مفهوم المسايرة

كتابة:
مفهوم المسايرة

أهمية المسايرة

تكمن أهمية المسايرة في تأثيرها على الفرد والمجتمع ككلّ، فعندما يساير الفرد شيئًا ما، فإنّه قد يركز على قبول بعض الممارسات التي يعدّها غير مقبولة، في حين أنّ لديه القدرة على فعل شيء حيال ذلك، وقد ناقش العلماء مفهوم المسايرة والتمييز بين المواقف المختلفة التي يُعدّ فيها الفرد متسايرًا مجتمعيًا، وكذلك مسائل أنّ الأفراد يمكن أن يكون لديهم أسباب مختلفة لاتخاذ القرار بالمسايرة مع ما يعدونه خطأً؛ فعلى هذا النحو يمكن للشخص أن يتغلب على إحساسه بالرفض المجتمعي، والسماح لبعض الممارسات المجتمعية، والتي لا يزال يعدّها مرفوضة، وذلك في سبيل تحقيق الاندماج الاجتماعي، فهو يقيد نفسه على الرغم من أنّ لديه اعتراضات جادة ضد الرأي، وعلى الرغم من أنّ هذا الأمر يميز الشخص المتساير مجتمعيًا عن أولئك الذين لا يسايرون ويرفضون أو الذين لا يهتمون، لكن هذا قد يعني أنّ الشخص المتساير يحجب معتقداته الحقيقية وقد لا يدافع عنها.[١]

مفهوم المسايرة

يُعرف مفهوم المسايرة بأنّه قبول الأشياء التي لا يوافق عليها المرء أو يعارضها أو يكرهها، ويمكن اعتبار مفهوم المسايرة من مفاهيم الفضيلة الحميدة، لأنّها تتعلق بقبول الاختلافات بين الفرد والآخرين، والتي يمكن أن يفضل الفرد أن يحاربها أو يتجاهلها أو يتغلب عليها، على الرغم من كونها مخالفة لمعتقدات الفرد وبنائه المعرفي وأسلوب التفكير الخاص به، وقد يكون مفهوم المسايرة الاجتماعية هو الأمر الوحيد الذي يقف بين التعايش السلمي والتعصب والصراع العنيف بين الجماعات؛ وهذا يجعل المسايرة موضوعًا ذو أهمية علمية وعملية كبيرة، وبالرغم من أنّ العلماء قد درسوا بشكل منهجي مفهوم المسايرة وموضوع التحامل والصراع الاجتماعي الوثيق الصلة بها لأكثر من نصف قرن، لكن العديد من الألغاز المفاهيمية والتجريبية لا تزال دون حل، وهذا قد يعكس الطبيعة المعقدة للمسايرة والمعضلات التي هي جوهر مفهوم المسايرة.[٢]

التأثير الاجتماعي المعلوماتي

إنّ أغلب الناس متحمسون لتحقيق أهدافهم بأكثر الطرق كفاءة وفعالية ممكنة، فعند مواجهة المعلومات، يحتاج الفرد إلى التفسير والرد بشكل صحيح؛ وخاصةً عند مواجهة محاولات كسب ثقة الآخرين والامتثال لهم؛ لأنّ السلوك غير الدقيق وغير الصحيح قد يؤدي إلى خسارة كبيرة، وامتثالًا مع ما يقال لهم، يحاول الناس عادة الحصول على تفسير دقيق لوضعهم حتى يتمكنوا من الاستجابة وفقًا لذلك التفسير.[٣]

وكثيرًا ما تتم مكافأة الأفراد على التصرف وفقًا لمعتقدات ومقترحات وأوامر شخصيات السلطة أو الأعراف الاجتماعية، ومن بين مصادر أخرى، يمكن اكتساب السلطة على أساس القوة المجتمعية والإعداد الذي يتوافق الأفراد معها، والحجم الاجتماعي، ومن المحتمل أن يمتثل الأفراد لأوامر شخصية أو مجموعاتية شخصية المرجع، أو أنّهم قد يعمدوا إلى تكرار الإجراءات التي تُعدّ صحيحة وفقًا للمعايير الاجتماعية؛ بسبب افتراض أنّ الفرد غير مدرك لبعض المعلومات المهمة، وغالبًا ما تحل الحاجة إلى الدقة محل وجهة نظر الفرد الشخصية.[٣]

التأثير الاجتماعي المعياري

الدافع الأساسي للإنسان هو الحاجة إلى الانتماء؛ وهي الحاجة إلى موافقة اجتماعية من خلال الحفاظ على علاقات اجتماعية ذات معنى، وهذه الحاجة تحفز الناس على الانخراط في سلوك من شأنه أن يحفز موافقة أقرانهم، ومن المرجح أن يقوم الأشخاص بمجموعة من السلوكيات لتنمية العلاقات مع الأفراد الذين يحبونهم ويرغبون في الحصول على موافقة منهم، ومن خلال الامتثال لطلبات الآخرين والالتزام بقواعد التبادل الاجتماعي؛ أيّ قاعدة المعاملة بالمثل، يلتزم الأفراد بالتأثير الاجتماعي المعياري ويحققون هدف الانتماء، ومثال على كلّ من التأثير الاجتماعي المعياري والمعلوماتي هو تجارب الخط التي قام بها آش سولومان.[٣]

تجربة آش سولومان

في تجربة الخط لآش سولومان، تم وضع 50 مشاركًا في مواقف غامضة منفصلة لتحديد مدى مسايرتهم، وقد كان هناك مشارك واحد في كلّ تجربة وكان كلّ أعضاء التجربة السبعة الآخرون مساعدين للباحث، وهم متفقون مع الباحث بشكل سري، ولم يفهم الأفراد الذين في موضع التجربة الهدف من الدراسة، وتم توجيههم لإنتاج استجابات تم اختيارها مسبقًا، وفي الغرفة المخصصة للتجربة، تم عرض صورة لثلاثة خطوط بأطوال مختلفة؛ وتم طرح أسئلة على كل مساعد باحث -على سبيل المثال؛ أيّ خط هو الأطول، أيّ خط يطابق الخط المرجعي- وردًا على تلك الاسئلة، قدّم مساعدي الباحث إجابات غير صحيحة إلى حد كبير، وقد كشفت النتائج أنّ بعض الأفراد -بنسبة 63%- قد تفاعلوا مع الأسئلة المطروحة باستجابات مسايرة مع آراء الآخرين، وقد فسروا ذلك بأنّهم شعروا براحة أكبر عند إجابتهم، وقناعتهم بأنّ رأي الغالبية قد يكون هو الرأي الأصح، بالرغم من عدم قناعتهم الكلية بهذا الرأي.[٤]  

المراجع

  1. Marjoka Van Doorn (2014), "The nature of tolerance and the social circumstances in which it emerges",  Current Sociology, Issue 62, Folder 6, Page 905-927. Edited.
  2. Bart Engelen, Thomas Nys (2008), "Tolerance: A Virtue? Towards a Broad and Descriptive Definition of Tolerance ", Philosophy in the Contemporary World, Issue 15, Folder 1, Page 44-46. Edited.
  3. ^ أ ب ت Robert Cialdini, Noah Goldstein (2004), "Social influence: Compliance and conformity", Annual Review of Psychology, Issue 55, Folder 1, Page 591. Edited.
  4. "Asch_conformity_experiments", en.wikipedia.org, Retrieved 15-2-2020. Edited.
5854 مشاهدة
للأعلى للسفل
×