معنى الإيمان بالملائكة

كتابة:
معنى الإيمان بالملائكة

أركان الإيمان

الإيمان هو العقيدة الخالصة و التّصديق بما أوجبه الله سبحانه فعلى المرء الإيمان به كي يتحقق إيمانه الصحيح، ولقد أشار الدّين الإسلاميّ إلى أركان الإيمان السّتة التي تستوجب الإيمان والتّصديق بها، وهي مذكورةٌ في الحديث الصّحيح الذي رُوي عن الصّحابيّ الجليل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "الإِيمانُ: أنْ تُؤمن بِاللهِ ومَلائِكتِه، وكُتُبِهِ، و رُسُلِهِ، و اليومِ الآخِرِ، و تُؤمن بِالقَدَرِ خَيرِهِ و شَرِّهِ"،[١] فالإيمان بالله وربوبيّته أعظم الإيمان ولا يكون المرء مؤمنًا إذا جحد أو أنكر إحدى أركان الإيمان الستة.[٢]

تعريف الملائكة

الإيمان بالملائكة يقتضي وجوبًا التعريف بهذه المخلوقات كما وردت في المعاجم العربيّة لغةً وإصطلاحًا، فقد جاء في تعريف الملائكة في اللغة على أنّها جمع مَلَك المشتقّة من كلمة الألوكة وتعني الرّسالة، فالملائكة -عليهم السّلام- هم أصحاب الرّسالة التي نقلها الله تعالى إلى رسله وأنبيائه وكافّة خلقه، قال تعالى في سورة فاطر: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}،[٣] أمّا عن المعنى الإصطلاحيّ للملائكة فهي تُشير إلى المخلوقات النّوْرانيّة التي خلقها الله تعالى من النّور وجبلهم على طاعته وعبادته، لا يوصفون بجنسهم كما البشر ولا يأكلون ولا يشربون، وقد إصطفاهم الله سبحانه وأسكنهم السّماوات، قال تعالى في سورة الحجّ: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.[٤][٥]

الإيمان بالملائكة

معنى الإيمان بالملائكة يكمن في الإعتقاد المُطلق بوجودهم لا شكّ ولا ريب في ذلك، لقوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}،[٦] وقد جعل الإسلام الإيمان بالملائكة ركنًا رئيسًا من أركان الإيمان السّتة فمن أنكر وجودها فقد كفر، قال تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}،[٧] ويكون الإيمان بالملائكة بشكلٍ مُطلق وليس على درجة واحدة، فيؤمن العبد بهم بالإجمال ويؤمن بما أشارَ إليه القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة في كونهم مخلوقات من نور لهم خلقةٌ عظيمة، إضافةً لكونهم يمتلكون الأجنحة فمنهم من له جناحان ومنهم أكثر كجبريل -عليه السّلام- الذي يمتلك 600 جناح.[٨]

والملائكة هم جندٌ من جنود الله وهبهم الله القدرة والكرامة والجمال والحياء والبرّ والتعبّد لله، وقد ورد في السنّة النبويّة الشريفة بعض أسماء الملائكة وعلمهم ومنهم: جبريل -عليه السّلام- أمين الوحي ورضوان خازن الجنّة -عليه السّلام- وخازن النّار مالك -عليه السّلام- وملك الموت المكلّف بقبض الأرواح ونفخ الصّور إسرافيل -عليه السّلام- وميكائيل -عليه السّلام- المكلّف بأمر ماء السماء والملكين الموكّلين بسؤال القبر منكر ونكير -عليهما السّلام- وغيرهم من الملائكة، وقد قال الله تعالى فيهم في سورة الأنبياء: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}.[٩][٨]

الملائكة والمؤمنين

إنّ على الملائكة واجبات عديدة تجاه المؤمنين منها حبّهم في الله لمن أحبّه الله، قال رسول الله صلىّ الله عليه وسلّم: "إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ"،[١٠] ومن واجباتهم تسديدهم إلى طريق الهداية وصلاتهم عليهم في الجنائز وصلاة الجمعة وغيرها، قال تعالى في سورة الأحزاب: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،[١١] كما أنّ الملائكة تستغفر للمؤمنين قال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}،[١٢] كما أنّهم يشهدون المجالس التي يُذكر فيها الله ومجالس العلم وتحفّهم بأجنحتهم وتبسطها لطلبة العلم، إضافةً إلى العديد من الواجبات تجاه المؤمنين.[١٣]

أمّا عن واجبات المؤمنين تجاه الملائكة فيجب على المرء أن لا يتعمّد إيذاء الملائكة وذلك بترك الذّنوب والآثام فهي من أكثر ما تكرهه الملائكة، فالملائكة لا تدخل البيوت التي يُعصى الله فيها، ولا تقرب السكران والجنب وهو ما رُوي في الحديث الصّحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "ثلاثةٌ لا تقرَبُهم الملائكةُ الجنُبُ والسَّكرانُ والمُتضمِّخُ بالخَلوقِ"،[١٤] كما أنّها تتأذّى من رائحة الثّوم والبصل والكراث، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "مَن أَكَلَ مِن هذِهِ الشَّجرةِ. قالَ: أوَّلَ يومٍ الثُّومِ، ثمَّ قالَ: الثُّومِ والبصلِ والكرَّاثِ فلا يقربنا في مساجدنا، فإنَّ الملائِكَةَ تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منهُ الإنسُ".[١٥][١٦]

ثمرات الإيمان بالملائكة

أثنى الله سبحانه على ملائكته بكريم الخصال وعظيم الأعمال، وعلى ذلك فإنّ الإيمان بالملائكة يُثمِر عنها ثمراتٍ عظيمة منها التزوّد بعظمة الله وسلطانه ومعرفة قوّته من خلال خلقه للملائكة فعظمة المخلوقات من عظمة الخالق كما أنّ إستشعار وجودهم في حياة المرء يدفع الإنسان إلى المحافظة على مكارم الأخلاق ويبتعد عن سوء الخلق، وأنّ الثبات على الطّاعة والمداومة على مجالس الذّكر يُقرّب الملائكة من المؤمن فيجالسوه ويستأنسوا بطاعته لله سبحانه، كما أنّ موالاتهم ومحبّتهم تقتضي الهداية والبشرى من الله، قال تعالى في سورة البقرة: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}،[١٧] كما أنّه على المؤمن أن لا يُبالغ بتعظيم الملائكة فيجعله من دون الله آلهة فينزلهم ملائكتهم ويحبّهم ويعظّمهم بما يُرضي الله.[١٨]

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2797، حديث صحيح.
  2. "أركان الإيمان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  3. سورة فاطر، آية: 1.
  4. سورة الحج، آية: 75.
  5. "تعريف الملائكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 285.
  7. سورة النساء، آية: 136.
  8. ^ أ ب "الإيمان بالملائكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2019. بتصرّف.
  9. سورة الأنبياء، آية: 26-28.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2637، حديث صحيح.
  11. سورة الأحزاب، آية: 43.
  12. سورة الشورى ، آية: 5.
  13. "دور الملائكة تجاه المؤمنين"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  14. رواه الهيتمي المكي، في الزواجر، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 2/154، إسناده صحيح.
  15. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن جابر ين عبد الله، الصفحة أو الرقم: 706، حديث صحيح.
  16. "واجب المؤمنين تجاه الملائكة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  17. سورة البقرة، آية: 97.
  18. "من فوائد وثمرات الإيمان بالملائكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
4455 مشاهدة
للأعلى للسفل
×