصد به المقيم، غير المريض، فكان مخيّر بين الصيام وعدمه، إلى أن تم نسخ حكم الآية، فوجب الصيام في حقّه، وأكثر المفسّرين والفقهاء على هذا القول، واختاره الشافعي
  • القول الثالث: نزلت الآية الكريمة في حق كبير السن، وتأويل ذلك من وجهيْن، الوجه الأول: فقالوا بأن السعة فوق الطاقة، فالسعة، اسم لمن كان قادرًا على الشيء دون مواجهة الصعوبة، أمّا الطاقة اسم لمن كان قادرًا على الشيء مع صعوبة ذلك عليه، الوجه الثاني: فمقصود "وعلى الّذين يطيقونه" أي المقدرة على الصوم مع المشقة.


ونقل الإمام الرازي أقوال العلماء في الفدية، فالشيخ الهرم إذا ما أفطر فيترتب عليه الفدية، والمرضع والحامل إذا ما افطرتا فذهب الإمام الشافعي لوجوب الفدية، وقال أبو حنيفة بعدم وجوب الفدية مع وجوب القضاء.[٥]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند السعدي

ما التأويل الّذي رجحه السعدي للآية؟

قال السعدي في تفسير الآية، أن حكم الآية كان في بداية فرض الصوم، لعدم اعتيادهم على الصوم، غلى أن تعوّدوا على صيام رمضان، نُسخ حكم الآية من التخيير للفرض، وقيل في الفدية أنّه على الصحيح عليه إطعام عن كل يوم مسكينًا.[٦]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند القرطبي

ما الأقوال الّتي أوردها القرطبي في تفسير الآية؟

أورد الإمام القرطبي تأويلا اهل العلم في تفسير الآية، ورجّح منها، وهي كالتالي:[٧]


القول الأول

قال فري من العلماء بأنّ الآية منسوخة، فكان حكمًا واردًا أول ما فُرض الصيام، فكان الصيام شاقًّا حينئذ، فخيُّروا بين الصوم والفدية.[٧]


القول الثاني

وهو قول ابن عباس أنّها نزلت في الشيوخ، فلهم دفع الفدية، إلى أن نُسخت الآية، فخصصت الفدية فقط للشيوخ الذين لا يقدرون على الصوْم، وفي قول آخر عن ابن عبّاس أن الآية للحامل والمرضع إذا ما خافتا على أنفسهما أو على اطفالهما، فلهما الفدية، وأخرج الدارطني في رواية أخرى عن ابن عبّاس بأن الآية غير منسوخة، ورجّح الإمام القرطبي قول ابن عبّاس القائل بعدم نسخ الآية، وأنّها محكمة في حق كبير السن والحامل والمرضع.[٧]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند البيضاوي

ما الأقوال الّتي أوردها البيضاوي في تفسير الآية؟

نقل الإمام البيضاوي تاويل الآية الكريمة، وهي:[٨]

  • القول الأول: أن حكم الآية كان واردًا في أول أمر فرض الصيام، فكانوا مخيّرين بين الصوم والفدية، ثم نسخ حكم الآية، فأصبح الصوم واجبًا.
  • القول الثاني: جواز الفدية لمن يلحقه الإجهاد بالصوم من كبار السن، مع إثبات أن الصوم خيرٌ وأفضل من الفدية.


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند الشعراوي

ماذا قال الإمام الشعراوي عن الحكمة في تشريع الصوم؟

يقول محمد متولي الشعاروي أنّ هذه الآيات تعد مثالًا في منهج الشريعة في تدرّج احكامها، فلمّا نزل حكم الصيام في أول الأمر، كان للمسلم الخيار بين الفدية والصوْم، ونبّة الله عز وجل على أنّ حكم فرضية الصوْم واقع على المسلمين في قادم الأمر، وذلك استدلالًا بقوله -تعالى- بأن الصوم خير وأفضل من الفدية، إلى أن تعوّد المجتمع المسلم على شريعة الصوم، نزل الأمر بفرضية الصوم، دون ذكر جزئية الفدية في آية فرض الصوْم، باعتبار أنّ الصوم هو الفرض ولا بديل لفدية لمن يستطيع الصوْم، إّلا في حالة من لا يطيقه فعليه حينئذ الفدية.[٩]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين عند النابلسي

بماذا فسّر الشيخ النابلسي معنى الآية؟

فسر الشيخ محمد راتب النابلسي الآية، بأنّ علّة الإفطار في رمضان تكون لمرض أو لسفر، مع وجوب القضاء، فالأولى له والأفضل أن يدفع فدية إضافة إلى قضاء ذلك اليوم، أو الأيّام الّتي أفطرها.[١٠]


معنى آية: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين من تفسير الجلالين

ما حكم إفطار الحامل والمرضع؟

بيّن الإماميْن جلال الدين المحلّي وجلال الدين السيوطي في تفسير الآية الكريمة، بأنّ الآية في أول الأمر نزلت للتخيير ما بين الصوم والفدية، وذلك لمشقة الصوم على المسلمين حينئذ، مع بيان بأنّ الصوم خير من الفدية، إلى أنْ نسخ الحكم للفرضية، إلّا أنّ ابن عباس رضي الله عنه قال بأنّ الحكم باق للحامل والمرضع إذا خافتا من الأذى، فلهما الإفطار والفدية، وفسر الإماميْن بأن للشيخ الكبير أو المريض الّذي لا رجاء بشفائه لهما أن يفطران ويفديان.[١١]

المراجع

  1. ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 364-368. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 367. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ابي جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 433-437. بتصرّف.
  4. ^ أ ب البغوي، تفسير البغوي، صفحة 196-198. بتصرّف.
  5. ^ أ ب فخر الدين الرازي، تفسير الرازي، صفحة 247-250. بتصرّف.
  6. عبدالرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 86.
  7. ^ أ ب ت شمس الدين القرطبي، تفسير القررطبي، صفحة 288.
  8. البيضاوي، تفسير البيضاوي، صفحة 124.
  9. الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 770.
  10. محمد راتب النابلسي (2016)، تفسير النابلسي، الاردن:مؤسسة الفرسان، صفحة 934، جزء 1. بتصرّف.
  11. جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، تفسير الجلالين، صفحة 38. بتصرّف.
6112 مشاهدة
للأعلى للسفل
×