مفهوم الحد في الإسلام

الحدود

جاءت الشّريعة الإسلاميّة من أجل سعادة البشريّة جمعاء، ولحفظ المقاصد الشّرعيّة التي لا تستقيم حياة النّاس دون تحقيقها ورعايتها، ومنع الاعتداء عليها، ومن بين الأمور التي شرعها الله -سبحانه وتعالى-، وتضمّنتها شريعته الغرّاء؛ الحدود، فما هو معنى الحدّ لغةً واصطلاحاً؟ وما هي أهميّتها؟ وما هي حدود العقوبات في الإسلام؟، فيما يأتي بيان ذلك.

تعريف الحدود لغة

يُعرّف الحدّ لغةً بأنّه الشّيء الذي يفصل بين أمرين أو شيئين، وهو الحاجز الظّاهر البيّن الذي تدركه الأبصار، ويكون مانعاً من اختلاط الشّيء بالشّيء، ومن ذلك جاء مفهوم حدود الدّول والأقطار، فعندما تقول إنّ بين دولةٍ وأخرى حدوداً فهذا يعني الحواجز والفواصل التي تفصل كلّ بلدٍ عن الآخر.^[١]

وتتحدّد بناءً عليها الأراضي والمساحات التي تتبع كلّ دولة، وتكون تلك الحدود حرماً يُمنع الاعتداء عليه من قبل كلّ طرف.^[١]

تعريف الحدود في الاصطلاح

مفهوم الحدود في الإسلام يُطلق على ما شرعه الله -سبحانه وتعالى- من أحكامٍ منظّمة لحياة المسلمين، وما وضعه من حدود في العقوبات وغير ذلك، قال -تعالى-: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا)،^[٢] وقال أيضًا: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا).^[٣][٤]

أهميّة الحدود

لا شكّ بأنّ أهميّة الحدود في الشّريعة الإسلاميّة كبيرة؛ فما شرعها الله سبحانه وتعالى عبثاً حاشاه؛ بل هي أحكام أنزلها الله بعلمه وتقديره لما يصلح البشر، ويكون فيه خيرهم وسعادتهم في الدّنيا والآخرة، وفيما يأتي ذكر أهمية هذه الحدود:^[٥]

• في تطبيق الحدود ورعايتها تحقيق لمقاصد الشّرع

في حفظ النّسل، والعقل، والدّين، والمال، والنّفس؛ فحدّ الزّنا الذي جاءت به الآيات الكريمة يحفظ النّسل والأنساب من الاختلاط والعبث، وحدّ السّرقة يحفظ أموال النّاس وممتلكاتهم، ومنع الاعتداء عليها.

• توضّح للمسلمين ما لهم وما عليهم

من حقوقٍ وواجباتٍ ومسؤوليّات، وتُعتبر أمراً منظّماً لحياتهم، وتدفع عنهم شر البغي، والظّلم، والضّلالة؛ ففي مسائل الزّواج والطّلاق وضعت الشّريعة الإسلاميّة للمسلمين المنهج الواضح، والحدود التي تضمن حقوق كلّ طرفٍ، وتمنع الاعتداء عليها.

• تربية المسلمين ووقاية المجتمع من الجريمة

فالإسلام لم يرصد عقوبة دنيوية لكل انحراف أو معصية، بل إن هناك كثيراً من الانحرافات والمحرمات اكتفى الإسلام فيها بأن أنذر مرتكبيها بغضب الله وعقابه، فيكون المسلم على بينة في حال زاغ عن الطريق القويم.

• أنّها تجلب الخير والبركة والأمن للمسلمين.

الأعمال التي توجب الحدود

من بين الحدود التي وضعتها الشّريعة الإسلامية في مجال العقوبات حدّ الزّنا، والسّرقة، وقذف المحصنات الغافلات، وحدّ شرب الخمر، وهذه الحدود لا مَجال للشّفاعة فيها إذا ما وصل أمرها للحاكم؛ لقول النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-: (وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّدٍ سرقَت لقطعتُ يدها).^[٦][٧]

كما أن عقوبة الزنا تكون بالرجم أو الجلد، وعقوبة السرقة قطع اليد، وعقوبة الإفساد في الأرض المحاربة أو القتل، وكل ذلك حدده الشرع بالكيفية والعدد.^[٨]

المراجع

1. ^ ^{أ ب} [ابن منظور]، لسان العرب، صفحة 140. بتصرّف.
2. ↑ سورة البقرة، آية:237
3. ↑ سورة البقرة، آية:187
4. ↑ [مجموعة من المؤلفين]، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام، صفحة 292. بتصرّف.
5. ↑ [حسن أبو الأشبال الزهيري]، دروس الشيخ حسن أبو الأشبال، صفحة 2-4. بتصرّف.
6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6788، صحيح.
7. ↑ [عبد السلام بن محسن آل عيسى]، دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه، صفحة 946-952. بتصرّف.
8. ↑ [حسن أبو الأشبال الزهيري]، دروس الشيخ حسن أبو الأشبال، صفحة 6. بتصرّف.