محتويات
مفهوم الغزو الثقافي
يُشير مفهوم الغزو الثقافي (بالإنجليزية: Cultural Invasion) إلى الجهود والممارسات التي يبذلها مجتمع مهيمن سياسيًا أو اقتصاديًا لفرض جوانب مختلفة من ثقافته الخاصة على مجتمع آخر غير مهيمن؛ مثل العادات والتقاليد، والدين، واللغة، والأعراف الاجتماعية، والأخلاقية، والجوانب الأخرى للأنظمة الاقتصادية والسياسية التي تُشكل المجتمع المهيمن.[١]
يُعد الغزو الثقافي أحد أشكال الإمبريالية (بالإنجليزية: Imperialism)؛ حيث أنّ الدولة المهيمنة تُوسّع بقوة سلطة ثقافة مجتمعها على الشعوب الأخرى بتحويل أو استبدال جوانب ثقافة المجتمع غير المهيمن باستخدام القوة العسكرية، والقانون، والتعليم، وغيرها.[١]
يُعد الغزو الثقافي أحد أهم الأدوات الأساسية للاستعمار؛ إذ يُمارس المُستعمِرين الغزو الثقافي بدافع إيمانهم بفوقية وأفضلية ثقافتهم، وبحجة تطهير المُستعمَرين من عاداتهم وأعرافهم غير المتحضرة بزعمهم، كما أنّ الغزو الثقافي من أفضل طرق التقليل من مقاومة المُستعمَرين بالقضاء قدر الإمكان على كل آثار ثقافتهم وكل ما يُعزز من مظاهر وحدتهم.[١]
تاريخ الغزو الثقافي
ارتبطت ممارسات الغزو الثقافي تاريخيًا بالتدخل أو الغزو العسكري، ومع أنّ مصطلح الغزو الثقافي لم يظهر ولم يُعرّف حتى الستينيات من القرن الحالي؛ إلّا أنّ ظاهرة الغزو الثقافي موجودة منذ زمن طويل، ويُمثّل انتشار الإمبراطورية الرومانية أقدم الأمثلة على الغزو الثقافي في تاريخ الحضارة الغربية، بجوانبه السلبية والإيجابية.[١]
خلال القرن الـ20، لم يعد الغزو الثقافي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالتدخل العسكري، أو بممارسة التأثير الاقتصادي والسياسي من البلد المهيمن القوي على البلدان الأقل قوة،[١]فقد يحدث الغزو الثقافي في التجارة الدولية، والتنمية الصناعية في الخارج، والاستثمار الأجنبي المفرط، وتقديم المساعدات الدولية للبلاد النامية،[٢] إذ تتبع الدول القوية اليوم سياساتها للغزو الثقافي باسم التحسين، ونشر الرعاية الصحية، والتعليم، وما إلى ذلك.[٣]
يُمكن أن يُعتبر خلق الطلب على السلع والخدمات التي تُنتجها دولة ما في أجزاء أخرى من العالم من خلال استخدام أساليب التسويق العدواني غزوًا ثقافيًا كذلك؛ إذ يُهدد استيراد الأفلام، والموسيقى، والملابس، والأطعمة من البلاد الأخرى باستبدال المنتجات المحلية، وتغيير سمات الثقافة المحلية بالتدريج، وقد حاولت بعض البلدان إحباط هذا التهديد الثقافي من خلال أنواع مختلفة من الإجراءات القانونية؛ مثل حظر بيع منتجات معينة.[١]
آثار الغزو الثقافي
تُعد آثار الغزو الثقافي خطيرة إلى حد كبير؛ إذ تغلب الثقافة الغازية على سلامة الثقافة المغزوة وتُدمرها؛ إذ يُحرم السكان من أراضيهم بحجة تخصيصها للتنمية الاقتصادية من قبل دولة ما، ويتعطل بذلك أسلوب حياتهم، ويفقدون استقلاليتهم، واحترامهم لذاتهم؛ ويقعون في براثن الفقر ويعانون من سوء التغذية والمرض، كما أنّ للغزو الثقافي آثار سلبية على التنوع الثقافي في المجتمع الواحد.[٢]
قد يُسبب الغزو الثقافي اعتماد لغة أجنبية كلغة إضافية محليًا، وقد تُقبل أيديولوجيات أخرى تُعارض أفكار وأيديولوجيات المجتمع المخلي، وذل قد يُصبح السكان معتمدين ثقافيًا على الواردات الأجنبية؛ وهذا كلّه من شأنه أن يُعيق تطورهم في الأدب، والعلوم، والتعليم، ووسائل الإعلام، والسلوك، واللغة، فضلًا عن إعاقة النمو الاقتصادي.[٤]
أهداف الغزو الثقافي
يهدف الغزو الثقافي بشكل أساسي إلى إضعاف الأسس الثقافية للأمة المغزوة؛ لجعلها تابعة، وبالتالي تسهيل السيطرة عليها لتُحقق الأمة الغازية أهدافها ومنافعها الخاصة،[٣] كما يهدف الغزو الثقافي إلى تمكين السلطة الاستعمارية من الحفاظ على سلطتها، وسيطرتها، وهيمنتها؛ فبفرض ثقافتها على المستعمَرين وزعمها بأنّها تملك المعرفة والعلوم الحديثة التي تُمكنها من بناء الدولة وتحسين أوضاعهم المعيشية؛ تُجبر السكان الأصليين على قبول السيطرة الاستعمارية دون احتجاج،أو مقاومة.[٥]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح "Cultural Imperialism", Britannica, Retrieved 26/4/2022. Edited.
- ^ أ ب "Cultural invasion", The Encyclopedia of World Problems and Human Potential, Retrieved 26/4/2022. Edited.
- ^ أ ب Alireza PANAHI, Cultural invasion and moral insecurity in thoughts of imam Khamenei, Page 3451. Edited.
- ↑ "Cultural imperialism", The Encyclopedia of World Problems and Human Potential, Retrieved 26/4/2022. Edited.
- ↑ Ali Madouni, The Cultural Invasion and Its Impact on Security Breakthroughs of the Nation, Page 850. Edited.