معنى اسم الله الحليم

كتابة:
معنى اسم الله الحليم

أسماء الله الحسنى

تدلُّ أسماء الله الحسنى على الذات العليَّة لله تعالى حاملةً أيضًا معها صفات الكمال القائمة بها، مثل: السميع والحكيم والعليم، فهذه الأسماء من أسماء الله الحسنى التي تدلُّ على الذات الإلهية وعلى الصفات التي يقوم بها وهي: السمع والحكمة والعلم، وبخلاف الصفات فإنَّها تشيرُ إلى نعت الكمال القائم بذاته ومثال على الصفات: الحكمة والعلم، ولذلك فإنَّ الأسماء تدل في ذات الوقت على أمرين هما: الذات والصفة القائمة بها، أمَّا الصفات فتدل على أمر واحد دون الذات، وعلى ذلك فالاسم يشمل الصفة والصفة تستلزم الاسم، ويجب على المسلمين أن يؤمنوا بجميع ما ثبت من صفات وأسماء في القرآن والسنة لله تعالى، مع الإيمان بأنَّه لا يشبهه تعالى أحدٌ في صفاته، ورآى ابن تيمية أنَّ الأسماء الحسنى هي الأسماء التي وردت في كتاب الله وفي السنة النبوية وتقتضي مدح وثناء الذات الإلهية بنفسها وهي التي يُسأل الله به حيثُ اقترنت، وهذا المقال سيتحدث عن معنى اسم الله الحليم.[١]


معنى اسم الله الحليم

لقد وردَ في الحديث الصحيح أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ"،[٢] لكنَّه لم يذكرها بالتفضيل على الرغم من أنَّ الإمام الترمذي زاد تعيين الأسماء ولكنَّ العلماء اختلفوا في صحة تلك الرواية والعديد منهم ضعَّفها ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، ولكنَّ الفقهاء من أهل العلم اجتهدوا وقاموا بتحديد تلك الأسماء حيثُ اعتمدوا على كتاب الله والأحاديث النبوية في تعيينها، ومن تلك الأسماء اسم الله الحليم، [٣] وفي الحديث عن معنى ذلك الاسم يُشار أنَّ الحليم هو الذي يحمل صفةَ الحلم، والحليم هو الذي يتَّصف بالحلم والأناة والتعقُّل وضبط النفس والابتعاد عن الهياج والغضب، وأمَّا في حقِّ الله تعالى فمعناه الذي لا يعجِّلُ العقوبة على العباد بسبب ذنوبهم وكفرهم، وهو ذو أناة وصفح لا يستفزه غضب ولا جهل الجاهلين ولا عصيان العاصين ولا ذنوب المسرفين.[٤]


وفي معنى آخر فإنَّ اسم الله الحليم الذي لا يعجل النقمة على من خالفه وعصاه فهو ذو أناةٍ وصفح على الدوام، وهو الذي يصفحُ مع القدرة ويتمهل في تعجيل العقوبة، أمَّا الذي يصفحُ عن عجر لا يسمى حليمًا، وقد وردَ في الحجة في بيان المحجة للأصبهاني أنَّه الحليمَ حليمٌ على من عصاه، لأنَّه لو شاء أخذه في وقته، لكنَّه يؤخره إلى أن يشاء الله، ورغم أن هذا الاسم يوصف به البشر، ولكن في الإنسان لا يكون الحلم في الصغر، وفي الكبر قد يتغير بسبب المرض أو الغضب أو أسباب عارضة، أمّأ حلم الله تعالى فإنَّه لا يزول ولا يزل ولا يتغيَّر ولا يفنى، وهو حليم مع القدرة بخلاف الحلم عند المخلوق العاجز، والله أعلم.[٥]


الشواهد الدينية على اسم الله الحليم

إنَّ الشواهد الدينية على اسم الله الحليم كثيرة، فقد وردَ ذكره في كتاب الله تعالى 11 مرة تقريبًا، ومن المواضع التي ورد فيها: في سورة البقرة مرَّتين وفي سورة الأحزاب وسورة فاطر،[٦] وغالبًا ما ذُكِر مقترنًا بأحد أسماء الله الحسنى الأخرى أو صفاته، ففي سورة البقرة يقول تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}،[٧] وفي سورة المائدة يقول تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}،[٨] حيثُ اقترن باسم الله الغفور، وأمَّا في السنة النبوية فقد وردَ اسم الله الحليم في صحيح البخاري في الحديث الذي رواه ابن عباس: "أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَدْعُو بهِنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ"،[٩] ولم يرد في السنة النبوية في غير هذا الموضع والله أعلم.[١٠]


ثمرات معرفة معنى اسم الله الحليم

بعد التعرُّف على معنى اسم الله الحليم بالتفصيل وذكر الشواهد الدينية عليه، لا بدَّ من المرور على الثمرات المستفادة من معرفة ذلك الاسم، ففي كل ما يتعلمه المسلم من علوم شرعية أجر كبير وثمرات عظيمة تعودُ عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، ومعرفة معنى أسماء الله الحسنى بما فيها الحليم من أبواب الخير التي يجب على كلِّ مسلم أن يطرقها، وسيتمُّ إدراج ثمرات معرفة معنى اسم الله الحليم فيما يأتي:[١١]


  • الإحاطة بأعظم باب من أبواب دخول الجنة، والذي تحدَث عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ"،[١٢] وأحصاها تدلُّ على معرفة معانيها كلها والعمل بمقتضاها.
  • الوصول إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة أسمائه وصفاته التي لا تكتمل إلا من خلال معرفة معنى اسم الله الحليم.
  • التوجُّه إلى الله تعالى بالدعاء الذي هو مخُّ العبادة بأسمائه الحسنى وصفاته، ومعرفة أوقات ذكرها والتوسُّل إلى الله بها.
  • استجابة الدعاء من قبل الله تعالى، لأنَّ معرفة معاني أسماء الله الحسنى سبب لأجابة الدعاء عندما يدعو المسلم بها، حيثُ يقول تعالى في محكم التنزيل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}،[١٣] ويقول أيضًا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.[١٤]
  • اكتساب محبَّة الله تعالى، لأنَّ من أحبَّ أسماء الله الحسنى وتعرَّف على معانيها أحبَّه الله، ففي الحديث عن عائشة: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ".[١٥]
  • معرفة معنى اسم الحليم سبيل للاتصاف بمعناه والتخلُّق به وهو الحلم، وبذلك يكون طريقًا لإصلاح القلوب والنفوس.

المراجع

  1. "تعريف الأسماء الحسنى وما الفرق بين الاسم والوصف والفعل؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7392، صحيح.
  3. "أسماء الله الحسنى كما وردت في القرآن الكريم والسنة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  4. "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (37) اسم الله الحليم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  5. "معنى اسم الله الحليم"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  6. "شرح وأسرار الأسماء الحسنى - (37) اسم الله الحليم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15.
  7. سورة البقرة ، آية:263
  8. سورة المائدة، آية:10
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7431، صحيح.
  10. "اسم الله الحليم 1"، kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  11. "أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7392، صحيح.
  13. سورة الأعراف، آية:180
  14. سورة غافر، آية:60
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:7375، حديث صحيح.
4856 مشاهدة
للأعلى للسفل
×