محتويات
مرض التوحد
التوحد اضطراب عصبي سلوكي مُعقّد يتضمّن اختلال التفاعل الاجتماعي، والتطوّر اللغوي، ومهارات التواصل مع سلوك جامد ومُتكرّر، وبسبب تعدّد أعراض التوحد أصبح اسمه الآن اضطراب طيف التوحد ( Autism spectrum disorder)، وهذه الاسم يغطّي مجالًا واسعًا من الأعراض والاضطرابات ودرجات شِدّة المرض، إذ تتراوح أعراض اضطراب طيف التوحد بين أعراض بسيطة إلى أعراض شديدة تحتاج إلى العناية في مراكز مُتخصّصة.
الطفل المصاب بالتوحد يعاني من صعوبات في التواصل، وعدم القدرة على فهم ما يُفكّر أو ما يشعر به الآخرون، ممّا يشكّل صعوبة لديه في التعبير عن نفسه سواءً بالكلمات أو بالإيماء أو بتعابير الوجه أو باللمس، كما يعاني من صعوبات التعلم، وقد يبدو مصاب التوحد حسّاسًا للغاية بسبب روائح، أو أصوات، أو لمس، أو حتّى أماكن تُعدّ طبيعية عند غيره. وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعضهم قد يتمتعون بمهارات موسيقية أو فنية او حسابية غير اعتيادية، غير أنَّهم يعانون من اضطرابات في التواصل الاجتماعي.[١]
أسباب مرض التوحد
ينتج مرض التوحد عن بعض الاختلالات التي تؤثر في أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة المدخلات الحسية واللغوية، غير أنَّ السبب المباشر والدقيق للإصابة بمرض التوحد غير معروف حتى الآن؛ [١] لذلك فإنّ الدراسات تسعى من أجل معرفة المزيد عن هذا المرض، لكنّ علاج الطفل الذي يعاني من مرض التوحد يُحدّد بالنظر في الأعراض السلوكية التي ينفذّها دون الرجوع إلى تلك المسببات، وتشير البيانات المتاحة إلى أنّ مرض التوحد ينتج من مجموعات مختلفة من العوامل، ومنها الآتي:[٢]
- العوامل الجينية: أظهرت نتائج بعض الدراسات أنّ مرض التوحد ناتج من الاضطرابات الجينية الموروثة والطفرات الجينية؛ فمثلًا: فإنّ الأطفال الذكور الأكثر عرضة للإصابة بمرض التوحد أكثر من الإناث، وهذا يعزى إلى الاختلافات الجينية التي ترتبط بالكروموسوم (X)، والنسبة أكثر في حال وجود أفراد من العائلة المقربين مصابين بمرض التوحد.
- عوامل بيولوجية عصبية: قد تحدث تشوّهات في الشفرات الوراثية تتسبب في حدوث خطأ في آلية تطوير الدماغ؛ مما يؤدي إلى حدوث تشوهات إدراكية، وبيولوجية عصبية، وسلوكيات غير طبيعية، وتشوّهات في العملين الوظيفي والتركيبي للدماغ، ومن ذلك -مثلًا- زيادة نسبة المادة الرمادية في الفص الأمامي والفص الصدقي في الدماغ، بالإضافة إلى انخفاض نسبة المادة البيضاء في الدماغ بمرحلة البلوغ وغيرها العديد من التغيرات الهيكلية.
- العوامل البيئية: لم تتوصّل الدراسات إلى معلومات مؤكدة حول العوامل البيئية ومدى ارتباطها بمرض التوحد، بل تُحدّد بعضًا من المواد لتُدرس بشكل مكثف في المستقبل، ومعرفة إذا كانت حقًا تُؤثر في مريض مرض التوحد وذات صلة بحدوثه؛ مثل: مركب ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ومثبطات اللهب، ومبيدات الحشرات، ومادة الرصاص، وعوادم السيارات، والهيدروكربونات.
أعراض مرض التوحد
تبدأ أعراض مرض التوحد بالظهور ما قبل عمر الثلاثة أعوام، وتستمر لمدى الحياة في أغلب الأحيان، وقد تظهر الأعراض خلال السنة الأولى من حياة الطفل المصاب، كما قد يبدو بعض الأطفال المصابين أنَّهم ينمون طبيعيًا دون ظهور أي أعراض حتى عمر السنة والنصف إلى السنتين، ثم يتوقفون عن تعلم مهارات جديدة، أو يخسرون المهارات التي تعلّموها من قبل، ويجدر التنويه إلى أنَّ بعض أعراض التوحد قد تظهر على الأشخاص غير المصابين به. وتُبيّن الأعراض على النحو الآتي:[٣]
- الأعراض التي تستدعي استشارة الطبيب إذا ظهرت على الطفل؛ فهذه الأعارض غالبًا ما تشير إلى الإصابة بالتوحد، وتستدعي استشارة الطبيب، ومن هذه الأعراض:
- لا يستجيب للنداء باسمه بعمر 12 شهرًا.
- لا يشير إلى الأشياء لإظهار الاهتمام بعمر 14 شهرًا؛ مثل: الإشارة إلى طائرة تطير في السماء.
- لا يلعب ألعاب التظاهر بعمر 18 شهرًا، ومنها التظاهر بإطعام اللعبة.
- يتجنّب التواصل بالعينين، ويحبّذ البقاء وحيدًا.
- يعاني من صعوبة في فهم مشاعر الناس أو التحدّث عن مشاعره الخاصة.
- يـتأخّر الكلام أو المهارات اللغوية.
- يُكرّر الكلمات نفسها مرارًا وتكرارًا؛ وهو ما يُعرَف باسم اللفظ الصدوي.
- يجيب بأجوبة لا علاقة لها بالأسئلة.
- يشعر بالانزعاج بسبب أصغر التغييرات في الروتين اليومي.
- توجد لديه اهتمامات هَوَسية بموضوعات معينة.
- يُرفرف بيديه أو يؤرجح جسده أو يدور في دوائر.
- يستجيب استجابة غير طبيعية للأصوات والروائح وطعم الأشياء ومظهرها.
- أعراض المتعلقة بالتواصل والمهارات الاجتماعية: تختلف مهارات التواصل من مريض إلى آخر، فبعض مصابي التوحد يتكلمون قليلًا وآخرون لا يتكلمون أبدًا، ومنهم من يتكلّم طبيعيًّا، وتُعدّ هذه من أكثر أعراض التوحد شيوعًا، وتتضمّن بعض مشكلات التواصل والمهارات الاجتماعية التي يعاني منها المصاب بالتوحد الآتي:
- تكرار الكلمات نفسه.
- عكس الضمائر؛ أي أن يقول أنت بدل أنا.
- لا يستخدم الإيماءات (لا يلوّح بيده عند الوداع -مثلًا-).
- يتحدّث بصوت جامد يشبه صوت الرجل الآلي.
- لا يفهم النكات والسخرية والدعابات.
- لا يتفهّم الحدود الشخصيّة.
- يتجنّب أو يقاوم التواصل الجسدي.
- لا يستجيب لتهدئة الآخرين له عندما يبدو منزعجًا.
- توجد لديه تعابير وجه جامدة أو غير مناسبة.
- اهتمامات وسلوكيات غير طبيعية: يعاني بعض مصابي التوحد من بعض السلوكيات غير الطبيعية، التي تتضمن:
- اللعب بالألعاب بالطريقة ذاتها دائمًا.
- ترتيب الألعاب بخط مستقيم أو الحفاظ على التنظيم والرتابة بشكل هوسي.
- الاهتمام بأجزاء بعض الألعاب أو الأدوات فقط؛ كالعجلات.
- أعراض أُخرى: قد يعاني بعض مصابي التوحد من أعراض أُخرى؛ مثل:
- زيادة الحركة.
- الاندفاع (التصرّف من دون تفكير).
- العدائية، والتسبّب في أذيّة النفس.
- عادات أكل أو عادات نوم غير طبيعية.
- تقلّبات مزاجية أو عاطفية غير طبيعية.
- عدم الخوف، أو خوف زائد عن المُتوقّع.
الوقاية من مرض التوحد
يؤُمن الأطباء بأنّ الجينات السبب الكبير والرئيس للإصابة بمرض التوحد، وفي حالات نادرة ممّا صرّح به الأطباء يولد طفل مصاب بعيوب خلقية إذا تعرّضت الأم لبعض المواد الكيميائية خلال الحمل؛ وفي الحقيقة لا تتاح الوقاية من الإصابة بالتوحد عند الأطفال، لكن يزداد احتمال إنجاب جنين سليم لا يعاني من أي اضطرابات باتباع التدابير والنصائح الآتية:[٤]
- اتباع نظام حياة صحي، ذلك بالالتزام بإجراء فحوصات الحمل الدورية، وممارسة التمارين الرياضية الآمنة للأم الحامل، وتناول الوجبات الصحية والفيتامينات الموصوفة جميعها عبر الطبيب؛ كالكالسيوم، والحديد، والمكملات الغذائية المطلوبة، والموصى بها من الطبيب المتابع لحالة الأم.
- التأكد من حصول الأم للقاح الحصبة الألمانية قبل الحمل؛ إذ يمنع هذا اللقاح إصابة الجنين بمرض التوحد المرتبط بالحصبة الألمانية.
- الامتناع عن شرب الكحول.
- إذا شُخصت الأم بأمراض؛ مثل: مرض حساسية القمح، أو بِيلَةُ الفينيل كيتون (PKU)؛ أي ارتفاع الفينيل كيتون في البول؛ فعلى الأم طلب العلاج اللازم.
- عدم أخذ أيّ أدوية خلال الحمل دون استشارة الطبيب؛ إذ تجب على الأم استشارة الطبيب في أيّ نوع من الأدوية قبل استخدامها -خاصةً الأدوية المضادة للنوبات التشنجية-.
أنواع مرض التوحد
حصر الاختصاصيون بمرض التوحد أنواع اضطراب طيف التوحد في الآونة الأخيرة، إذ كانت هذه الاضطرابات تُعرَف بأنَّها اضطرابات صحية منفصلة في السابق، وهي وفق الآتي:[٥]
- متلازمة اسبرجر: تُعدّ النوع الأقلّ شدّة من اضطراب طيف التوحد، فقد يتميز المصاب بمستوى ذكاء اعتيادي أو مرتفع، غير أنَّه يعاني من اضطرابات اجتماعية.
- اضطراب النمائية الشاملة غير المحددة: فيه يعاني المصاب من أعراض أكثر شدة من متلازمة أسبرجر وأقلّ شدة من اضطراب التوحد الكلاسيكي.
- اضطراب التوحد: فيه يعاني المصاب من أعراض أكثر شدة من النوعين السابقين.
- اضطراب الطفولة التحللية: يُعدّ هذا النوع من مرض التوحد الأقسى والأندر، إذ يبدو الطفل طبيعيًا، لكنّه يبدأ بالاختلاف بعد عامين ليصبح أكثر عدوانية وعصبية كغيره من أطفال التوحد، ولا يستطيع أن يمارس المهارات التي تعلّمها في السابق.
علاج مرض التوحد
لا يوجد علاج من مرض التوحد، لكنّ بعض الطرق تساعد في تحسين الأداء الاجتماعي والتعلم ونوعية الحياة لكلٍّ من الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد، وتعتمد كثافة العلاج على مدى شدّة الحالة، وتجدر الإشارة إلى أنّه يبدو أكثر فاعلية عندما يبدأ قبل سن الثالثة، والعديد من العلاجات المصممة للأطفال تساعد البالغين المصابين بالتوحد أيضًا، ومن العلاجات المستخدمة ما يأتي:[٦][٧]
- التدريب على المهارات الاجتماعية: وسيلة للأشخاص، خاصة الأطفال، لتطوير المهارات الاجتماعية، أمّا بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالتوحد فإنّ التفاعل مع الآخرين يُعدّ صعبًا، ممّا قد يؤدي إلى العديد من التحديات مع مرور الوقت؛ إذ يتعلم الشخص الذي يخضع للتدريبات على المهارات الاجتماعية الأساسية؛ بما في ذلك: كيفية إجراء محادثة وفهم الفكاهة، وقراءة الإشارات العاطفية، على الرغم من أنّه يستخدم في الأطفال عامة؛ فقد تبدو هذه التقنية فعّالة أيضًا لليافعين والشباب في أوائل العشرينات من العمر.
- تحليل السلوك التطبيقي: غالبًا ما تُستخدَم طريقة تحليل السلوك التطبيقي في المدارس المتخصصة والعيادات لمساعدة الطفل في تعلم السلوكيات الإيجابية، وتقليل السلوكيات السلبية، ويُستخدَم هذا النهج لتحسين مجموعة واسعة من المهارات، وتوجد أنواع مختلفة لمواقف مختلفة؛ بما في ذلك:
- استخدام التدريب التجريبي المنفصل القائم على إعطاء دروس بسيطة وتعزيز إيجابي.
- التدريب المساعد في الاستجابة المحورية التي تُطوّر الدافع للتعلم والتواصل.
- التدخل السلوكي المكثّف المبكر الأفضل للأطفال دون سن الخامسة.
- التدخل السلوكي اللفظي الذي يركّز على المهارات اللغوية.
- العلاج القائم على العلاقات التنموية والاختلافات الفردية: يهدف هذا النوع من العلاج إلى دعم النموَّين العاطفي والفكري للطفل من خلال مساعدته في تعلّم مهارات التواصل، وتعليمه كيفية التعبير عن العواطف، ويعتمد على مشاركة الطفل للعب وتنفيذ الأنشطة التي يحبها.
- نظام علاج التوحد عن طريق تبادل الصور: يعتمد هذا النّظام على الطريقة البصريّة بالتعلّم، غير أنّه يستخدم الرموز بدلًا من البطاقات المصوّرة، ويتعلّم الطّفل من خلاله كيفية طرح الأسئلة والتواصل من خلال رموز معينة.
- العلاجات الدوائية: لا توجد أدوية مخصصة لعلاج التوحد، غير أنَّ العلاجات الدوائية تُستخدَم للتخفيف من الأعارض المرتبطة بالإصابة بالتوحد، ومنها: مضادات الاكتئاب، والمنشّطات، والأدوية المُستخدمَة في العلاج من النوبات التشنجية (الصرع) وغيرها.
- العلاجات المنزلية: بالإضافة إلى العلاجات المهنية تختار بعض العائلات تزويد أطفالهم المصابين بالتوحد بالعلاجات الفنية والعلاجات المعتمدة على هوايات؛ مثل: ركوب الخيل، وتربية الكلاب، والتدليك القحفي العجزي، والمعالجة بالمواد الطبيعية، وتفتقر مثل هذه العلاجات إلى الدراسات التي تثبت فاعليتها، غير أنّ العديد من الأسر تعتقد أنّ هذه العلاجات تُحدِث فرقًا إيجابيًا لأطفالهم. وتجدر الإشارة إلى أنَّه غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من نفور من أنواع مختلفة من الأطعمة، أو الحساسية الغذائية، أو أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي، ومن الصعب التأكد من حصول الطفل على التغذية الكافية، وقد تؤدي مشكلات الجهاز الهضمي إلى تفاقم سلوكيات التوحد وأعراضه، ومن الجيد التحدث إلى الطبيب الذي قد ينصح بالذهاب الى اختصاصي التغذية للحصول على المشورة.[٨]
المراجع
- ^ أ ب Smitha Bhandari (2017-1-8), "Understanding Autism -- the Basics"، webmd.Retrieved 25/11/2018. Edited.
- ↑ "Autism", www.asha.org. Retrieved 25/11/2018. Edited.
- ↑ "Autism Spectrum Disorder (ASD)", cdc، 2018-4-26. Retrieved 25/11/2018. Edited.
- ↑ mitha Bhandari (18/3/2019), "Can You Prevent Autism?"، www.webmd.com, Retrieved 10/10/2019. Edited.
- ↑ RANEE A.ALLI (12/11/2018), "What Are the Types of Autism Spectrum Disorders?"، www.webmd.com. Retrieved 25/11/2018. Edited.
- ↑ Corinne Osborn (27-6-2018), "Autism Treatment Guide"، www.healthline.com, Retrieved 2-11-2019. Edited.
- ↑ "What Are the Treatments for Autism?", www.webmd.com, Retrieved 2-11-2019. Edited.
- ↑ Lisa Jo Rudy (30-10-2019), "How Autism Is Treated"، www.verywellhealth.com, Retrieved 2-11-2019. Edited.