معني أرحنا بها يا بلال

كتابة:
معني أرحنا بها يا بلال
إنَّ الصلاة سبيلٌ لتقرب العبد من الله -سبحانه وتعالى-؛ فهي تقوي النفس وتصعدُ بها عن شهوات الدُنيا الفانية وتبحرُ بها في عظيم الأجر والمثوبة التي عند الله -سبحانه وتعالى-، فالصلاة طريقٌ للراحة، ونجاةٌ ما بعدها نجاة من الشقاء.[١]


معنى أرحنا بها يا بلال

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مُخاطباً بلال بن رباح -رضي الله عنه-: (أرِحْنا بها يا بلالُ)،[٢] والمقصود من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أرحنا بها أي بالصلاة؛ فالصلاةُ مكانٌ لراحة القلب والخروج من زخارف الدُنيا والتعلّق بالآخرة وما فيها من النعيم المقيم لأهل الصلاة، وفي هذا الحديث يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً برفع الأذان وإقامة الصلاة، لتكونَ سبباً لراحة قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من الصحابة، ففيها راحةٌ من تعب الدنيا واستراحة عن مشاغلها، وإعطاء القلب السكينة والطمأنينة في الوقوف بين يدي الله -عز وجل- في الصلاة، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر في مواضع كثيرة وبيّنَ أنَّ الصلاة سبيلُ فرحته وطريقة سعادته هو وجميع المسلمين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ)،[٣] والراحةُ في الصلاة تكونُ لمن استشعر عظمتها وكان خاشعاً فيها وقلبُه معلقٌ بها.[٤]


حال السلف الصالح مع الصلاة

لقد كان السلف الصالح أحرصَ ما يكونون على اتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كانت الصلاة موطناً للراحة من مشاغل الحياة وملذاتها، وقد كان الواحد فيهم يقبلُ على الصلاة بقلب خاشع وأداء على وجه حق؛ فيجدُ فيها الراحة والطمأنينة ويخفق قلبه بمناجاة ربه والوقوف بين يديه في الصلاة، وقد كان الواحدُ منهم حريصاً أشد الحرص على الإطالة في صلاته بحثاً عن الابتهاج وحرصاً على الأجر والمثوبة والراحة التامة؛ فهذا ابن الزبير يقرأ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة دونَ أن يملَّ أو أن يتعب في صلاته، وهذا مُسلم بن يسار إذا صلى كأنه وَتَد لا يميل هكذا ولا هكذا من شدة خشوعه واستحضاره للصلاة وعظمتها، وهكذا ينبغي للمسلمين المصلين في زماننا أن تكون الصلاة مكاناً لراحتهم في أدائها ولا تكونَ ثقلاً عليهم ويكونَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتهم في ذلك حيث قال لبلال أرحنا بها.[٥]


أثر الصلاة على الراحة النفسيّة

إنَّ للصلاة فوائدَ وآثاراً جمّة تعود على الملتزم بها؛ فهي سبيلٌ لتهذيبه وتربيته وإبعاده عن الوقوع في المنكرات والمحرّمات، مما يمنح النفسُ استقرارا وراحةً وطمأنينة، قال الله -عز وجل-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}،[٦] فالصلاة تقود المسلم لتعظيم خالقه، والإقرار بربوبيته وألوهيته في كُل ركعةٍ يصليها، وتجعل الصلاةُ الفردَ حريصاً على التحَلِّي بالأخلاق الحسنة، فيبتعد عن كل ما قد يُفسدُ صلاته من كذبٍ وغشٍ وظُلم، والصلاةُ تصقلُ نفس المسلم، فهي تعينه على تحمل مصائب الدنيا وتهلمه الصبر والسلوان، وقد جاءت آيات القرآن الكريم قارنةً الصلاةَ بالصبر في مواضعَ عدة، منها -قوله تعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}،[٧] والصلاةُ تُعطي المسلمَ الراحةَ والسكينةَ الدائمةَ طالما كان متعلقاً بها مهما تبدلت أحاول حياته.[٨]




المراجع

  1. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 656. بتصرّف.
  2. رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن بلال بن رباح، الصفحة أو الرقم:224، إسناده صحيح.
  3. رواه ابن حجر العسقلاني ، في فتح الباري لابن حجر، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:20، صحيح.
  4. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/12/2021. بتصرّف.
  5. دار القاسم (10/1/2005)، "ارحنا بالصلاة"، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/12/2021. بتصرّف.
  6. سورة العنكبوت، آية:45
  7. سورة البقرة، آية:45
  8. عبد العزيز الحميدي، عمارة المساجد المعنوية وفضلها، صفحة 27-34. بتصرّف.
2940 مشاهدة
للأعلى للسفل
×