مفهوم الإنسان السوي

كتابة:
مفهوم الإنسان السوي

تعريف الإنسان السّوي

الإنسان السّوي هو من توافرت له الصحّة النفسيّة الكاملة، والسّوي: المعتدلُ لا إفراط فيه ولا تفريط،[١] وهذه الصفة إنّما هي نتيجة التربية الإسلامية السليمة للفرد، فالتوازن صفة تجعل الفرد إيجابيًا في شتى ميادين الحياة، ولفظ السّوي إن أطلق على شخص فإنما يدل على كل من يلتزم بالأخلاق والآداب متمسكًا بها، قادًرا على التحكم بمشاعره وعواطفه معتدلًا بها، متقيدًا بكل ما هو مقبول شرعًا ومألوفٌ عرفًا، قال تعالى:"فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا[٢] والإنسان السّوي معتدل في منهجه وحياته؛ في أقواله وأفعاله حركاته وسكناته، والمعتدل متبعٌ لما جاءت به الشريعة مقتديًا بها، ولا وصول للصراط السّوي إلا باتباع كل ما أمر الله به سبحانه، قال تعالى:"فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى*وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا[٣] فمن أطاع ربّه يصحّ أن يطلق عليه هذا اللفظ. وغير السّوي هو من عصى الله وترك أوامره، كما أنّ الضلال والغواية مرض معنوي، يؤدي بالإنسان إلى الاعوجاج والهلاك.[٤][٥]

مشروعية تحقيق التوازن

نظرًا لما أسلفنا القول في أهمية التوازن والاعتدال وأثره في حياة الإنسان المسلم حتى يكون سويًا، وإسهامها في تحسين تكوين التربية السليمة بل وأثره الإيجابيّ في شتى المجالات، فإنّه حريٌّ بنا تأصيل مشروعية التوازن في الكتاب والسنّة، ونذكر بعضها تاليًا:[٦]

  • فمن الكتاب قوله تعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[٧] وقوله:"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا".[٨]
  • ومن السنّة، ما رُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"ألَا هلكَ الْمُتَنَطِّعونَ ألَا هلَكَ المتنطِّعونَ، ألَا هلكَ المتنطِّعونَ[٩] والمتنطع هو الذي يبالغ ويتعمق في كلامه، أو رأيه، أو فعله مما يعده عامة الناس خروجًا عن المألوف، كما أن التشدد في الأمور الدنيوية والدينية يعد من التنطع، ويدخل في هذا الحديث كل من شدد على نفسه في أي أمر كان فيه سعة.[١٠][١١]

أهمية التوازن في حياة المسلم والمجتمع

للتوازن آثار إيجابية تعود على حياة المسلم السّوي ومجتمعه، نذكر بعضها آتيًا:[٦]

  • إن في التوازن نجاة وسلامة في الدنيا والآخرة، فقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "لَنْ يُنَجِّيَ أحَدًا مِنكُم عَمَلُهُ، قالوا: ولا أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ برَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وقارِبُوا، واغْدُوا ورُوحُوا، وشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا".[١٢]
  • أنّ الثبات على الصّراط المستقيم لا يتحقق إلّا به، فحتى يكون الإنسان سويًا لا بدّ من أن يكون متوازنًا معتدلًا، فإنّ الميل عن الحق إفراطٌ وتفريط.
  • في التوازن نجاة من مهلكات النّفس والدّين، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وثَلاثٌ مُنْجِياتٌ، وثَلاثٌ كَفَّارَاتٌ، وثَلاثٌ دَرَجَاتٌ، فَأَمَّا المُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وهَوًى مُتَّبَعٌ، وإِعْجَابُ المَرْءِ بِنفسِهِ الحديثُ".[١٣]
  • تنعكس آثار التوازن على المجتمع بالإيجابية.

المراجع

  1. "معنى السّوي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2022.
  2. سورة مريم، آية:43
  3. سورة طه، آية:123-124
  4. "ما هو السوي وغير السوي وما معنى كل منهما؟"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2022. بتصرّف.
  5. "الفنان المسلم.. الإنسان الموهوب السوي"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2022. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، ارشيف منتدى الألوكة. بتصرّف.
  7. سورة القصص، آية:77
  8. سورة البقرة، آية:143
  9. رواه الألباني، في غاية المرام، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7.
  10. "شرح حديث ألا هلك المتنطعون"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2022. بتصرّف.
  11. "معنى تنطع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2022. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6463.
  13. رواه عبد الله بن عمر، في صحيح الترغيب، عن الألباني، الصفحة أو الرقم:2607.
5859 مشاهدة
للأعلى للسفل
×