مفهوم الشدة المستنصرية

كتابة:
مفهوم الشدة المستنصرية



مفهوم الشدّة المستنصرية

الشدّة المستنصرية مصطلح يدل على مجاعة حدثت في مصر، في زمن الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وحدثت المجاعة نتيجة جفاف مياه نهر النيل بمصر مدة سبع سنوات سميت بالسنوات العجاف، فعلى الرغم من أن مصر مرّت عليها صنوف من العذاب والشدائد والقسوة على مرّ التاريخ، إلا أن الشدة المستنصرية كانت الأبشع على مصر.[١]


أسباب الشدّة المستنصرية

كان السبب الرئيسي للشدة المستنصرية هو انخفاض منسوب المياه في نهر النيل، ثم تضافرت أسباب أخرى أدّت لتعقيد الأزمة وجعلها الأصعب على مصر على مر الزمان:[١][٢]

  • السبب الأول هو تدخل أم الخليفة المستنصر (السيدة رصد) بشكل كبير في شؤون الحكم، حتى أن منصب رئاسة الدولة كان يعطى حسب ما تريد هي وكذلك الوزارة، فكان الوزراء يتبدلون أحيانًا بشكل أسبوعي أو يومي، مما سبّب اضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر.
  • السبب الثاني هو محاربة الجنود لبعضهم، فتحالف الجنود الأتراك مع البربر وطردوا الجنود السودانيين من القاهرة إلى الصعيد، وفي الصعيد نشروا الفساد وأفسدوا نظام الري مما زاد من القحط.
  • السبب الثالث حدوث فتن بين العربان واختلاف الكلمة، حيث إن الأتراك غدروا بالبرب وطردوهم من القاهرة إلى وجه بحري وسيطروا على القاهرة ونهبوا قصور المستنصر وأسرته، فانقطعت أوصال البلاد وطرق التجارة ونقل البضائع مما أدى لحدوث المجاعة الكبرى.
  • السبب الرابع هو ضعف السلطنة واختلال أحوال المملكة.
  • استماع الخليفة إلى نصيحة كل من يقدم له النصيحة.


أحداث الشدّة المستنصرية

حدثت خلال الشدة المستنصرية العديد من القصص التي يصعب حتى تصديقها من هولها، وفيما يأتي أهم القصص التي حدثت عام 1065م وكانت روتها 1096م:[١]

  • مما يروى أن وزير البلاد لم يبق لديه إلا بغلًا واحدًا يركبه، وولّى حراسته لغلامه، إلا أن الغلام لشدة جوعه فرّط بالبغل وسرقه اللصوص الذين لم يستطع منعهم، فغضب الوزير غضبًا شديدًا وقبض على اللصوص فقام بشنقهم وتعليقهم على شجرة، وعندما استيقظ في الصباح لم يجد سوى عظامهم، فقيل إن الناس من شدة جوعهم أكلوا لحومهم.
  • وروي أيضًا أن بمصر كانت حارة تسمى حارة الطبق بمدينة الفسطاط، كان بها عشرون بيتاً كل بيت ثمنها ألف دينار، وباعوها كلّها مقابل طبق خبز، كل دار لها رغيف، ولهذا السبب سميت بحارة الطبق.
  • وصلت الأزمة إلى الخليفة نفسه، فخسر دوابه كلها وباع رخام قبور عائلته في سبيل الحصول على الطعام، ووصلت به الحال إلى أنه أصبح مدينًا بحياته لابنة أحد الفقهاء لأنها تصدقت عليه برغيفين يوميًا، وهكذا مات ثلث السكان وخسر الناس أغلى أملاكهم وعمت المجاعات.


انتهاء الشدّة المستنصرية

لم يعد المستنصر يحتمل ما حدث خاصة بعد أن خسر عدة بلدان ومدن كانت تحت حكمه، فدفعه هذه للاستغاثة بشخص يسمى بدر الدين بن عبد الله الجمالي عام 1573م، والذي عرف بالعدل ومد يد العون والمساعدة للدولة الفاطمية، فعيّن وزيرًا وجاء برجاله وفرض سيطرته بالقوة والسلاح بموافقة المستنصر، ثم عمل على إصلاح نظام الري وقنوات الري، واهتم بالزراعة وحارب الجند المتقاتلة وطردهم من مصر.[٢]


وجعل المحصول للفلاحين أول ثلاث سنوات، ثم بدأ بالجباية في السنة الرابعة، وهكذا أصلح الجمالي الوضع القائم في مصر وتراكمات الفساد والجوع على مر سنوات عديدة سابقة، ثم بحكمة من الله فاض نهر النيل من جديد وانزاحت الأزمة، فخلّد المصريون ذكر هذا الرجل فأطلقوا اسمه على حيّ من أشهر المناطق والأحياء في مصر فسمي حيّ الجمالية.[١]

وأدى انتشار الأمن والاستقرار في البلاد إلى تنشيط حركة التجارة، كما وقام الجمالي بتعمير البلاد فأعاد ترميم القاهرة وما تهدم فيها، وبنى بها ثلاثة أبواب تعد من أبرز آثار الفاطميين في مصر حتى الآن، وهي: باب الفتوح، باب النصر، باب زويلة، وهكذا عادت زمام الأمور إلى سابق عهدها بيد الجمالي.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "الأزمات الإقتصادية التي أصابت مصر في خلافة المستنصر بالله الفاطمي"، كلية التربية في الجامعة المستنصرية، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2022. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "حقوق الإنسان في مصر في العهد الفاطمي"، كلية الآداب في الجامعة الإسلامية في غزة، اطّلع عليه بتاريخ 30/3/2022. بتصرّف.
2809 مشاهدة
للأعلى للسفل
×