محتويات
تعريف القصاص
قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،[١] شرع الدين الإسلامي أحكاماً صالحةً لكل زمان ومكان، ومن يلتزم بها يجد في نفسه ومجتمعه مكانًا صالحًا للعيش،
أما بغير ذلك فلن تستطاب الحياة، ومما شرعه الله سبحانه وتعالى عقاباً للظالمين والفاسدين القصاص.[٢] وفيما يأتي تعريف القصاص لغةً وشرعاً:[٣]
- القصاص لغةً
هو تتبع الأثر، واستعمل في العقوبة؛ لأن المرض يتبع أثر جناية الجاني، فيجرحه مثله.
- القصاص شرعاً
"هو تلقّي المجرم عقابه بمثل ما فعل، فالقاتل يُقتل وهكذا، والقصاص من العقوبات المقدرة التي ثبتت أصولها في الكتاب وفُصّلت في السنة النبوية".
حكم القصاص في الإسلام
القصاص هو حق واجب لأهل القتيل من الجاني، والقصاص من الجاني يُكفِّر إثم القتل؛ لأن الحدود كفّارات لأهلها، وقد ثبتت مشروعية القصاص في القرآن والسنة:[٤]
- القرآن الكريم
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.[٥]
- السنة النبوية الشريفة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل دم امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة).[٦]
والقصاص عدالة؛ لأنه يفعل بالقاتل مثل جنايته، وله مصلحة بتوفير الأمن العام، وحماية المجتمع من الجرائم، وصون الدماء.
عقوبة القصاص
إن عقوبة القصاص تكون تبعاً لنوع الجريمة، فهناك:
- قصاص في النفس.
- قصاص فيما دون النفس، كالجراح وقطع الأعضاء.
القصاص في النفس
إن القصاص حق المجني عليه أولاً، فإن وقعت الجناية عليه كان الجزاء من حقه، ولكن إذا عفا المجني عليه سقط القصاص عن الجاني، فإذا مات المجني عليه من غير عفو انتقل القصاص إلى ورثته،
وهناك شروط للقصاص في النفس تتعلق بالقاتل والمقتول والقتل وولي القتيل، هي:[٧]
- فيما يتعلق بالقاتل
أن يكون بالغًا عاقلًا، ومتعمداً للقتل.
- فيما يتعلق بالمقتول
أن يكون المقتول إنسانًا حيًّا، ويكون مكافئًا للقاتل في الدين، ويكون المقتول معصومًا في الدم.
- فيما يتعلق بالقتل
أن يكون القتل فعلًا من الجاني؛ بحيث تزهق روح القتيل بسبب الجناية.
- فيما يتعلق بولي القتيل
يشترط في ولي القتيل إذا كانوا أكثر من واحد أن يتفقوا على القصاص.
والقصاص فيما دون النفس
هو الذي يكون في الجراح وقطع الأعضاء، كاليد أو الرجل، ويكون على حسب ما يأتي:[٨]
- القصاص في الجراح، كتلك التي تكون في العظم، وجرح الساق والفخذ والقدم.
- جروح لا يمكن القصاص فيها، ويرجع ذلك فيها إلى الأرش والضمان، مثل الشجاج.
- يقتص من الجماعة إذا قطعوا طرف شخص أو جرحوه بما يمكن فيه القصاص.
الحكمة من تشريع القصاص
القصاص يؤدي إلى توفير أمن المجتمع، وحماية الأنفس، وصون الدماء، وزجر الجناة، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.[٩] وفي القصاص حياة ليعلم الجاني أنه سوف ينال عقوبة رادعة.[٣]
موانع تطبيق القصاص
هناك موانع عدة للقصاص هي:[٣]
- في حالة الأبوة، فلا يقتص الولد من أبيه.
- عدم التكافؤ بين الجاني والمجني عليه في الإسلام والحرية.
- حالة الاشتراك بالجرم أو الاتفاق الجنائي.
- القتل بالتسبب، بأن يكون ولي القتيل مجهولًا، والقتل بالحرب عند الحنفية دون غيرهم من الأئمة.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:179
- ↑ صالح فوزان، الملخص الفقهي، صفحة 485. بتصرّف.
- ^ أ ب ت وهبه الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 5661-5676. بتصرّف.
- ↑ محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 31. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:178
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6878، صحيح.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 271. بتصرّف.
- ↑ محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 68. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:179