مفهوم السلام في الفلسفة الإسلامية

كتابة:
مفهوم السلام في الفلسفة الإسلامية

مفهوم السلام في الفلسفة الإسلامية

يعتبر السلام مبدأ من المبادئ التي اعتنى بها الإسلام عنايةً واضحةً وشاملة؛ فكلمة الإسلام بحد ذاتها تدل على السلام، فهو جزءً لا يتجزّأ منه ويدعو الإنسان المسلم للاتصاف به؛ حيث أنّ الإسلام والسلام يشتركان معًا في مادة "سلم"، والمقصود بمادة "سلم" في اللّغة؛ هي مادة تدعو إلى الخلاص والنجاة من الآفات، كما أن من مفاهيمها الصلح، وتدل على سكون القلب والطمأنينة والسكينة.[١]

ويتجلّى السلام بكونه مبدأٌ يكون فيه أصل العلاقات البشرية؛ فعندما يكون السلام عنصرًا مهمًا فيها فإنّه يساعدها على الثبات والنهوض، أمّا إذا ابتعد عنها أدّى بها إلى التصارع ودخول المشاكل فيها، فلا بد من إزالة هذه المشاكل والصراعات حتى تعود العلاقات كما كانت، ويتحقّق الأمن والطمأنينة فيها.[١]

وينبتُ في جوهر الإسلام ويرتكز في حقيقته على مفهوم السلام؛ فالدين الإسلامي هو دين سلام، وفي ضوء هذه النظرة المتكاملة تحقّق للإسلام مجموعة من الصفات؛ وهي المرونة والحيوية، وأصبح قادرًا على التوافق والتلاؤم مع كل زمان ومكان، ومع كل الظروف المحيطة بالحياة ومع كل تغيراتها.[٢]

مفهوم السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية

كان لمفهوم السلام في القرآن الكريم، والسنة النبوية معانٍ تزيد من أهمية هذا المبدأ في حياة الإنسان في الدنيا وفي الآخرة، ومن هذه المعاني ما يأتي:[٣]

  • قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٤] تبيّن الآية الكريمة أنّ الدين الذي بعثه الله -تعالى- وارتضاه لنا، جعل ركائزه تتمحور حول مفهوم السلام، فسمّاه بالإسلام.
  • قوله -تبارك وتعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)،[٥] توضّح الآية الكريمة أنّ السلام هو اسم من أسماء الله الحسنى التي اتّصف بها.
  • ذكرنا سابقًا أنّ السلام يبعث في مفهومه الطمأنينة والسكينة؛ فهو قرين الأمن بمفهومه ومعناه، والأمن والطمأنينة والسكينة هي مصطلحات قريبة بمصطلح الرحمة، فقد جاء الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- رحمةً وهدايةً للعالمين، كما قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).[٦]
  • جعل الله -تعالى- السلام مفتاح المعاملات بين الناس، حيث كانت بداية اللقاءات والاجتماعات والعلاقات مبدوءة في لفظة السلام، فتحية الإسلام تبدأ بالسلام "السلام عليكم".
  • وعد الله -تعالى- المؤمنين الذين استجابوا لِهَديه في الحياة الدنيا بأمرين، أولهم يتحقّق لهم الأمن والسلام في دنياهم وفي يوم القيامة يحظون بتحيةٍ من الله وهي السلام، وتحية من الملائكة الكرام.
  • سمّى الله الجنة التي وعدها لعباده المؤمنين بدار السلام، كما قال -تعالى-: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ).[٧]
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والَّذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم أفشوا السَّلامَ بينَكم).[٨]

مفهوم السلام وآثاره على المجتمع والعالم

للسلام آثار متعددة يحتاجها العالم، ومنها:[٩]

  • يعد السلام نظامًا يحفظ العالم والمجتمع من أي صراعات أو مشاكل تحدث فيه، وتعزز الاستقرار والأمن ويحفظ الخير في مجتمعاته.
  • يحث الإسلام على تطبيق مبدأ السلام في الدول الإسلامية والعربية؛ لأنّ في السلام حقنٌ للدماء والحفاظ على الأرواح، ونشر التسامح والعفو بين الناس.

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 1728. بتصرّف.
  2. د. ناهد الخراشي (18/2/2018)، "فلسفة السلام في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10/2/2022. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإلامي، صفحة 1728-1729. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية:3
  5. سورة الحشر، آية:34
  6. سورة الأنبياء، آية:107
  7. سورة الأنعام، آية:127
  8. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:57، خلاصة حكم الحديث صحيح.
  9. صالح بن حميد، دروس للشيخ صالح بن حميد، صفحة 2. بتصرّف.
3195 مشاهدة
للأعلى للسفل
×