رواية الحديث
إنّ علم الحديث يدلّ على إدراك الحديث والإحاطة به من جميع جوانبه لذلك فهو يُقسم إلى قسمين علم الحديث روايةً أو علم رواية الحديث وعلم الحديث دراية، وقد عرّف أحد العلماء علم الحديث روايةً بأنّه: علم يشتمل على أقوال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها، ولكنّ علماء آخرين قد أوردوا اعتراضات على هذا التعريف رغم أنّه من أشهر تعريفات علم الحديث رواية، وهذه الاعتراضات هي أنّ التقريرات والصفات لم تضمّن في هذا التعريف بالإضافة إلى أنّه لم يذكر أقوال الصحابة والتابعين وهي معدودة ضمن الحديث كما هو مقرر لدى جماعة من أهل العلم، وعليه فيكون التعريف المختار لعلم رواية الحديث، هو: علمٌ يشتمل على أقوال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأفعاله وتقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها"، مع إضافة الصحابي والتابعين عند القائلين بذلك، وغاية علم الحديث هو صون الأحاديث النبوية من الخلل، وسيتم بيان معنى ترجمة الراوي وشروطه في هذا المقال.[١]
معنى ترجمة راوي الحديث
إنّ الترجمة في اللغة هي نقل الكلام من لغة إلى لغة وقد حكا ابن منظور فيلسان العرب أنّ المترجم هو المفسِّر، ولكنّ الترجمة في علم الحديث تأخذ معنى آخر وإن كان أصله قريبًا من المعنى اللغوي فتراجم الأبواب تعني عناوين الأبواب، ومن المواضيع التي بُحثت بعناية عند أئمة الحديث النبوي موضوع تراجم رواة الحديث وهو العلم الذي يُسمّى بعلم الرجال أو تراجم الرجال، ومعنى ترجمة الراوي: إيراد نبذة عن حياة الراوي وذكر صفاته وبعضٍ من مواقفه ومناقبه وأفعاله، بحيث يؤدّي هذا الكلام المحكي عنه إلى معرفة رتبته من الوثاقة أو الضعف، وهو ما يُسمّى بالجرح والتعديل ولا بدّ فيه من العدل والتثبّت وتحرّي الصحة والبعد عن الحسد، كما أنّه ذكر الصفات السيئة إن وجدت في الراوي ليس من باب الغيبة أو النميمة بل إنّه من الدين مع ضرورة الأخذ بقواعد الترجمة المنصوص عليها في كتب التراث لأنّ معرفة حال الرواة له تأثير كبير في معرفة درجة الحديث وبالتالي معرفة إمكانية العمل به أم لا.[٢]
ومن الكتب التي اهتمّت بتراجم الرواة كتاب "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" وكتاب "ميزان الاعتدال" وغير ذلك من الكتب التي اهتمّت بعلم الترجمة وهو أحد العلوم الدقيقة التي تتطلب ورعًا وذكاءً وفطنة بحيث لا يزيد المترجم عن ذكر ما يفيد جرح الراوي فلا ينتصر لنفسه ومذهبه ويطعن بالمسلمين بلا حاجة أو دليل.[٣]
شروط رواية الحديث
لقد وضع العلماء مجموعة من الشروط التي لا بدّ من توافرها في الراوي ليكون حديثه مقبولًا، فإذا فقد شرطًا من هذه الشروط كان حديثه ضعيفًا أو مردودًا وغير ذلك من التسميات التي تُطلق على الحديث عندما يفقد فيه الرواة شروط الرواية الآتي بيانها:[٤]
- الإسلام: إنّ شرط الإسلام هو شرط معتبر ومتفق عليه لأنّ الكافر متّهم في دينه ولا يصحّ قبول روايته لحديث رسول الله.
- التكليف: الصّبي والمجنون لا تُقبل روايتهما للحديث لأنّهما غير مكلفين وليس عليهما إثم فيما يقولان، أمّا سماع الصبي وروايته للحديث بعد البلوغ فمقبولة إذا تحققّت الشروط الأخرى.
- العدالة: الفاسق لا يُقبل روايته للحديث لأنّه قد يكذب ويدخل في حديث رسول الله ما ليس منه.
- الضبط: يجب أن يكون الراوي ضابطًا واعيًا لما يقول حتى تُقبل روايته للحديث.
المراجع
- ↑ "كتاب منهج النقد في علوم الحديث"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
- ↑ صالح اللحيدان (1415)، كتب تراجم الرجال بين الجرح والتعديل (الطبعة 1)، السعودية-الرياض:دار طويق للنشر والتوزيع، صفحة 20، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "أرشيف ملتقى أهل الحديث - 2"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.
- ↑ "كتاب روضة الناظر وجنة المناظر"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-26. بتصرّف.