محتويات
ما هو الاعتزاز بالإسلام؟
الاعتزاز صفة نابعة من كون المسلم محبًا لدينه، يعتنقه عن كامل قناعة وحجج وبراهين، لا من كونه تراثًا وتقليدًا أخذه عن والديه، ولا تكون هذه الصفة وهذه المزية عند من يتهافتون على متاع الدنيا وزينتها، فهي مزية من يشرون الحياة الدنيا بالأخرة، فيذوقون باعتزازهم بدينهم حلاوة الإيمان، ويترتب على اعتزاز المسلم بدينه عدة مقتضيات، من ذلك التضحية في سبيل هذا الدين، وتقديمه على كل أولوية.[١]
وخير وسيلة لبناء هذا المفهوم في النفس المسلمة، بأن تربّى فيها بدايةً على العقيدة الصحيحة، وأن يغرز فيها مفهوم التأدب مع الشريعة، والافتخار بما لهذه الامّة من تاريخ والتركيز على ما فيه من مواطن عبر واعتزاز، وسرد سير عظماء الأمة الإسلامية، فما برعوا وبرزوا في الإسلام، إلّا باتّخاذهم الإسلام مصدر عزّة وفخر.[٢]
ما هي مظاهر الاعتزاز بالإسلام؟
للعزة عدة مظاهر تتجلى بتطبيقها في حياة المسلم، كما يأتي:
- الاعتزاز بالله تعالى: فلله العزة جميعها، وتتجلى هنا العزة بيقينه بأنّ عزة الله تعالى هي مصدر عزّة المؤمن، وقوّته، ونصره،[٣] وبأن الالتزام بما أمر الله لا يورث إلّا فخرًا وعزًا من الله تعالى.[٤]
- الاعتزاز باعتناق الدين الإسلامي: فتنبع هنا العزة من اليقين بأن الإسلام دين عزة وقوة، فلا يخنع ولا يخضع تحت مبدأ التسامح والعفو، إذا ما عرض له موقف ينتقص من قيمة الإسلام والمسلمين.[٥]
- الاعتزاز بإظهار العزّة على الكفار، وإظهار التذلل للمؤمنين: وتكون هنا بأن يري المؤمن نفسه بأنّه قوي وعزيز بالله تعالى وبما يعتنقه من مبادئ ، مع مراعاة ألّا يتحوّل ذلك للتكبر، ومع الحرص بأن لا يشمل المؤمنين بهذا الأمر، فيتعامل معهم برفق ولين جانب وبسماحة الإسلام.[٦]
مواقف من اعتزاز الصحابة بالإسلام
جيل الصحابة هم أكثر جيل تتجلى فيهم صفة العزة، فنذكر من عزتهم بدينهم بعض الأمثلة، وهي ما يأتي:
موقف عمر بن الخطّاب عند خروجه إلى الشام
عندما خرج عمر بن الخطاب لبلاد الشام مع الصحابي أبو عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنهما، أتوا على مخاضة، وكان عمر على ناقته، فخلع عمر خفّه، ووضعها على كتفه، وأخذ بزمام ناقته، وقام بالسير على المخاضة، فتعجّب أبو عبيدة من فعل أمير المؤمنين، ولم يعجبه ما فعله خشية أن يراه أهل البلد، فما كان من عمر بن الخطاب إلّا أن أجاب بمقولته الشهيرة: "إنَّا كنَّا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العِزَّة بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله".[٧]
موقف أسامة بن زيد مع حلّة حكيم بن حزام
وذلك عندما أعطى حكيم بن حزام حلّة لذي يزن، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حينها كافرًا، فرفضها رسول الله كهدية، لرفضه الهدايا من الكفار، فقام بأخذها مقابل ثمن، وبعد حين من الوقت أعطاها رسول الله لأسامة بن زيد، فحين رآها حكيم استنكر متعجّبًا، بأنّه يلبس حلّة ذي يزن، فما كان من أسامة إلا بأن يجيب بأنه خير من ذي يزن وخير من أبيه، وهو هنا ظهرت عزته، ليس من كبر واستعلاء، إنما من افتخار بكونه على دين الحق.[٨]
موقف مفاوضة قبيلة غطفان للنبي
وذلك حين فاوضوا رسول الله في يوم الاحزاب على أن يعطيهم نصف ثمر المدينة المنورة مقابل انسحابهم من صف الأحزاب، فاستشار رسول الله أصحابه، فما كان منهم إلا أن رفضوا، فلا يأخذون من ثمر المدينة شيئًا إلا بثمن أو بضيافة منهم، وليس ذلًّا وخوفًا منهم.[٩]
المراجع
- ↑ محمد الحسن الددو الشنقيطي، دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ __، كتاب مع المعلمين، صفحة 129. بتصرّف.
- ↑ ابن هبيرة، كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح، صفحة 53. بتصرّف.
- ↑ عمر الخطيب، كتاب لمحات في الثقافة الإسلامية، صفحة 133. بتصرّف.
- ↑ علي بن عمر بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ أسعد حومد، أيسر التفاسير لأسعد حومد، صفحة 724. بتصرّف.
- ↑ صهيب عبدالجبار، الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 66. بتصرّف.
- ↑ الطبراني، المعجم الكبير للطبراني، صفحة 202. بتصرّف.
- ↑ زياد المشوخي، كتاب الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي، صفحة 127. بتصرّف.