مفهوم الدين لغة
جاءت لفظة الدِّين في اللّغة على عدة معاني، ومنها[١]:
- المجازاة، كما في قولهم: كَمَا تَدِينُ تُدان معناها كَمَا تُجازي تُجازَى، أَيّ تُجازَى بعملك وَبِحَسْبِ مَا عَمِلْتَ، ويوم الدّين هو يوم الجزاء، ومنه الدّين بمعنى الإسلام.[٢]
- الطاعة: إذ يأتي الدِّين بمعنى الطَّاعَةُ والِانْقِيَادِ، وَالذُّلِّ، والدِّينُ يأتي بمعنى الْعَادَةُ.[٣]
- التوحيد: إذ يأتي الدّين بمعنى التّوحيد، فقد قال الله -عز وجل-: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ).[٤]
- الحساب: كما في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)،[٥]ويأتي بمعنى الحُكمُ، فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (كَذلِكَ كِدنا لِيوسُفَ ما كانَ لِيَأخُذَ أَخاهُ في دينِ المَلِكِ)،[٦]ويأتي بمعنى المِلّة، قال -تعالى-: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ).[٧]
مفهوم الدين اصطلاحًا
تعدّدت تعاريف العلماء لمعنى الدّين اصطلاحاً، فقال البعض الدّين هو الشّرع الإلهي المُتلقّى عن طريق الوحيّ،[٨] وهو ما وضعه الله مما يسوق إلى الحق في المعتقد، والخير في السلوك، مما يؤدي إلى خيري الدنيا والآخرة[٩]، وهو القيام بطاعة الله ورسوله ويتمثل بالتقوى والبر والخلق الحسن[١٠].
يحتوي تعريف الدّين الإسلاميّ اصطلاحاً على أربعة عناصر أساسيّة[٩]:
- أولاً المصدر، وهو الله -عز وجل-، قال الله في كتابه العزيز: (الحَمدُ لِلَّـهِ الَّذي أَنزَلَ عَلى عَبدِهِ الكِتابَ وَلَم يَجعَل لَهُ عِوَجًا).[١١]
- ثانياً الوحيّ، وهو الذي يكون وساطة بين العبد وربه، قال الله -تعالى-: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا).[١٢]
- ثالثاً الموحى به، وهو المنهج أيّ القرآن الكريم، والسنّة الشريفة، قال -تعالى-: (كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا).[١٣]
- رابعاً الموحى إليه، وهم الأنبياء والرّسل جميعاً، قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ* وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّـهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).[١٤]
أهمية الدين
للدّين أهميّة كبيرة على حياة الأفراد والمجتمعات، نذكرها فيما يأتي:[١٠]
- الدّين ضروريّ في حياة الإنسان، فهو الطّريقة التي توصل للهداية والاستقامة، والابتعاد عن الاضّطراب النفسيّ والجزع، وهذا على المستوى الفردي، وأمّا على مستوى المجتمع فهو خير لانتشار العدل، والمساواة من خلال التّشريع، وحفظ النّاس من الشّهوات والزّلات.
- الدّين هو الرّكن الشديد، والملجأ للإنسان من هموم ومصاعب الحياة، فهو يبعث على الرّاحة، والطمأنينة، والسّعادة في نفس الإنسان، فقد قال -تعالى-: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ).[١٥]
- الدّين هو الطّريق الموصلة إلى الجنّة، كما وعدنا الله -سبحانه وتعالى- بذلك، قال -تعالى-: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).[١٦]
- المتَّبِع للدِّين الإسلاميّ يُجازى بمرافقة أفضل خلق الله -تعالى- في الحياة الآخرة، قال -تعالى-: (وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا).[١٧]
- إنّ اتّباع الدّين يهذّب نفس الإنسان فيتحكّم بنفسه فيزيد من الطّاعات، ويبتعد عمّا يغضب الله -تعالى- من أعمال واتّباع الشّهوات.
- المحافظة على الدّين تجعل للإنسان معنى لحياته فيفوز في رضا الله -تعالى- في الدّنيا والآخرة، فلا يُضيّع دنياه وآخرته، فالآخرة هي دار البقاء، فقد قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي).[١٨]
- إنّ النّفس البشريّة تبحث دائماً على اتّباع خالق، فهذا الشّعور ممّا فطر الله -سبحانه وتعالى- عباده عليه، فاتّباع الدّين يُغذّي هذا الشعور ويُرضيه.[١٩]
- الدّين هو الطّريقة التي تُوَطَّد علاقة المسلم بالله -سبحانه وتعالى-، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ* الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ* أُولـئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ).[٢٠][٢١]
- الدّين يُعمّق الرّوابط الاجتماعية سواء كان على نطاق الأسرة، أو المجتمع، أو العالم، كما يُعزّز المعاني الأخلاقيّة بين الأفراد، كالتعاون، والمساواة، والمحبة، ممّا يُعطي تأثيراً إيجابياً على مستوى الفرد، والأسرة، والمجتمع، والعالم أجمع.[٢٢]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (من 1404 - 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 265، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت - لبنان: دار صادر، صفحة 169، جزء 13. بتصرّف.
- ↑ ابن فارس (1979م)، مقاييس اللغة، دمشق - سوريا: دار الفكر، صفحة 319، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران ، آية: 19.
- ↑ سورة المطففين، آية: 11.
- ↑ سورة يوسف، آية: 76.
- ↑ سورة التوبة، آية: 33.
- ↑ سعود بن عبد العزيز الخلف (2004م)، دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية (الطبعة الرابعة)، الرياض - المملكة العربية السعودية: مكتبة أضواء السلف، صفحة 9-11. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الأديان والمذاهب، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 23-27، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 325-328، جزء 95. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 1.
- ↑ سورة النساء، آية: 163.
- ↑ سورة الشورى، آية: 7.
- ↑ سورة الشورى، آية: 51-53.
- ↑ سورة النحل، آية: 97.
- ↑ سورة النساء، آية: 124.
- ↑ سورة النساء، آية: 69.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2720، صحيح.
- ↑ محمد الزحيلي، وظيفة الدين في الحياة وحاجة الناس إليه، ليبيا: جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، صفحة 53. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2-4.
- ↑ محمد الزحيلي، وظيفة الدين في الحياة وحاجة الناس إليه، ليبيا: جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، صفحة 73. بتصرّف.
- ↑ محمد الزحيلي، وظيفة الدين في الحياة وحاجة الناس إليه، ليبيا: جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، صفحة 83-84. بتصرّف.