مفهوم التوكل
يُعرفُ التوكل، بأنَّهُ إظهارُ الإعتمادِ على الغيرِ، والعجزَ أمامَهم، وقال الرّاغب في معنى التوكل: "التَّوكل يُقال على وجهين؛ يقال: توكَّلت لفلان، بمعنى: توليتُ له، ويُقال: وكَّلتُه فَتَوَكَّل لي، وتوكَّلتُ عليه، بمعنى: اعتمدته، والتَّوكِيلُ، أن تعتمد على غيرِك وتجعلَه نائبًا عنك"، وأمّا التوكل في الاصطلاحِ، فهو الاعتمادُ الصَادق على اللهِ تَعالى، في جلبِهِ للمصالحِ، ودفعِهِ للمكارهِ، في الدنيا والآخرةِ، وكل الأمورِ فيهما بيدِ الله تعالى، فلا أحد يعطي الخيرَ، أو يَمنع الشَّرَ والسُوء إلا الله تَعالى، وهذا تحقيقٌ لمعنى الإيمان الصادق الذي أمرَ بهِ الله تعالى.[١]
معنى التوكل على الله
يُعَدُ التوكل من العباداتِ القلبيّةِ العظيمةِ، فمن صدقِ إيمانِ العبدِ توكلهُ على اللهِ تعالى في جميعِ أمورهِ، فالتوكلُ هو الإيمانُ الصادقُ في الاعتمادِ على اللهِ تعالى، فهو القادرُ على تحقيقِ النفعِ ودفعِ الضرر، حيثُ قالَ الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}،[٢] وجاءَ في العديدِ مِنَ الشواهدِ القرآنيةِ، الأمرُ من الله -تعالى- لعبادِهِ بالتوكل، وأمرَ اللهُ -تعالى- عبادَهُ في التوكل في أكثرِ من خمسينِ آية، ومنها قولُ اللهِ تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}،[٣] وجاء أمرُ المؤمنين بالتوكل في العديدِ من الآيات حيثُ قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.[٤]
وقد حثَّ رسول الله على التوكل، والصدقَ مع اللهِ في ذلك، ودليلُ ذلك قولُ رسول الله: "لو أنكم تتوكَّلون على الله حقَّ توكُّلِه، لَرَزَقَكُم كما يرزق الطير؛ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتُروحُ بِطَانًا"،[٥] ويحملُ هذا الحديث معنى التوكل على الله، فلو توكلَ العبدُ على اللهِ بقلبِهِ، ليسَّرَ اللهُ لَهُ الرزقَ في أبسطِ الأسبابِ، كما يأتي الله بالرزق للطيورِ، بمجرد غدوّها كُلَّ صباحٍ، حتى وإن كان هذا سعيًا، لكنّهُ أمرٌ يسير، وساق الله بهِ للطيرِ مُرادَهُ.[٦]
ويجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ معنى التوكل على الله، لا يتعارض مع الأخذِ بالأسبابِ، فينبغي الأخذُ بالأسباب، التي تؤدي للمطلوبِ، مع استشعارِ العبدِ أنّ هذهِ الأسباب لا تؤثر إلا بإرادةِ اللهِ تعالى، والاعتماد على الله في تيسيرِ المطلوبِ، ودليلُ هذا هو ما قامَ بهِ رسول الله في الهجرةِ، فَقدْ خططَ لها، ووضعَ الأسباب التي تساعدهُ على نجاحها، ومع هذا لمّا جاءهم المشركون على مدخلِ الغارِ، عندها تعجبَ أبو بكرٍ من ذلك فلو نظرَ أحدهم تحتَ قدميهِ لرأَهُما، وقد روى ذلكَ أبو بكرٍ فقال: "قُلتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"،[٧] ومن أفعالِ رسول اللهِ التي تدلُ على أنَّ الأخذَ بالأسبابِ لا يتعارضُ مع معنى التوكل على الله، هو لبسُهُ للدرعِ في غزوةِ أحد، فيجبُ الأخذُ بالأسبابِ وكأنّها كُل شيءٍ، والتوكل على الله تعالى وكأنَّ الأسبابَ كُلّها لا تعني شيئًا، فالأمرُ كلهُ لله.[٨]
فضل التوكل على الله
يُعَدُ التوكل على الله من شعبُ الإيمانِ، التي تكونُ أساسًا لمعرفةِ اللهِ تعالى، والإيمان بقدرتهِ، واليقين بأنَّ الله -تعالى- هو المالِكُ لكلِ شيءٍ، فالتوكلُ عبادةٌ يمارسها المؤمنُ في قلبهِ، ويحبها اللهُ تعالى، ومن فضل التوكل على الله ما يأتي:[٩]
- يُعدّ التوكل على اللهِ نصف الدَّينِ.
- التوكلُ على الله شُعبةً من شعبِ الإيمانِ.
- المتوكلُ على الله يكفيهِ الله -تعالى- كُلَّ همٍّ وشرٍ.
- إنّ الله -تعالى- يُحبُ من يتوكل عليه.
- المتوكل على الله تعالى يتكفل الله برزقِهِ، إذا أحسنَ التوكلَ عليهِ.
- المتوكل على الله يهديه الله تعالى، ويكفيهِ، ويقيهِ.
المراجع
- ↑ "التَّوَكُّلُ على اللهِ تَعَالى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 17.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 58.
- ↑ سورة التوبة، آية: 51.
- ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 402، حديث صحيح.
- ↑ "التوكل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبو بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 3653، حديث صحيح.
- ↑ "المقصود بالتوكل وكيفية تحقيقه "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "التوكل على الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-1-2020. بتصرّف.