مفهوم أخلاقيات العمل

كتابة:
مفهوم أخلاقيات العمل

تعريف أخلاقيات العمل

كيف يمكن تحديد الأخلاقيات الخاصة بالعمل؟

تشملُ أخلاقيات العمل مجموعة السياسات والممارسات التجارية التي تعمل الشركات على التصرُّف من خلالها في الأمور التي قد تكون مثيرة للجدل، وغالبًا ما يكونُ القانون هو الموجّهَ الأول لتلك الأخلاقيات[١]، وقد تكونُ الإرشادات الأساسية التي تعتمدها الشركة للتعامل فيما بينها وبين الموظفين أو تعامل الموظفين فيما بينهم للحصول على أكبر قدر ممكن من قَبول جمهورها هي اللبِنة الأمّ لتلك الأخلاقيات.[٢]


تحاول أخلاقيات العمل صنع مستوى معين من الثقة التي تضمن استمرارية العملية التجارية بين الشركة والمستهلك، وبين الشركة والشركات الأخرى المختلفة، وقد بدأ هذا المفهوم بالظهور في فترة الستينات، حيث أصبحت معظم الشركات أكثر حرصًا ودرايةً بمجتمع المستهلك، والذي كان المتأثر الأول بالبيئة التي تحيط به، وبالأسباب الاجتماعية التي تزداد تعقيدًا، ويمكن القول إنّ تلك الفترة كانت فيها القضايا الاجتماعية تأخذ مساحةً من الاهتمام أكثر من أي فترة أخرى، ثم أصبح أكثر تبلورًا أكاديميًا في السبيعنات، ويُلاحظ أن مفهوم أخلاقيات العمل منذ تلك الفترة قد تبلوَرَ بشكل أقرب إلى الاكتمال حيثُ كان من دعائمه وأساسيّاته أن يقوم بالتوفيق بين الشركة والشركات الأخرى، بالإضافة إلى الحفاظ على الفكرة التنافسية التي تجعل الشركة في تقدم مستمرّ.[٢]


يمكن القول إنّها مجموعة عامة من المبادئ والمعتقدات التي تحكم سلوك فرد من الأفراد في بيئة معينة عند اتخاذ قرار معين[٣]، وتستفيد الشركات من منظومة أخلاقيات العمل على الصعيد القانوني بالنسبة لسير العمل، كما تستفيد منه على صعيد تعزيز صورتها الخارجية بالنسبة للمستهلك والشركات الأخرى، وبذلك يمكن الاستفادة على الصعيد التجاري وعلى الصعيد الخدمي، حتى أصبحتْ تلك المنظومة من الأخلاقيات أشبه بمجموعة قوانين عامة تجعلها الشركات منتصبةً على اللوائح ليتم التقيّد بها والسير وفقها.[٤]

ما هي أخلاقيات العمل؟

تتشعّب أخلاقيات العمل لتشمل عدة جوانب تنطوي تحت الجانب الأخلاقي، ويمكن القول إنّ أخلاقيات العمل لا يمكن إحصاؤها، حيثُ يمكن أن تدخل في أي تفصيل من تفاصيل العمل نفسه، ولا سيما أنها أصبحت مجالًا للدراسة في كثير من الجامعات، ولكن يمكن أن تجتمع معظم مفاهيم أخلاقيات العمل تحت المفاهيم الأساسية التي تتكون منها النقاط الآتية:[٤]


الثقة المتبادلة

الثقة هي العنصر الأساسي الذي يجعل أي علاقة عمل بين طرفين جديرة بالاستمرار والنجاح، وأهم عنصر من عناصر أخلاقيات العمل أن يمنح المسؤول عن العمل الثقة لموظفيه من خلال التقيّد بالوعود التي يأخذها على نفسه، أو أن يلتزم بالاتفاقيات التي يعقدها مع غيره من الشركات دون مواربة أو لجوء إلى حيلة يقلب بها الموازين، سواء في الإجراءات أم في الاتصالات أم في الاتفاقيات، وينبغي ذلك على الصعيد الداخلي والخارجي، كما ينبغي بالنسبة للموظفين فيما بينهم، ولأي طرف من أطراف العمل، وذلك ينعكس على المستهلك من خلال نظرته الثاقبة، ويستطيع أن يثق بالشركة التي يتعامل معها.[٤]


الاحترام والإنصاف

يجعل الاحترام الموظفين والعملاء أقدر على العطاء، وينعكس الاحترام في التعامل معهم من خلال تقديم التعويض المناسب في حال أي فشل، أو تقديم اعتذار صادق عن أي خطأ قد يرد في حقّهم، لأنّ عدم الاحترام يؤدي إلى ضرر كبير ممكن أن يلحق بمعنوياتهم مما ينعكس على العمل، كما يؤثر على سمعة الشركة التي قد تمنع العملاء عن الانخراط في أعمالها التجارية، ويجعل العدل والإنصاف السلوكيات الأخلاقية تسير بالشكل الأمثل، لأنها الدعائم التي تجعل من الموظفين يدًا واحدة متكاتفة في سبيل تقديم الأفضل.[٤]


لقراءة المزيد، انظر هنا: أمور لا تناقشها مع زملاء العمل.


الرعاية

إن الأعمال التجارية ـ مهما كان موظّفوها يسعون إلى الالتزام بالنظام الصارم للعمل ـ مكوّنة من كوادر بشرية، وليست قائمة على التعامل مع آلات أو سلع وحسب، وبناءً على ذلك فإنّ أي نشاط في الشركة يقوم على النقاش والمفاوضات والاستيعاب والرعاية والدعم يكون له تأثير كبير لدى الموظفين على صعيد الأداء الداخلي والخارجي للشركة، وذلك ما يُعزّز طرق التواصل بين الشركة وموظفيها، كما يعزز التصوّرات التي تتركها الشركة كدليل عليها.[٤]


التدرب على أخلاقيات العمل

كيف يتمكن صاحب العمل من أخلاقيات عمله؟

يمكن للموظف أو المدير مهما كان دوره في الشركة التي يكوّن منها جزءًا أن يُدرِّبَ نفسَهُ على أخلاقيات العمل التي تساعد على كونِه في المكان الأمثل، كما تساعد الشركة على الوصول إلى أهدافها التي تنشدها في سبيل التقدم والتطوير والنجاح والشهرة، ومن تلك الأساليب التي يجب التدرّب عليها هي المحاور الآتية:[٥]


  • المصداقية: إنّ المصداقية هي المحور الذي تُبنى عليه العلاقات بين الموظفين والمدراء والشركات، وهي التي تُمكّن الموظف أو غيره من تقديم عمل جيد له طابع محدد بموعدهِ ومنضبط بالمواقيت القياسية، كما تمكّن الموظف أو العامل في الفريق من كونهِ زميلًا مهمًّا للجميع.


  • الإخلاص: حين يكون الإخلاص جزءًا من العمل تكون المصداقية في أعلى درجاتها، فالموظف الذي يتبنى العمل ويقوم به وكأنه عمل يخصُّهُ يقدم في النهاية عملًا متقنًا، كما أنه يحظى بتركيز عالٍ لكل ما يمكن أن يؤثر على نواحي عملهِ، والاستمرار على هذا النسق لفترة طويلة يُعزّز حصوله على فرص أكبر، بالإضافة إلى مناصب أرقى في العمل ذاته.


  • الانضباط: يعد الانضباط بالقوانين أو الوقت من أهم العوامل التي تؤثر على جودة العمل، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية وجودتها، كما أنّ هذا العنصر يُساعد على التنظيم والدقة في تقديم مختلف الأعمال التي يمكن القيام بها.


  • التعاون: روح الجماعة هي فكرة عميقة تنجح الشركات عالية المستوى في غرسها بين الموظفين من خلال العدل بينهم ومنحهم الثقة وفُرَص تبادل الخبرات، وهذا ما يجعل معظمهم يقدم العمل الجماعي الجيد ويساعد الآخرين عند الحاجة إلى ذلك بيُسر وسهولة.


  • النزاهة: وهي التمسك بالمبادئ الأخلاقية التي تسمو بالإنسان في مستوى رفيع في دائرته الاجتماعية، وتمكنه من التصرف بلباقة واحترام وإنصاف وتهذيب يسمح للجميع بالاستفادة من خبراته بالإضافة إلى سهولة التعامل معه.


  • المسؤوليّة: يتفرّع الشعور بالمسؤولية من الإخلاص للعمل أو الشركة التي يعمل بها الموظف، وتتمثل المسؤولية بمحاسبة الشخص نفسه على أي فعل يقوم بهِ، كأن يلوم نفسه على خطأ ارتكبه في حق الشركة، أو خسارة تسبب بها، ثم يقوم بالعمل على إصلاح الخلل الذي كان له اليد في إفساده دون قصدٍ.


مظاهر اكتساب أخلاقيات العمل

ما الدليل على التزام شركة ما بالأخلاقيات اللازمة؟

هناك الكثير من المظاهر التي تبيّن قيمة أخلاقيات العمل ومستوى الالتزام بها في شركة من الشركات بناءً على العديد من الأمور التابعة للتعامل الداخلي أو الخارجي، ومن الأمور التي يمكن أخذها بعين الاعتبار من تلك المظاهر هي الأشكال الآتية:[٤]


  • تقدير احتياجات العملاء: تتميز الشركات التي تقدّر موظفيها بتفهّم احتياجاتهم وتقديرها، وذلك بعدم إجبارهم على أعمال لا يرغبون في تنفيذها، أو عدم تشجيعهم على عمل بمقابل زهيد كدوام إضافي أطول من الساعات اليومية، أو إجبارهم على تحمُّل سوء معاملة العملاء من أجل تحصيل أكبر قدر ممكن من الربح.


  • الشفافية والوضوح: تعني الشفافية الصدق في التعامل، فحين تتمتع الشركة بموظفين لا يكذبون على العملاء ليتمكنوا من تسيير العمل بشكل أفضل، ولا يفضّلون مصلحتهم الشخصية على مصلحة الشركة، ولا يستهينون بالثقة التي يصنعها الصدق في ميدان العمل، فإنّ الشركة تتمتع بمظهر من مظاهر أخلاقيات العمل وهو الشفافية.


  • احترام معلومات العميل: تعتمد الكثير من الشركات حصولها على معلومات العملاء الشخصية لأسباب تتعلق بالتواصل، وهذا ما يحتّم على الشركة من الجانب الأخلاقي أن تمنع ظهور هذه المعلومات على أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن منح تلك المعلومات لأي شخص ليس له الحق في معرفتها.


  • توفير مساحة كافية للإبلاغ عن عمل غير أخلاقي: تسعى الشركات التي تحاول الحفاظ على أخلاقيات العمل إلى تأمين المكان المناسب لوضع الاقتراحات أو الحلول أو المشكلات التي يتعرض لها الموظفون أثناء سير العمل، ممّا يجعل الموظف قادرًا على الإخبار عن أي تصرّف يمسّ أخلاقيات العمل ويؤثر عليها سلبًا.


تطوير أخلاقيات العمل

هل تقبل أخلاقيات العمل الزيادة والنقصان؟

يسمح ميدان أخلاقيات العمل للتطوير بأن يدخل مجالَه بلا نهاية، ويعتمد ذلك على شخصية الإنسان القوية والعمل الجاد والعزيمة والإصرار، حيث تقوم العادات الجيدة والتي تخدم نمط العمل بالعديد من التغييرات التي تؤدي إلى إعجاب أصحاب العمل، بالإضافة إلى زيادة جودة ودقة العمل وابتكار الاساليب الجديدة لتطويره، ويمكن ذلك من عدة عادات يمكنها أن تساعد على ذلك التطوير، إذ يمكن أن تتمحور فيما يأتي:[٦]


  • التركيز والمثابرة: يأتي التركيز دائمًا بالنتائج المرضية على كافة الأصعدة، كما أن المثابرة حين تدخل في أي ميدان تكون النواة الأولى للاحتراف والجودة، لهذا يُعدّان ركيزتين أساسيتين في تطوير أخلاقيات العمل وجودته.


  • الانضباط بالوقت المناسب لتسليم المهام: يعد التسويف والتأجيل من أهم الأشياء التي تؤثر على تمتّع الموظف بالأخلاقيات اللازمة، فالناجحون حريصون جدًا على التقيّد بالفترة المحددة التي يوكَلُ إليهم العمل خلالها، كما يعطونَ كل عمل حقّه من الاهتمام والدقة التي تصنع الجودة العالية.


  • زيادة الاحترافية: يعمل الكثير من الموظفين على تطوير السلوك المهني الذي يخصّهم، وبالتالي يرفعون من مستوى تقديمهم لأعمال الشركة، ويحسّنون مستوى قدراتهم ليتمكنوا من الحصول على مراتب أعلى، وهذا ما يجعل الاحترافية تؤدي دورًا مهمًّا في أخلاقيات العمل على أصعدة عديدة.


آثار الالتزام بأخلاقيات العمل

ما هو العائد من الالتزام بتلك الأخلاقيات؟

للالتزام بأخلاقيات العمل آثار عديدة يمكن ملاحظتها على صعيد الشركة الواحدة وعلى صعيد المجتمع ككل، لأنّ العمل هو عنصر من عناصر بناء المجتمعات، وطريقة العمل تؤثر بشكل أو بآخر على ما يمكن للمجتمع أن يكونهُ مع الاستمرار والوقت الطويل، ويمكن القول إنّ آثار الالتزام بأخلاقيات العمل يمكن أن تكون ضمن البنود الآتية:[٧]


تطوير البنية الأخلاقية

غالبًا ما تُحدّد الشركات العلاقات القائمة فيما بينها وبين موظفيها ضمن منظومتين لا تحيد عنهما في سياق أخلاقيات العمل، أحدهما تشمل "يجبُ عليكَ" والثانية تشمل "امتنعْ عن"، إذ يمكن القول إنّ هذين النوعين من الإرشاد بالأمر أو النهي هما الأساس الذي تبنى عليه قواعد الإرشادات الخاصة بأخلاقيات العمل، وهذا ما يسعى في مضمونه إلى تطوير البنية الأخلاقية على صعيد العمل وعلى الصعيد الأوسع من ذلك.[٧]


تطوير البنية السلوكية

يعمل الالتزام بالأخلاقيات اللازمة على تطوير البرامج الكبيرة لمشاريع الشركات الرائدة، ممّا يجعل التطوير السلوكي للقائمين على تلك المشاريع عنصرًا يسير وفق نظام متنامٍ مع الزمن، وذلك ما يجعل البنية السلوكية تأخذ منحى متقدمًا مع مرور الوقت.[٧]  


أهمية أخلاقيات العمل

هل يؤدي انعدام أخلاقيات العمل إلى نتائج سلبية؟

لا شكّ أنَّ أخلاقيات العمل تؤدي دورًا مهمًّا في نجاح العديد من الشركات أو فشلها، فإذا أراد الباحث تعداد فوائدها فلن يستطيع الإحاطة بتلك الفوائد، فمن الممكن أن يؤثر تقصيرٌ واحد في خلقٍ من الأخلاق التي تحرص عليها الشركة على دمار جانب من جوانب تلك الشركة وخسارة العديد من عملائها وثقتهم، وفيما يأتي بعضُ الفوائد التي قد يأتي بها الالتزام بأخلاقيات العمل:[٤]


السير ضمن الحدود القانونية  

يؤمّن السير ضمن أخلاقيات العمل المساحة الآمنة للشركة ضمن القانون، والذي يحميها من ارتكاب الجرائم ضد موظفين أو عملاء أو مستهلكين، كما يجعل الشركة أكثر قدرة على استيعاب كمية أكبر من الموظفين من خلال الضوابط التي تستطيع أن تضبط شبكة كبيرة من الأشخاص التي يمكن أن تفيد منها.[٤]


زيادة قيمة العلامة التجارية

إنّ الشهرة التي يوفرها الالتزام بأخلاقيات العمل يتطور من خلال تحسين سمعة الشركة على المدى الطويل، وهذا ما يجعل المستهلك يجعل تلك الشركة في الأولوية عند حضور المنافس لها، ويعد هذا نجاحًا تطمح أي شركة إلى تحصيلهِ، وبذلك تزيد قيمة العلامة التجارية الخاصة بالشركة، كما أنه يجلب الكثير من الأرباح الذي ينعكس إيجابًا على كافة الموظفين.[٤]

جذب أصحاب المواهب والقدرات العالية

حين تتمتع شركة ما بسمعة أخلاقيات عالية فإنّ أصحاب الطاقات والمواهب يتطلعون إلى التوظف فيها أكثر من أي شركة أخرى، لأنهم لا يقدرون صاحب العمل المثقّف أو القادر على الإدارة وحسب، بل ينظر هؤلاء عادةً إلى البيئة التي ستحيط بهم أثناء العمل والتي يمكنها أن تساعدهم على الإنتاج والابتكار.[٤]


يبقى أثر أخلاقيات العمل على وظائف الإدارة ذات طابعٍ شموليّ، لا يمكن الالتزام ببعضه وترك بعضه الآخر، فأخلاقيات العمل والسلوك الوظيفي تُحتّم على الموظف والمدير وكل من ينتمي إلى دائرة العمل أن يلتزم بكل المعايير الأخلاقية التي تجعل مكان العمل أو اسمه عاليًا في ميدانه، فهي بتأثيرها تدخل في ميدان القضايا الاجتماعية، وتؤثر على العديد من المسارات التي تظهر بتأمل البعد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.[٨]

المراجع

  1. "?What are Business Ethics", corporatefinanceinstitute, Retrieved 4/4/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Business Ethics", investopedia, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  3. الدكتور أغادير سالم العيدروس، أخلاقيات المهنة و السلوك الوظيفي، صفحة 54. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر "?What Is Business Ethics", thestreet, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  5. "Work Ethic Skills: Top 8 Values to Develop", indeed, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  6. "Performance Tips: Developing a Strong Work Ethic", cornerstoneondemand, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت "?What is Business Ethics", managementhelp, Retrieved 3/4/2021. Edited.
  8. "Business Ethics", investopedia, Retrieved 4/4/2021. Edited.
4329 مشاهدة
للأعلى للسفل
×