محتويات
عبدالله بن أبي أوفى
الصحابي والمحدث عبد الله بن أبي أوفى، وأبو أوفى هو علقمة بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة الأسلمي، كنيته أبو معاوية وقيل أبو محمد وقيل أبو إبراهيم، شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديبية وبايعه في بيعة الرضوان، وفيما بعد شهد خيبر والعديد من المشاهد منها حنين، وبقيَ في المدينة المنورة إلى أن توفي رسول الله، حيثُ انتقل للعيش في الكوفة، وهو آخر من تبقى في الكوفة من الصحابة، روى عددًا من الأحاديث عن رسول الله، وروى عنه الشعبي وإسماعيل بن أبي خالد وأبو إسحاق الشيباني وعبد المالك بن عميرن وسلمة بن كهيل والحكم بن عتبة وغيرهم، كفَّ بصره في آخر عمره وتوفي سنة ست وثمانين وقيل سبع وثمانين هجرية في الكوفة، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول معنى حديث: لا تتمنوا لقاء العدو الذي رواه عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله.[١]
معنى حديث: لا تتمنوا لقاء العدو
ما الهدف من هذا الحديث الشريف؟ روى عبد الله بن أبي أوفى حديثًا صحيحًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: "إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا، انْتَظَرَ حتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ خَطِيبًا قالَ: أيُّها النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عليهم"،[٢] وهذا حديث ثابتٌ بين العلماء ومتَّفق عليه وقد وردَ في صحيح البخاري وصحيح مسلم،[٣] وفي الحديث عن معنى حديث: لا تتمنوا لقاء العدو لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان دائمًا ما يخطب في الناس خطبًا قصيرة عارضةً عندما تدعو الحاجة لذلك، وفيما الرسول والصحابة في إحدى الغزوات، انتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى مالت الشمس وأوشكت على المغيب ثمَّ قام وخطب في الناس.[٤]
عند ذلك توجَّه رسول الله إلى الناس قائلًا: إنَّه لا ينبغي على المسلم أن يتمنَّى لقاء العدو ويدعو الله بذلك، كأن يقول: اللهم عجِّل بقدوم العدو وغيره، ولكن على المسلم أن يسأل الله العافية والسلامة في الدنيا والآخرة، ولكن إذا ابتلي المسلم بلقاء العدو وقضي الأمر، فيجب عليه الصبر على قتال الأعداء والاستعانة بالله دائمًا، والقتال لرفع كلمة الله، لأنَّ الجنة تحت ظلال السيوف أي الجنة تحت سيوف المجاهدين، فإذا قتل المجاهد صار من أهل الجنة ولا يمنعه عن الجنة إلا الموت، ثمَّ علَّم رسول الله الناس الدعاء الذي يقال عن ملاقاة العدو، ومعناه أن يتوسَّل المسلمون إلى الله الذي أنزل القرآن الكريم والذي أجرى السحاب في السماء وهي آية من آياته، والذي هزم الأحزاب المجتمعين، أن يهزمَ أعداء المسلمين أجمعين.[٤]
وفي معنى آخر ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ المقصود من النهي عن تمني لقاء العدو محمولٌ على سبيل الثقة بالنفس والعجب بها ونحو ذلك من مباهاة ورغبة في الظهور وليس النهي على إطلاقه، لأنَّه إذا تمنَّى المسلم لقاء العدو رغبةً في الجهاد في سبيل الله تعالى ورغبةً في الموت في سبيله وفي الشهادة في سبيله فلا بأس في ذلك، لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حثَّ على الجهاد كثيرًا، وفي الحديث عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: "مَن ماتَ ولم يغزُ ولم يحدِّث نَفسَهُ بالغَزوِ ماتَ علَى شُعبةٍ من نفاقٍ"،[٥] لذلك فإنَّ النهي محمول على التمنِّي المصحوب بالخيلاء والفخر والثقة بالنفس، أمَّا من تمنَّى لقاء العدو رغبةً في الجهاد ورفع كلمة الله فليس في ذلك حرج ولا يدخل في النهي والله تعالى أعلم.[٦]
معاني المفردات في حديث: لا تتمنوا لقاء العدو
بعد معرفة معنى حديث: لا تتمنوا لقاء العدو، من الجدير بالذكر الوقوف على معاني مفردات الحديث النبوي، وذلك من أجل إيضاح المعاني أكثر وتبيان ما كان غامضًا من معاني الكلمات، وفيما يأتي معاني المفردات في حديث: لا تتمنوا لقاء العدو:
- تتمنوا: من الفعل تمنَّى ويتمنَّى وتمَنَّ، تمنيًا، الفاعل متمنٍّ والمفعول به مُتَمنَّى، ومعنى تمنَّى أي أراد ورغب، تمنَّى كذا: رغب الحصول عليه، وتمنَّى الشيء: قدَّره وأراد ورغب أن يصير له.[٧]
- لقاء: من لاقى ويلاقي لقاءً ولقيَ يلقى لقيانًا ولقيةً، والفاعل لاقٍ والمفعول ملقي، ومعنى لقاء: اجتماع ومقابلة وحوار، ولقاء العدو: منازلته وقتاله.[٨]
- العدو: وجمعه أعداء وعدى، والمؤنث منه: عدوة وعدو، ومعنى العدو هو صاحب العداوة أو الذي يعتدي، والعدو الخصم وعكس الصديق والحليف.[٩]
العبر المستفادة من حديث: لا تتمنوا لقاء العدو
ما هي العبر المستفادة من هذا الحديث؟ من الضروري في نهاية المطاف أن يُشار إلى العبر المستفادة من الحديث، فقد أمرَ الله تعالى المسلمين أن يأخذوا كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويلتزموا بأوامره، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج العبر المستفادة من حديث: لا تتمنوا لقاء العدو:[٤]
- النهي عن تمنِّي لقاء العدو لا يعني عدم تمنِّي الشهادة، لأنَّ تمنِّي الشهادة جائز ومن الأمور التي حثَّ عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث.
- طلبُ العافية من الله دومًا وفي جميع الأحوال، لأنَّ عافية الله تعالى لا يساويها شيء ولا يعدلها أي شيء آخر.
- صبرُ المسلم واجبٌ عليه عند لقاء العدو، ليحظى بتأييد الله ونصره، إذ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.[١٠]
- اختيار وقت المعركة المناسب من قبل القائد رفقًا ورحمةً بالمقاتلين أمرٌ في غاية الأهمية اقتداء برسول الله.
- الدعاء على الأعداء والتوسُّل إلى الله تعالى عند لقاء العدو من الأمور المشروعة والتي ترفع معنويات المقاتلين وتقربهم من الله تعالى.
المراجع
- ↑ "عبد الله بن أبي أوفى"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:2965، حديث صحيح.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "شرح حديث: لا تتمنوا لقاء العدو"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2502، صحيح.
- ↑ "ما المراد بحديث لا تتمنّوا لقاء العدو، وإذا لقيتُموهم فاصبروا"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى يتمنى في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى لقاء في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى عدو في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية:45