الإدارة
تُعَدّ الإدارة (بالإنجليزيّة: Management) عاملاً أساسيّاً لنجاح المنظَّمات على اختلافها، أو حتى فَشَلها، سواء كانت مُنظَّمات اقتصاديّة، أو تعليميّة، أو غيرها، كما أنّها تؤدّي إلى تقدُّم المجتمع، أو تخلُّفه، وهي تُشكِّل مفتاحاً للتقدُّم على مستوى الدُّول أيضاً؛ فهي مُحرِّك للتنمية التي لا يمكن أن تتحقَّق بدونها حتى لو كانت العناصر الأخرى جميعها مُتوفِّرة، علماً بأنّ هذه الإدارة لا بُدّ من أن تكون إدارة فاعلة، تتَّخذ من الوسائل العلميّة المُستخدمة في اتّخاذ القرارات، وأداء الوظائف الإداريّة المتعدِّدة سبيلاً لها، حيث إنّها تسعى بذلك إلى تحقيق التكيُّف مع شتّى الظروف التي تحيط بها، إضافة إلى التطوُّر، والإبداع، وللإدارة المقدرة على تحريك المُنظَّمة بكُفء وبما يُحقِّق الأهداف التي تسعى إليها؛ ولهذا تتمثّل مهمّتها الرئيسيّة في أن تتمكّن المنظَّمة بعناصرها كلّها من تحقيق مستوىً عالٍ من الإنجاز، وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد البشريّة، والمادّية المُتوفِّرة.[١]
ومن هذا المنطلق، كان لا بُدّ لنا من إلقاء الضوء على مفهوم الإدارة، حيث تعدّدت تعريفات الإدارة حسب الإداريّين، والمُفكِّرين بشكل كبير جداً، وفي هذا المقال بعضٌ من التعريفات التي عُرِّفت بها الإدارة، وهي على النحو الآتي:[٢]
- وصف (Weihrich & Koontz) الإدارة بأنّها: "العمليّة الخاصّة بتصميم، وصيانة بيئة مُعيَّنة يعمل فيها الأفراد معاً -كفريق- بكفاءة؛ وذلك لإنجاز أهداف مُختارة".
- يرى (Holt) أنّ الإدارة هي: "العمليّة المُتعلِّقة بالتخطيط، والتظيم، والقيادة، والرقابة لكلٍّ من الموارد البشريّة، والمادّية، والماليّة، والمعلومات في بيئة تنظيميّة مُعيَّنة".
- يعرِّفها (Taylor) على أنّها: "تحديد ما هو مطلوب عمله من العاملين بشكل صحيح، ثمّ التأكُّد من أنّهم يُؤدّون ما هو مطلوب منهم بأفضل الطرق، وأقلّ التكاليف".[١]
ومن خلال التعاريف السابقة يمكن القول بأنّ الإدارة هي: تنفيذ الأعمال بوسيلة فعّالة، وذات كفاءة؛ لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها المُنظّمة، وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد المُتاحة كلّها، والتي تتضمّنها عمليّات التخطيط، والتنسيق، والتوجيه، والرقابة، والتنظيم، والقيادة.[١]
أهمّية الإدارة
للإدارة أهمّية بالغة تتمثّل بالعديد من النقاط التي من أهمّها:[٣]
- المساعدة على تحقيق أهداف المُنظَّمة: بحيث يتمّ تنظيم، وتنسيق، وتوجيه الموارد؛ بهدف تحقيق أهداف المُنظَّمة، دون إهدار للجهد، والوقت، والمال.
- استغلال الموارد على النحو الأمثل: بحيث تتمّ الاستفادة من المُختصِّين، والخبراء، واستغلال مهاراتهم بشكل صحيح، بالإضافة إلى استخدام الموارد المادّية، والبشريّة على النحو الأفضل، ممّا يؤدّي إلى تحقيق الفعاليّة، وتجنُّب الهَدر في المُنظَّمة.
- تقليل التكاليف: حيث إنّ التخطيط السليم في استخدام الموارد البشريّة، والمادّية يساعد على التقليل من التكاليف، وتحقيق المستوى الأعلى من الإنتاج.
- تأسيس مُنظَّمة سليمة: وذلك عن طريق إنشاء هيكل تنظيميّ سليم يساعد على تحقيق أهداف المنظَّمة، ويضمن عدم تداخل الوظائف، والمَهامّ.
- تحقيق التوازُن للمنظَّمة: حيث تحافظ الإدارة على تحقيق توازن المنظَّمة ضمن البيئة المُتغيِّرة، وتكيُّفها مع مُتطلَّبات المجتمع، بالإضافة إلى أنّ من مهامّها الحفاظ على نُموّ المنظَّمة.
- تحقيق عوامل الازدهار للمجتمع: حيث تهتمّ الإدارة بتحسين الإنتاج الاقتصاديّ، وتحسين مستوى المعيشة، وتوفير فُرَص العمل للأفراد، ممّا يعود بالنفع عليهم، وعلى المجتمع ككلّ.
وظائف الإدارة
تُعَدّ الوظائف الإداريّة (بالإنجليزيّة: Managerial Functions) مهام رئيسيّة في أيّ مُنظَّمة، بغضّ النظر عن نوع نشاطها، وهي تتمّ من قِبل المُدراء جميعهم من المستويات الإداريّة المختلفة، وهي على النحو الآتي:[١]
- التخطيط (بالإنجليزيّة: Planning): حيث يتمّ فيها تحديد الأهداف، والموارد اللازمة، والوسائل التي سيتمّ استخدامها، بالإضافة إلى تحديد الأعمال التي تؤدّي إلى تحقيقها، ومن الجدير بالذكر أنّ التخطيط يعتمد على خبرة المُخطِّط، ومهارته في الإحاطة بالوضع الحالي للمُنظَّمة، والإلمام بالظروف التي تحيط بها.
- التنظيم (بالإنجليزيّة: Organizing): وهي عمليّة تتضمّن إنشاء الأقسام، والتنسيق في ما بينها؛ لتنفيذ الأعمال بطريقة فاعلة، بالإضافة إلى تحديد المهامّ، والموارد المختلفة، حيث تتضمّن هذه العمليّة عدّة عناصر، مثل: تصميم الوظائف، وإعداد الجداول الخاصّة بالعمل، والتنسيق بين الأفراد، والأقسام، وإدارة الاجتماعات، وإعداد الهيكل التنظيميّ للمُنظَّمة، وغيرها الكثير.
- صُنع القرار واتّخاذه (بالإنجليزيّة: Dicision Making): وفي هذه العمليّة يتمّ الاهتمام بتحديد المشاكل، واختيار أفضل بديل من البدائل التي يتمّ طَرْحها وِفق معايير مُحدَّدة، ومن الجدير بالذكر أنّه لا بُدّ من المتابعة المُستمرّة في هذه العمليّة؛ وذلك لمعرفة مدى صحّة القرار الذي تمّ اتّخاذه، ومستوى إسهامه في حلّ المشكلة.
- القيادة (بالإنجليزيّة: Leadership): حيث تُعَدّ هذه الوظيفة من أكثر أدوات التوجيه فعاليّة، إذ إنّه تساعد على تمكين المدير من التأثير في العاملين، ممّا يؤدّي إلى أدائهم للأعمال التي يُكلَّفون بها بثقة، كما تساعد على جَعلهم يعملون جنباً إلى جنب؛ لتحقيق الأهداف المرجوّة، علماً بأنّ هذه الوظيفة تتكوّن من عدّة أنشطة، مثل: التحفيز، والاتّصال، وزيادة الدافعيّة، وتشجيع الأداء، وغيرها من الأنشطة.
- الرقابة (بالإنجليزيّة: Controlling): وهي تُعتبَر المرحلة الأخير في عمليّة الإدارة؛ إذ إنّ الهدف منها هو متابعة مستوى التقدُّم في تحقيق أهداف المُنظَّمة، حيث تتضمّن خطوات أربع، هي:
- تحديد معايير الأداء، ومستوياته.
- قياس الأداء الفعليّ، وإجراء المقارنة بينه، وبين ما تمّ تحديده مُسبقاً.
- تعيين الانحرافات؛ بهدف إجراء ما هو لازم لتصحيحها.
- اعتماد الإجراءات اللازمة، والصحيحة؛ للتقريب بين المُخطِّط، والمُنفِّذ، وتصحيح الأداء.
أنواع الإدارة
يبرز النجاح الوظيفيّ؛ تبعاً لعدّة عوامل، مثل نوع العمل، أو الراتب، إلّا أنّ الأسلوب المُتَّبع في الإدارة يُعَدّ عاملاً مهمّاً، علماً بأنّ هناك ستّة أنواع للإدارة تمّ الاتّفاق عليها، على الرغم ممّا لكلٍّ منها من نقاط ضعف، أو قوّة، وفيما يأتي ذِكرٌ لها:[٤]
- الإدارة الأوتوقراطيّة (بالإنجليزيّة: Autocratic): حيث يُعنى هذا النوع من الإدارة باتّخاذ القرارات الخاصّة بالمُنظَّمة من جانب واحد، ويُعتبَر هذا النوع جيّداً في حال تمّ اتّخاذ القرارات الصحيحة، أو عند حدوث الأزمات التي يكون فيها الزمن محدوداً، إلّا أنّ الموُظَّفين الذين يتطلّعون إلى مزيد من الاستقلاليّة قد لا يناسبهم هذا النوع من الإدارة، ممّا يؤدّي إلى مغادرتهم للعمل.
- الإدارة الديمقراطيّة (بالإنجليزيّة: Democratic): حيث يتمكّن الموظّفون في هذا النوع من الإدارة من المشاركة في صُنع القرارات، إذ إنّ قنوات الاتّصال تكون من الموظَّفين إلى المدير، وبالعكس، علماً بأنّ هذا النوع من الإدارات يُعَدّ مهمّاً لدى اتّخاذ القرارات المتشابكة، والتي تحتمل العديد من النتائج، إلّا أنّ هذه الديمقراطيّة قد لا تكون فعّالة في عمليّة اتّخاذ القرارات التي يكون فيها الزمن محدوداً لبطئ اتخاذ القرار فيها.
- الإدارة بالإقناع (بالإنجليزيّة: Persuasive): في هذا النوع من الإدارة يكون التحكُّم بالقرار النهائي من قِبَل المدير نفسه، حيث يحاول الموظَّفون إقناعه بالقرار الذي سيتّخذه، إلّا أنّه في حال عدم مساندة الموظَّفين للإدارة، وعدم ثقتهم بالقرار، أو حتى عدم تقديمهم لأيّ مداخلات، فإنّ هذا النوع من الإدارة لا يُعَدّ ذا فائدة؛ حيث إنّ هناك بعض المدراء الذين يرغبون بمعرفة مداخلات الخبراء، ممّا يمكّنهم من اتّخاذ القرار النهائيّ.
- الإدارة الاستشاريّة (بالإنجليزيّة: Consultative): يتمتّع هذا النوع من الإدارة بإفساحه المجال للمناقشة أكثر من النوع الذي سبق ذكره، مع حفاظه على أنّ القرار النهائيّ يتّخذه المدير وحده، كما أنّه يحقِّق الولاء لدى الموظَّفين الذين تشملهم عمليّة صُنع القرار، على العكس تماماً من الموظَّفين الذين لا تشملهم هذه العمليّة، علماً بأنّ هذا النوع من الإدارة قد يؤدّي إلى اعتماد الموظَّفين على المدير، وعلى الرغم من أنّها تهتمّ بالمصالح الخاصّة بهم، إلّا أنّها تهتمّ أيضاً بالعمل نفسه.
- إدارة الحريّة الاقتصاديّة (بالإنجليزيّة: Laissez-faire): حيث يشارك المُوظّفون في عمليّة اتّخاذ غالبيّة القرارات، على العكس تماماً من الإدارة الأوتوقراطيّة، كما أنّ المدير يكون مُوجِّهاً، علماً بأنّ هذا النوع من الإدارة غالباً ما يكون في الشركات التكنولوجيّة، والشركات التي هي في طور التكوين، والتي يتمّ فيها التشجيع على المخاطرة، إلّا أنّها قد تشكِّل صعوبات في عمليّة اتّخاذ القرارات.
- الإدارة من خلال الاستماع (بالإنجليزيّة: Management By Walking Around): وفي هذا النوع من الإدارة يستمع المدراء إلى اقتراحات الموظَّفين التي من شأنها الحَدّ من المشكلات التي تُواجه المُنظَّمة، حيث لا بُدّ من الموافقة على القرار الجيّد، واحترامه من قِبَل الجميع، ومن الجدير بالذكر أنّه قد تظهر المشاكل في الإدارة إذا لم يساندها المُوظَّفون.
المستويات الإداريّة
للإدارة ثلاث مستويات تختلف الأنشطة الإداريّة باختلافها، وهي:[٥]
- الإدارة العُليا (بالإنجليزيّة: Top Level): حيث يتمّ فيها تحديد السياسات، والأهداف، واتّخاذ القرارات، ووضع الخطط، والقوانين اللازمة، وغيرها من المَهامّ العديدة.
- الإدارة الوُسطى (بالإنجليزيّة: Middle Level): وتهتمّ بتنظيم الأعمال الخاصّة بالأقسام الرئيسيّة، والأقسام الفرعيّة التابعة لها، وغيرها من المَهامّ المُتعدِّدة.
- الإدارة الدُّنيا (بالإنجليزيّة: Low Level): وهي تهتمّ بالمَهامّ التشغيليّة التي تُعنى بالإشراف على الإنتاج، وتدريب العمّال، وتحفيزهم، وحلّ مشاكلهم، وتحديد مهامّهم، وما إلى ذلك من مهامّ مُتنوِّعة.
المراجع
- ^ أ ب ت ث أ. عمر محمد درّه (2009)، مدخل إلى الإدارة، مصر: جامعة عين شمس- كلّية التجارة، صفحة 21-17، 12. بتصرّف.
- ↑ د. محمد بكري عبدالعليم (2007م)، مبادئ إدارة الأعمال، مصر: جامعة بنها، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ "Importance of Management", www.managementstudyguide.com, Retrieved 8-12-2018. Edited.
- ↑ "6 Types of Management Styles", online.grace.edu, Retrieved 9-11-2018. Edited.
- ↑ "Levels of Management", www.managementstudyguide.com, Retrieved 8-12-2018. Edited.