معنى الاستنجاء

كتابة:
معنى الاستنجاء

الطهارة

الطَّهارة مصدر الفعل طَهُر يَطهُرُ، ومعناها لغةً: النَّزاهةُ والنَّظافةُ مِنَ الأوساخِ والأقذار والأدناس، والطَّهارةُ اصطلاحًا: إزالة الخَبَث ورفْعُ الحدَثِ، فتطلق الطَّهارة على معنيينِ: الأوًل: مادّي وهو إزالة الخبث أي النّجاسة، وتشمل طهارة البدن والثّوب والمكان وغيره من النّجاسات، كالبول والغائط والدّم، والثَّاني: معنويّ، وهو رفْعُ الحدَثِ، ويعني الطَّهارةُ بالوُضوءِ، أو الغُسلِ، أو "التّيمّم" لمن لم يجد الماء،[١] فالطّهارة هي نظافة مخصوصة بغسل أعضاء مخصوصة، وتكون بصفة مخصوصة، ولها ثلاثة أنواع: وضوء وغُسل وتيمُّم،[٢] وقد فرض الله الطّهارة على المسلمين، حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.[٣] وفيما يأتي معنى الاستنجاء.[٤]

معنى الاستنجاء

للوصول إلى معنى الاستنجاء، فالاستنجاء مصدر الفعل استنجى يستنجي، والاستنجاء لغة:[٥] قطع الأذى عن نفسه، استنجى من كذا أي خلص منه، واستنجى الرّجل طلب نجوة، وهي الأرض التي تستره لإخراج الأذى، الاستنجاءُ اصطلاحًا:[٥] إزالةُ الخبَثِ والنّجس مِنَ القبل والدّبر بالماءِ أو بالأحجارِ، وغسل موضع النّجو وتنظيفه، فاسْتَنْجَى المُحْدِثُ، أي: تطهَّر وأزال النّجاسة بالماء أو غيره.[٦] وقالوا: الاستنجاء مأخوذ من نجوت الشّجرة، أي قطعتها، فمعنى الاستنجاء قطع الأذى وإزالته عن نفسه، ويطلق على الاستنجاء كذلك الاستطابة، لأنّه يطيّب الجسد برفع الأذى عنه ونظافته، كما أنّه يطلق عليه الاستجمار، وذلك لاستخدام الجمار؛ وهي الحجارة الصّغيرة لرفع الأذى والخبث عن الجسم.[٧]

حكم الاستنجاء

بعد معرفة معنى الاستنجاء لا بدّ من معرفة حكمه، فالاستنجاء من النّجاسة واجب على المسلم قبل الصّلاة، فلا تصحّ الصلاة بوجود نجاسة على جسمه، صغرت أم كبرت، فيترتب على المسلم أن يستنجي كلّما خرج لقضاء حاجته، فكلّ ما يخرج من السّبيلين؛ كالغائط والبول والوذي والمذي والدّم  نجاسات يجب أن ترفع عن البدن، وإلّا فلا تصحّ صلاة مسلم مع وجود نجاسة على جسمه من غير عذر، وقد خالف هذا الحكم أبو حنيفة النّعمان،[٨] إذ رأى بأنّه لا يجب إزالة النّجاسة بل على الاستحباب إذا كان حجمها بحجم الدّرهم الأسود البغليّ وأصغر ومهما وصلت سماكتها، ولو إلى شبر، ورجح أهل العلم القول بالوجوب، وكذلك حديث ابن عباس رضى الله عنهما: "أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرّ بقبرين، فقال: «إنَّهما ليعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ، أمَّا أحدُهُما فَكانَ لايستبرئُ من بولِهِ، وأمَّا الآخرُ فَكانَ يمشي بالنَّميمةِ"،[٩] وهذا دليل على وجوب رفع النّجاسة عن الجسم، وأفضل ما يُستنجى به، وتُرفع به النّجاسة الماء، لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَدْخُلُ الخَلاءَ فأحْمِلُ أنا، وغُلامٌ نَحْوِي، إداوَةً مِن ماءٍ، وعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بالماءِ"،[١٠] وإن تعذّر وجود الماء يمكن استعمال الحجارة، ودليله حديث سلمان -رضي الله عنه- الذي قال فيه: "لقَدْ نَهانا أنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ لِغائِطٍ، أوْ بَوْلٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ باليَمِينِ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ بأَقَلَّ مِن ثَلاثَةِ أحْجارٍ"،[١١] فثلاثة أحجار تجزئ عن استخدام الماء، ولكن لو استخدم الحجر ثمّ الماء لكان أفضل وأطهر، أو باستخدام المحارم أو الورق أو الخرق أو غير ذلك، شرط  ألّا يكون مكتوب عليها، وأن تكون طاهرة، لحديث ابن مسعود، رضي الله عنه: "أَتَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الغَائِطَ فأمَرَنِي أنْ آتِيَهُ بثَلَاثَةِ أحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، والتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أجِدْهُ، فأخَذْتُ رَوْثَةً فأتَيْتُهُ بهَا، فأخَذَ الحَجَرَيْنِ وأَلْقَى الرَّوْثَةَ وقالَ: هذا رِكْسٌ".[١٢][١٣]

آداب الاستنجاء

للاستنجاء أداب، ينبغي على المسلم أن يلتزم بها، ويحرص عليها، وهي: عدم اصطحاب شيء فيه اسم الله تعالى، كالخاتم وغيره من حلية النّساء أو المصحف، إلّا إذا خشي عليه من السّرقة فيحفظ داخل ثيابه ويحرص عليه من الوقوع، الدّخول بالرّجل اليسرى، والخروج باليمنى، التّسمية والاستعاذة عند الدّخول إلى الخلاء، لقوله، صلّى الله عليه وسلّم: "سَترُ ما بين أعينِ الجنِّ، وعوْراتِ بني آدمَ، إذا دخل أحدُهم الخلاءَ أن يقولَ: بسمِ اللهِ"،[١٤] وعن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُبكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبَائِثِ"،[١٥] عدم استقبال القبلة أو استدبارها في الفلاة إلّا للضّرورة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أتَيْتُمُ الغَائِطَ فلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، ولَا تَسْتَدْبِرُوهَا ولَكِنْ شَرِّقُوا أوْ غَرِّبُوا"،[١٦] حيث قال أبو أيوبَ: "فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بُنيت قِبل القِبلة، فننحرف ونستغفر الله تعالى"، عدم الكلام والضّحك والأكل والشّرب مطلقًا، لحديث ابن عمرَ: "أنَّ رَجُلًا مَرَّ ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عليه"،[١٧] فردّ السلام واجب وترك النّبي -صلّى الله عليه وسلم- للواجب هنا يدلّ على حرمة الكلام في الخلاء، الاستنجاء باليد اليسرى وعدم لمس القبل أو الدّبر باليمنى لقوله، صلى الله عليه وسلّم: "إِذَا بَالَ أحَدُكُمْ فلا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بيَمِينِهِ،ولَا يَسْتَنْجِي بيَمِينِهِ"،[١٨] وعدم قضاء الحاجة في طريق النّاس وفي مكان ظلّهم، لحرمة ذلك، لقوله، صلّى الله عليه وسلّم: "اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ"،[١٩] وعدم قضاء الحاجة في الماء الرّاكد، وذلك لأنّه ثابت لا يجري ولا يتغيّر وقد يحتاج إليه النّاس لريّ مواشيهم أو غسل متاعهم، لأنَّه -صلّى الله عليه وسلّم- "نهَى أنْ يُبالَ في الماءِ الرَّاكِدِ"،[٢٠] وأن يقول عند الخروج مِن الخلاء غُفْرانك، حيث "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا خرجَ مِنَ الغائطِ قالَ : غُفرانَكَ"،[٢١] وغسل اليدين بعد الخروج من الخلاء، لفعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم.[٢٢]

المراجع

  1. "تعريف الطهارةِ وأقسامها"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  2. "تعريف و معنى طهارة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية:6
  4. "تعريف الطهارة لغة واصطلاحا"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "تعريفُ الاستنجاءِ لغةً واصطلاحًا"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى الاستنجاء"، waraqa.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  7. "أحكام الاستنجاء وآدابه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  8. "مسألة: حكم الاستنجاء"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-18. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2068، حديث صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:271، حديث صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:262، حديث صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:156، حديث صحيح.
  13. "الاستنجاء والاستجمار "، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:606، حديث صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:142، حديث صحيح.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي أيوب الأنصاري ، الصفحة أو الرقم:394، حديث صحيح.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:370، حديث صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:154، حديث صحيح.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:269، حديث صحيح.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:281، حديث صحيح.
  21. رواه أبو حاتم الرازي، في المحرر، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:69، أصح حديث في هذا الباب .
  22. "أحكام الاستنجاء وآدابه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-10. بتصرّف.
3570 مشاهدة
للأعلى للسفل
×