محتويات
مفهوم العنصرية في الإسلام
معنى العنصرية
العنصرية: هي تعصب المرء أو الجماعة لجنس معين،[١] فهي قائمة على ادِّعاء أنَّ بعض الأجناس والأعراق والسلالات البشرية أفضل من غيرها وأعلى مرتبة في إنسانيتها من غيرها بادِّعاء صفات تسوغ لهم هذا الادِّعاء وما يترتب عليه من سلوكيات عدائية أو إقصائية أو ازدرائية بسبب فوارق غير متصلة بإنسانية البشر.[٢]
والتعصب: هو رأي سلبي يتخذه الإنسان تجاه فئة من الناس باعتبار صفة خلقية فيهم، يؤدي به إلى التمييز والتحيَّز، ثم افتراض معاملة مختلفة وفق انتمائهم وصفاتهم، لا إنسانيتهم.[٣]
الإسلام رسالة ربانية عالمية
رسالة الإسلام رسالة عالمية ليست مقتصرة على أمة من الأمم أو عِرق أو جنس أو قوم، ولا حتى طبقة من طبقات المجتمعات الثقافية أو المتباينة في معرفتها واطلاعها، بل هي رسالة صالحة في أصولها العامة لكلِّ إنسان فيه العقل الفارق بينه وبين غيره من المخلوقات التي لم يهبها ربنا -سبحانه وتعالى- هذه النعمة التي تكرَّم بها ابن آدم ومن أجلها كان مكلَّفاً دون سواه.[٤]
لا تفاضل في الإسلام بين الناس غير التقوى
كل بني آدم متساوون في إنسانيتهم من غير تفضيل بينهم على أي أساس عنصري، فالتكليف قائم على أصل واحد يشترك فيه كل بني آدم العقلاء، وهو العقل، فكل إنسان عاقل فهو محل تشريف وتكريم ومحل تكليف وخطاب بأوامر ونواهٍ من رب العالمين.
ولا اعتبار لشيء غير ذلك في مقام التفاضل والرفعة بينهم، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).[٥][٦]
نداءات القرآن الكريم تترفع عن العنصرية
القرآن الكريم أصل الإسلام الأول والأسمى والأعلى، فهو خطاب رب العالمين لبني آدم أجمعين، من غير التفات إلى لون أو عرق أو منطقة أو سلالة، وذلك ظاهر في عدد من أنواع الخطاب القرآني الدال على ذلك، ومن هذه الخطابات ما يأتي:
- يا بني آدم
هذا النداء المتكرر في القرآن الكريم لا يسمعه أحد من هذا النوع الإنساني العاقل إلا ويعلم أنَّه مقصود مخاطب به، ولو تأملنا هذه النداءات الأربعة في القرآن الكريم لوجدناها متضمنة أصولاً عامة تضبط سلوك الإنسان مع ربه -سبحانه- في توحيده وتعظيمه وطاعته والتحذير من معصيته، وكيف يحذر من عدوه الملازم له إبليس، وعن المعاملات الأخلاقية الناظمة للعلاقات الكائنة بين بني آدم.
- يا أيها الناس
وهذا النداء كسابقه في الدلالة على ترَّفع الخطاب الرباني الكريم عن كل احتمالات التمييز العنصري الذي امتلأ به العالم على مر التاريخ، فكان هذا اللون من الخطاب صورة آخذة لعقول المنصفين من بني آدم إلى إدراك هذا المقام السامي المتعالي عن نقائص الاعتبارات العنصرية البشرية، فمن كان من الناس فإنَّ هذا النداء يعنيه ويقصده ويوجهه ويُبين له سبيل الحق من سبل الغواية.
- يا أيها الإنسان
خاطب الله -عز وجل- بهذا النداء الإنسانَ وناداه بإنسانيته فقط، ولو لم يكن في القرآن غير هذا النداء في الدلالة على الترفع عن التمييز بين إنسان وإنسان لكفى.
فهو بلفظ الإنسان هذا يرسم منهجاً ربانياً أصيلاً يقوم على اعتبار الإنسانية أصلاً يتساوى فيه من تحققت فيه هذه الصفة وحسب، وكل هذه النداءات كانت متصلة بالسلوك والعمل القلبي والجسدي لابن آدم، ولم تتضمن خطابَ تفريق عنصري ولم تشر إليه.
هل التفاضل بالتقوى عنصرية؟
ربُّنا الحكيم العليم -سبحانه- هو الذي شرع لنا ديناً يصلُ الدنيا بالآخرة، وبيَّن لنا أنَّ العمل الموصل إلى المصير بعد الموت هو المقام الذي يتفاضل فيه الناس وِفق سلوكهم في هذا الحياة.
فكلما كان الإنسان أكثر نفعاً والتزاماً بالخير والبر والإحسان مع الإيمان بالله واليوم الآخر، كان مقامه أعلى عند خالقه الحكيم -سبحانه-، وكان جزاؤه أسمى في الآخرة وأعظم، ولم يجعل -سبحانه- شيئاً من هذا التفاضل مبنياً على تمييز عنصريٍّ مطلقاً.
التمايز الخَلْقي في الإسلام آيات دالة على إبداع الخالق سبحانه
قال الله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ).[٧] هكذا جعل الله -سبحانه- هذه الفوارق علامات دالَّة عليه هادية أصحاب العلم والمعرفة إلى خالقهم العليم العظيم -سبحانه-.
وهذا بخلاف ما امتلأ به تاريخ البشرية من قبيح صنع بني آدم من قتل واضطهاد وقهر وفق تلك الفروقات التي اتخذها ظالمو بني آدم ذريعة لتمرير أحقادهم، نسأل الله العافية.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، المعجم الوسيط، صفحة 631.
- ↑ محمد مصلح عبابنة، العنصرية وعلاجها من منظور تربوي إسلامي، صفحة 10 -11. بتصرّف.
- ↑ محمد مصلح عبابنة، العنصرية وعلاجها من منظور تربوي إسلامي، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑ أحمد ديدات، الحل الإسلامي للمشكلة العنصرية، صفحة 23.
- ↑ سورة الحجرات، آية:13
- ↑ أحمد ديدات، الحل الإسلامي للمشكلة العنصرية، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ سورة الروم، آية:22