مفهوم اعتناق الإسلام

كتابة:
مفهوم اعتناق الإسلام

الرسالات السماوية

مفهوم اعتناق الإسلام يقتضي بدايةً التّركيز على جانب الدّّيانات والرّسالات السّماويّة، والتي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على أنبيائه ورسله لتكون للعالمين منهجًا شاملًا وصراطًا مستقيمًا، ولم تختلف الدّيانات بفحواها ومقصدها أبدًا، وما اختلافها إلّا مراعاةً لاختلاف الطبيعة البشرية مع الزّمان والمكان والأمم، فالرسالة هي عقيدة التّوحيد وهي الأصل في كلّ ديانةٍ نزلت على العالمين، يقول الله تعالى في سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}،[١] ، وقد تعهّد الله بحفظ الديانة الإسلامية من التحريف حتّى تقوم السّاعة فهي الديانة المهيمنة والناسخة للديانات الأخرى التي قد حرفت اليوم، وسيتمّ التركيز في هذا المقال على مفهوم اعتناق الإسلام.[٢]

الدين الإسلامي

الحديث عن مفهوم اعتناق الإسلام يُلزم التّعريف بهذا الدّين العظيم، فالإسلام هو الاستسلام المطلق لله -سبحانه وتعالى- والإيمان بوحدانيّته والخضوع له بفعل أوامره وأداء الطّاعات واجتناب ما نهى عنه، وهو أحد أكثر الدّيانات اعتناقًا في العالم وخاتم الرسالات السماويّة، والذي نزل على سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- مكمّلًا للدّيانات الأخرى، يقول الله تعالى في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،[٣] ولقد وضع بنيان الإسلام على خمسة أركان: "شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة وصوم رمضان وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا".[٤]

وللدّين الإسلاميّ مصدرين رئيسين في التّشريع هما القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، بجانب وجود مصادر تشريع تابعة لهما، من إجماع وقياس، والقرآن الكريم هو كلام الله -عزّ وجلّ- ممّا نزل به أمين الوحي جبريل -عليه السّلام- على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، والذي توعّد الله -جلّ شأنه- بحفظه وصونه حتّى قيام السّاعة، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة الحجر: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}،[٥] وأمّا عن السنّة النبوية الشريفة فهي كل ما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قول أو فعل أو تقرير، وتعدّ مصدرًا لأحكامٍ لم يرد ذكرها في القرآن، وتعد شرحًا وافرًا لما نصّ عليه القرآن الكريم، قال الله تعالى في سورة النحل: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.[٦][٧]

مفهوم اعتناق الإسلام

مفهوم اعتناق الإسلام هو عملية بسيطة يقوم بها المرء دون وساطة، عملية يضمن بها دخوله إلى جنة الخلود إن أتمَّ أركانها، ولم يشرك بالله شيئًا، ويكون اعتناق الإسلام بنطق الشّهادتين بقوله: "أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله"، فمن قالها مؤمنًا بها فقد أسلم ودخل في زمرة المسلمين، وعلى ذلك يترتّب العديد من الحقوق والواجبات والطّاعات، وليس أداء تلك الواجبات إلا تكليفًا وتعظيمًا وتشريفًا يرفع بها المرء منزلته عند ربّ العالمين -سبحانه وتعالى-، ولا بدّ لمن أسلم أن يستكمل نطقه الشهادتين بباقي أركان الإسلام الخمسة ولا بدّ أن يقترن إيمانه بالله بباقي أركان الإيمان، وذلك هو مفهوم اعتناق الإسلام.[٨]

أول من اعتنق الدين الإسلامي

يقتضي الحديث عن مفهوم اعتناق الإسلام ذكر أوّل النّاس تصديقًا وإيمانًا بهذا الدّين، فبعد أن نزل أمين الوحي جبريل -عليه السّلام- على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في غار حراء وبلّغه الرّسالة، كانت السيّدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- أوّل النّاس إيمانًا برسالة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد اُختلف في من أسلم بعدها، فذهب بعض العلماء إلى أنّ أوّل من أسلم من الرّجال هو أبو بكر الصدّيق عبد الله بن أبي قحافة -رضي الله عنه-، ثمّ يأتي الصحابيّ الجليل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.[٩]

أمّا من الغلمان لا شكّ أنّ أوّل من أسلم هو عليٌّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد كان عمره يتراوح ما بين التسع سنين والعشر سنين وفي أقوالٍ أخرى يُقال أنّه -رضي الله عنه- كان في الحادية عشر من عمره حينما أسلم، وقد كان من السابقين إلى الإسلام العديد من كبار الصّحابة -رضوان الله عنهم أجمعين- ومنهم: زيد بن الحارثة مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص، و الزبير بن العوّام وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة الجرّاح عامر بن عبد الله بن الجراح، وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد بن عمرو، وابن نفيل بن عبد العزى وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر.[٩]

إسلام عمر بن الخطاب

كما أنّ الحديث عن مفهوم اعتناق الإسلام يقتضي ذكر أوّل من أسلم من الصّحابة، ذكر من أعزّ الله به الإسلام عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، فقد أسلم أمير المؤمنين وهو في عمر الشباب في سنّ السادسة والعشرين من عمره، بعد أن دخل في ظلّ الدّين الإسلاميّ قرابة الأربعين رجلًا، ولقد روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الصّحيح من الحديث أنّه قال: "اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ"،[١٠] فقد كان لعمر بأسٌ شديدٌ، وقوة عرف بها قبل الإسلام بين قومه.[١١]

وأمّا عن قصّة دخوله -رضي الله عنه- بالإسلام فقد روي أنّ رجلًا اعترض طريقه وأخبره أنّ أخته قد صبأت -أيّ دخلت الدّين الإسلاميّ-، فما كان من عمر بن الخطّاب إلّا أن اتجه إلى بيت أخته مسارعًا وغاضبًا ممّا قد أخبر فيه عن أخته، وعندما وصل، وجد الخبر صحيحًا فقد أسلمت أخته، مما أغضبه بشدة، فضربها ضربة سال الدّم منها، فلما رأى ذلك رقّ قلبه، فسأل عن الكتاب الذي تتلوه، فأخذ يقرأ ما تيسّر منه، فقرأ من سورة الحديد قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}،[١٢] حتّى وصل لقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}،[١٣] فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا رسول الله.[١١]

المراجع

  1. سورة الذاريات، آية: 56.
  2. "نظرة الإسلام إلى الديانات السماوية السابقة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية: 03.
  4. "إسلام"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  5. سورة الحجر، آية: 09.
  6. سورة النحل، آية: 44.
  7. "مصادر الدين الإسلامي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  8. "تريد اعتناق الإسلام"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "أول من أسلم من الناس"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  10. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8/60، إسناده صحيح.
  11. ^ أ ب "إسلام عمر بن الخطاب"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  12. سورة الحديد، آية: 1.
  13. سورة الحديد، آية: 8.
5471 مشاهدة
للأعلى للسفل
×