التواصل في الإسلام
حث الإسلام على التواصل، والذي يعني في مدلوله: التفاعل الإيجابي بين طرفين، أو مجموعة أطراف باستعمال الحواس الخاصّة بالتواصل، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمعات والدول.[١]
وذلك بتوجيه الأخلاق الإسلامية للإحسان في العلاقات الاجتماعيّة، على مختلف الأصعدة لتحقيق معاني التواصل، يقول -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)،[٢] ففي هذه الآية الكريمة تذكير للناس بوحدة أصلهم؛ والذي يسهل عليهم التعارف والتواصل.[١]
مبادئ التواصل في الإسلام
إن التواصل في الإسلام يقوم على مبادئ وأسس عظيمة، انطلقت منها التشريعات الإسلامية في تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس، ومن هذه المبادئ ما يأتي:
- صلة الرحم
وهذا مبدأ عظيم وهام للتواصل بين الأقارب، والذي يمكن أن يكون بأساليب عدة؛ كالاطمئنان عليهم وزيارتهم -التواصل المباشر-، أو بمهاتفتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، أو بمساعدتهم وتقديم يد العون لهم.[٣]
- الحث على تبادل الزيارات
وذلك من خلال بيان فضل التزاور في الله؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فأرْصَدَ اللَّهُ له علَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عليه، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ).[٤][٥]
- الحث على زيارة المريض
والدعاء له بالشفاء، والسؤال عن حاله والتنفيس عنه، حيث جعل الإسلام عيادة المريض حقاً من حقوق المسلم على أخيه المسلم؛ فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ).[٦][٧]
- التحذير من الهجران والقطيعة بين المسلمين.[٥]
- الحث على حسن الجوار
وفي ذلك مظهر إيجابي لحسن التواصل السلوكي بين الجيران؛ فقد حث الإسلام على حق الجوار حتى لو كان الجار غير مسلم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ).[٨][٩]
- الحث على فض النزاعات بين المسلمين
وتفصيل خطوات الصلح بينهم في كتاب الله؛ وذلك في قوله -تعالى-: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)؛[١٠] فالآية تحرص على تماسك المجتمع المسلم، وتواصله مع بعضه البعض، كما تدعو إلى كل يوحد الصفوف، وينبذ الخلافات والتفرقة.[١١]
- الحث على تبادل الهدايا
فالهديَّة وسيلة عظيمة في التواصل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلّم-: (تهادوا تزدادوا خيرًا، وقال أبو بكرٍ حبًّا).[١٢][١٣]
- الزيارات المشروعة للموتى في قبورهم
فقد شرع الإسلام زيارة القبور، وردُّ السلام على أهلها؛ لما في ذلك من أثر عظيم للحي والميت على حدّ سواء.[١٤]
- التواصل بين المسلمين وغيرهم في الدولة الإسلامية
فقد ضمن الإسلام حقوقاً متعددة لأهل الذمَّة مثلاً، وحذر من الاعتداء عليهم.[١٥]
آثار التواصل في الإسلام
إنّ للتواصل الإيجابي في المجتمع المسلم، سواء كان ذلك داخلياً أو خارجياً، آثار عظيمة تطال الفرد والمجتمع على حد سواء، منها:
- كسب محبَّة الله ورضوانه.
- تحقيق الفرد لمصالحه الخاصّة؛ من خلال التواصل الإيجابي مع النَّاس.
- تماسك المجتمع وترابطه.
- انتشار المحبّة بين أبنائه.
- الإسهام في نشر الإسلام
من خلال معرفة النّاس لخلق المسلمين في تواصلهم الإيجابي مع غيرهم.
- التخفيف والمواساة
بين المسلمين بعضهم ببعض في أحوال معيّنة، ورفع معنوياتهم، والشدُّ من أزرهم؛ وذلك يتجلى في زيارات التعزيّة، والمرضى، وأهل الابتلاءات.
المراجع
- ^ أ ب ماجد رجب العبد سكر ، التواصل الاجتماعي رسالة ماجستير، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:13
- ↑ [محمد بن إبراهيم الحمد]، قطيعة الرحم: المظاهر الأسباب سبل العلاج، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2567، صحيح.
- ^ أ ب [عبد الرحمن بن صالح المحمود]، دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1240، صحيح.
- ↑ [محمد نصر الدين محمد عويضة]، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6016، صحيح.
- ↑ [بدر الدين الغزي]، آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجرات، آية:9
- ↑ [موسى شاهين لاشين]، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 151. بتصرّف.
- ↑ رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:80، له متابعة.
- ↑ [أمة الله بنت عبد المطلب]، رفقا بالقوارير نصائح للأزواج، صفحة 224-225. بتصرّف.
- ↑ [ابن باز]، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 324. بتصرّف.
- ↑ [سعيد حوى]، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 408. بتصرّف.