مفهوم الماء القمري
الماء القمري (بالإنجليزية: Lunar water)؛ هو الماء الذي يتوافر فوق سطح القمر، إذ يُعرف سطح الأرض بتواجد الماء عليه، ويتكاثف بفعل أشعة الشمس، عكس الماء على سطح القمر الذي يتلاشى بالفقدان السريع للهيدروجين عليه، مقارنةً بكوكب الأرض.[١]
في ضوء ما سبق، أثبتت دراسات وكالة الفضاء ناسا أن كميات المياه الموجودة على سطح القمر موجودةً بكميات متفاوتة، وفي مناطق مختلفة، كما تُشير الدراسات إلى أن العلاقة ما بين وجود المياه على سطح القمر ترتبط ارتباطًا وثيقًا بانخفاض درجة الحرارة، حيث إنّه كلما انخفضت درجة الحرارة، زادت كمية المياه المتوافرة فوق سطح القمر، مما يعني أنّها علاقة طردية.[٢]
مراحل اكتشاف الماء القمري
تتلخص أهم مراحل اكتشاف الماء القمري ما يأتي:
رصد ماريا على القمر (1645)
عندما نظر علماء الفلك الأوائل إلى القمر، صدمتهم البقع الكبيرة المظلمة على سطحه، وفي عام 1645، نشر عالم الفلك الهولندي مايكل فان لانغرين أول خريطة معروفة للقمر مشيرًا إلى البقع المظلمة باسم "ماريا"، وهي كلمة لاتينية تعني "البحار"، فتحدث في كتابته عن أنّ البقع المظللة هي محيطات موجودة على سطح القمر.[٢]
القمر الجاف (1892)
أجرى عالم الفلك الأمريكي ويليام بيكرينغ قياسات في أواخر القرن التاسع عشر قادته إلى استنتاج أنّ القمر ليس له غلاف جوي، وعليه اتفق العلماء بشكل عام على أنّ أيّ ماء على سطح القمر سوف يتبخر فورًا، وأدت قياسات بيكرينغ إلى رؤية واسعة الانتشار مفادها أنّ القمر خالٍ من الماء.[٢]
وجود مواد متطايرة على القمر (1961)
مع تقدم العلماء في فهم سلوك المواد المعرضة للتبخر في درجات حرارة منخفضة نسبيًا، سُميت المواد المتطايرة، نشر الفيزيائي النظري كينيث واتسون بحثًا في عام 1961 يصف فيه كيفية وجود مادة مثل الماء على القمر، وروج إلى فكرة أنّ الجليد المائي يُمكن أن يلتصق بقاع الفوهات على القمر التي لا تتلقى ضوءًا من الشمس أبدًا.[٢]
على الجانب الآخر إنّ المناطق المضاءة بنور الشمس على القمر ستكون ساخنةً جدًا، بحيث يتبخر الماء فورًا في حال وجوده، وتُسمى المناطق الخالية من الضوء على القمر "مناطق مظللة بشكل دائم".[٢]
عصر أبولو (1969-1972)
بدأ برنامج أبولو الذي يهدف إلى وصول البشر للقمر، مما أتاح للباحثين الفرصة للبحث مباشرةً عن علامات المياه على القمر، ولكن لم تكشف عينات التربة التي أحضرها رواد فضاء أبولو عن أيّ علامة على وجود الماء، وذهب العلماء إلى أنّ سطح القمر يجب أن يكون جافًا تمامًا، ولم يتم الحديث عن احتمالية وجود الماء هناك.[٢]
المياه المتجمدة المحتملة في الحفر المظللة (1994، 1998)
بدأت مهمة كليمنتين وهي مركبة فضائية تابعة لوكالة ناسا في عام 1994 للدوران حول القمر لمدة شهرين وجمع المعلومات حول معادنه، حيث أشارت بيانات كليمنتين إلى وجود جليد في منطقة مظللة بشكل دائم من القمر، وفي عام 1998 وُجدت أنّ أكبر تركيزات الهيدروجين موجودة في مناطق سطح القمر التي لا تتعرض أبدًا لأشعة الشمس.[٢]
أشارت النتائج إلى وجود جليد مائي عند القطبين القمريين، ولكن كانت الصور منخفضة الجودة والدقة؛ لذلك لم يتم التوصل إلى استنتاجات واضحة.[٢]
إعادة النظر في عينات أبولو (2008)
قام باحثون من جامعة براون بإعادة النظر في عينات أبولو، فوجدوا الهيدروجين داخل حبات صغيرة من الزجاج البركاني، وقدم الاكتشاف دليلًا على وجود الماء في القمر عندما اندلعت البراكين في الماضي، بالإضافة إلى أنّ الهيدروجين كأن أحد الأدلة على أصول المياه القمرية، وأشارت الدراسات بعدها إلى أنّ الماء كان جزءًا من القمر منذ بدايات وجوده، وربما منذ تشكله لأول مرة.[٢]
رصد المزيد من الحطام القمري (2009-2019)
تم إطلاق المركبة الفضائية لرصد الحفرة القمرية واستشعارها (LCROSS) والمركبة المدارية للاستطلاع القمري (LRO) معًا في عام 2009، وفي وقت لاحق من ذلك العام، أطلق (LCROSS) قذيفة في فوهة يُعتقد أنّها تحتوي على جليد مائي، وحلقت عبر الحطام من تأثير القذيفة.[٢]
كما أظهرت الملاحظات المجمعة حبيبات جليد الماء في المادة المقذوفة، وأضافت نتائج LRO وLCROSS إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على وجود الماء على القمر في شكل جليد داخل المناطق المظللة، ويُواصل LRO الدوران حول القمر وتقديم البيانات المستخدمة لتوصيف الموارد القمرية ورسم خرائط لها، بما في ذلك الهيدروجين.[٢]
تأكيد مياه القمر (2018-2020)
زودت البيانات المأخوذة من (Moon Mineralogy Mapper (M3))، التي يحملها Chandrayaan-1 من ISRO، العلماء بأول خريطة عالية الدقة للمعادن التي يتكون منها سطح القمر، حلقت أداة ناسا على متن مهمة Chandrayaan-1 الهندية في عام 2009، وكُشف لاحقًا في عام 2018 عن عدة مواقع مؤكدة من الجليد المائي في مناطق مظللة بشكل دائم من القمر.[٢]
في عام 2020 ، أعلنت وكالة ناسا عن اكتشاف الماء على سطح القمر المضاء بنور الشمس، إذ كشفت البيانات المأخوذة من المرصد الاستراتيجي لعلم الفلك بالأشعة تحت الحمراء (SOFIA) أنّه في فوهة كلافيوس، تُوجد المياه بتركيزات تُعادل تقريبًا زجاجة مياه سعة 12 أونصة داخل متر مكعب من التربة عبر سطح القمر.[٢]
كما أظهر الاكتشاف أنّه يُمكن أن تكون المياه عبر سطح القمر موزعةً، حتى في الأجزاء المضاءة بنور الشمس، وليس محصورة في المناطق الباردة والمظلمة.[٣]