محتويات
مفهوم المسؤولية في الإسلام
لمعرفة مفهوم المسؤولية لا بد من معرفة معنى هذه الكلمة لغة ثم الانتقال من القاعدة اللغوية، إلى المفهومية الاصطلاحية.
المسؤولية لغة
المسؤولية هي مصدر صناعي من الفعل "سأل" واسم الفاعل منها سائل واسم المفعول منها مسؤول، ومعنى سأل: طلبَ الخبر،[١] والسؤال معروف وله غايات متعددة وأغراض كثيرة منها طلب الفهم والخبر ومنها التوبيخ واللوم والعتاب ومنها التقرير ومنها الإنكار.
المسؤولية اصطلاحاً
لقد عُرفت المسؤولية بعدة تعريفات ولعل أبرز وأدق هذه التعريفات هو تعريف مقداد يالجن حيث يعرفها بقوله: "تحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العلمية من الناحية الإيجابية والسلبية أمام الله في الدرجة الأولى، وأمام ضميره في الدرجة الثانية، وأمام المجتمع في الدرجة الثالثة".[٢]
وقد جاء في تعريفها كذلك ما جاء في كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم بأن المسؤولية هي: "حالة يكون فيها الإنسان صالحاً للمؤاخذة على أعماله وملزماً بتبعاتها المختلفة".[٣]
الألفاظ ذات الصلة بالمسؤولية
هناك ألفاظ ذات صلة بالمسؤولية، ومنها ما يأتي:
- التكليف: وهو البلوغ والعقل، ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المسؤولية والتكليف الشرعي حيث إن المسؤولة منوطة بالتكليف فإن وجد التكليف وجدت المسؤولية وإلا فلا.
- الأهلية: وهي صلاحية الإنسان لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، فالمسؤولية لا تكون إلا على من امتلك الأهلية.
المسؤولية في القرآن الكريم
لقد صرح القرآن الكريم بالمسؤولية في كتابه الكريم في مواضع متعددة منها العام ومنها الخاص بأمر محدد ومن ذلك:
- قوله تعالى: (إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولـئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا)،[٤] وهي أصرح آية وأشدها وقعاً على النفس في بيان عظم مسؤولية الإنسان عن جميع تصرفاته السمعية والبصرية والعقلية.
- قوله تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)،[٥] والمقصود بالسؤال هنا هو السؤال يوم القيامة عن شهادتهم التي كتبت عليهم في صحائفهم في دنياهم.
- قوله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)،[٦] فالسؤال في هذه الآية سيكون عن النعيم الذي أنعمه الله تعالى على خلقه، وسيكون هذا السؤال يوم القيامة عن هذا النعيم: هل استعمله الإنسان في طاعة الله، وهل شكر الله عليه، وهل اكتسبه بطريق مشروع أم بطريق غير مشروع.
المسؤولية في السنة النبوية الشريفة
كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد صرح بالمسؤولية في كثير من حديثه صلى الله عليه وسلم وسنقتصر على ذكر حديث واحد لعله من أبر الأحاديث التي بينت أهمية مسؤولية الإنسان عما استرعاه الله فيه، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ).[٧]
والحديث صريح جداً في بيان مسؤولية الإنسان عما كلفه الله تعالى به وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأمثلة ليؤكد على أهمية المسؤولية على الجميع كل في موقعه، والأمير مسؤول عن رعيته أمام الله يوم القيامة وهو مسؤول يتحمل تبعات مسؤوليته.
وكذلك الأب رب الأسرة فإنه مسؤول أمام الله تعالى يوم القيامة عما استرعاه الله من زوجة وأولاد، وكذلك المرأة فهي مسؤولة، وقد ورد في روايات أخرى ذكر الخادم ليؤكد على أن الجميع مسؤول أمام الله تعالى.
المراجع
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، صفحة 319. بتصرّف.
- ↑ مقداد يالجن (1997)، التربية الأخلاقية الإسلامية (الطبعة 1)، القاهرة:الخانجي، صفحة 331.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 3401. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:36
- ↑ سورة الزخرف، آية:19
- ↑ سورة التكاثر، آية:8
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5200، صحيح.