مفهوم التقديس
إنّ مفهوم التقديس من حيث اللغة جاء في كتب المعاجم بمعنى التنزيه والتطهير والمباركة، فيُقال: قدّسه الله؛ أي: باركه الله تعالى، وقدَّسَ فلانٌ اللهَ؛ أي: عظّمه وبجّله ونزّهه عمّا لا يليق بألوهيّته، وكذا اسم الله القُدُّوس قيل هو من القُدْس وهي الطهارة، وقال ابن منظور في معجم لسان العرب إنّ التقديس هو التطهير والتبريك، والفعل تقدّس يعني تطهّر، ويُحمل عليه قول الملائكة في القرآن الكريم في سورة البقرة: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}،[١] فمعنى قول الملائكة هنا: نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه؛ أَي: نطهِّره، وثمّة عبارة تتردّد كثيرًا عند قسم من المسلمين وهي قولهم إذا ما أرادوا الدعاء لرجل صالح بالخير قدس الله سره، وسوف تقف الفقرة القادمة من هذا المقال مع معنى قدس الله سره وحكم قولها إن شاء الله.[٢]
معنى قدس الله سره
لقد درجت على ألسنة بعض المسلمين عبارة يطلقونها على بعض مشايخهم أو على بعض من يتوسّمون فيهم الخير والصلاح وهي قولهم قدس الله سره، حيث إنّ معنى قدس الله سره يتوضّح بعد تحليل معنى ألفاظ هذه العبارة، فالتقديس يعني التطهير كما مرّ سابقًا، وكذلك نُقل عن ابن منظور في لسان العرب أنّه قال: "إنّ العرب تقول: لا قدّسه الله؛ أي: لا بارك عليه"، ومنه أيضًا حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يقول فيه: "ما قدَّس اللهُ أُمَّةً لا يأخذ ضعيفُها الحقَّ من قوِيِّها غيرَ مُتَعْتَعٍ"،[٣] وفي رواية أخرى للحديث: "لا قدَّسَ اللهُ أُمَّةً لا يأخذُ ضعيفُها حقَّهُ مِن شديدِها ولا يُتَعْتِعُهُ"،[٣] وأمّا السرّ فالمُراد به هو الروح على أصحّ الأقوال، وكذا قولهم نوّر الله ضريحه، وقولهم قدس الله روحه، وهي عبارات درج استعمالها على لسان جماعة من علماء الأمّة؛ كالإمام جلال الدين السيوطي في شرحه لسنن ابن ماجه، وكذا استعملها الإمام ابن القيّم في كثير من كتبه.[٤]
حكم قول قدس الله سره
بعد الوقوف على معنى قدس الله سره، وبيان من كان يستعملها من علماء المسلمين؛ كالإمام الحافظ جلال الدين السيوطي والإمام ابن قيّم الجوزيّة، وكذلك بعد تفصيل معناها كلمة كلمة، فإنّ هذه الفقرة تقف ختامًا مع حكم قول قدس الله سره، وقبل الحديث عن حكم قول قدس الله سره ينبغي العلم أنّ هذه العبارة لم تكن معروفة أو متداولة في العصر القديم، وفي عصر صدر الإسلام أو عهد الصحابة والتابعين، بل هي ممّا ظهر في عصور الإسلام المتأخّرة، ولكن قد استعملها علماء أجلّاء مشهود لهم بالتقى والورع من عموم المسلمين، وإنّ أهل العلم ذهبوا إلى أنّه لا بأس بقول المسلم عن أخيه قدس الله سره أو قدس الله روحه أو نور الله ضريحه؛ فكلّها تعني الدعاء بالخير بأن يطهّر الله نفسَه وروحه وبأن يجعل قبره منيرًا وفي ذلك كناية عن الرحمة، فلا بأس إذًا بقول قدس الله سره ولا محظور شرعي فيها، والله -تعالى- أعلم.[٥]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 30.
- ↑ "التقديس "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن خولة بنت قيس الأنصارية، الصفحة أو الرقم: 1816، حديث صحيح لغيره.
- ↑ "حكم إطلاق (قدس الله سره) على عالم ما"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "ما حكم قول: قدس الله سره"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.