مفهوم حرية المعتقد

كتابة:
مفهوم حرية المعتقد

الحرية

يمكن تعريف مصطلح الحرية على أنَّه حالة يستطيع الفرد فيها أن يختار ويقرّر ويفعل ما يريد بإرادته دون أي ضغوط خارجية أو داخلية، وقد ارتبط مفهوم الحرية بالاستقلال وحق تقرير المصير في العصر الحديث في كثير من بلدان أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا نتيجة فترة الاستعمار الطويلة التي سيطر فيها المستعمرون على هذه المناطق، وأمَّا في العالم الغربي فقد ارتبط مفهوم الحرية بالديمقراطية وبناء دولة المؤسسات التي يُفصل فيها بين السلطات، وفي هذا المقال سيتم تسليط الضوء على مفهوم حرية المعتقد وعلى مفهوم حرية المعتقد في الإسلام. [١]

مفهوم حرية المعتقد

بعد أن أُدرجت لمحة خاطفة عن معنى الحريَّة بشكل عامّ، سيدور الحديث حول مفهوم حرية المعتقد بشكل خاص والذي هو شكل من أشكال الحرية، فحرية المعتقد أو الحرية الدينية أو حرية العبادة، جميعها مصطلحات تدلُّ على مبدأ يدعم حرية فرد ما من المجتمع أو مجموعة من الأفراد في التعبير عن معتقداتهم وإظهار شعائرهم الدينية في الحياة العامة أو الحياة الخاصة ومهما كانت أديانهم وسواء ذلك عن طريق الممارسة أم الاحتفالات أو التعلم، ويشمل مفهوم حرية المعتقد أيضًا حرية تغيير الدين والانتقال من دينٍ إلى دين آخر أو عدم اعتناق أي دين من الأديان الموجودة على وجه الأرض.

وتعدّ الحرية الدينية وحرية المعتقد من أهمّ حقوق الإنسان الأساسية التي اندرجت تحت المادة الثامنة عشر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي اعتمِدَ في عام 1966م، وجاء في الفقرة الثالثة من المادة الثامنة عشر: "أنه لا يمكن للحرية المتعلقة بإظهار الدين أو القناعات أن تكون مقيدةً إلا بالقيود التي يضعها القانونُ، والتي هي ضروريَّة لحماية الأمن والنظام والصحة العامة أو لحماية الأخلاق والحريات والحقوق الأساسية للآخرين"، وبالتالي فإنَّ حرية المعتقد وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ترفض أيّ وصاية دينية أو سياسية تقيِّدُ من تلك الحرية، ولا تسمح بأيّ قيد أن يحدَّ من هذه الحرية والتي هي حقٌّ أساسي لكل البشر، ولكن هناك بعض القيود المتمثِّلة في حمايةِ أمن البلد والأنظمة والصحة العامة والأخلاق وحريات وحقوق الآخرين. [٢]

حرية المعتقد في الإسلام

تعدّ حرية المعتقد في الإسلام من الأمور الشائكة والتي أثارت كثيرًا من الجدل حولها في العصر الحديث، فالإسلام لا يقرُّ حرية العقيدة، ويرفضُ أن يكون الإنسان حرًّا في اختيار ما يشاء من الأديان والمعتقدات؛ لأنَّه يفرضُ على الناس العقيدة الصحيحة الصالحة ويأمرهم باتباعها، ويوجب على الناس أجمعين عقيدة التوحيد الخالصة لله تعالى وحده لا شريك له، فقد قال تعالى في محكم التنزيل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [٣]، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [٤]، لذلك فإن الدين الإسلامي والشريعة السمحاء لا تجيزُ حرية المعتقد بل توجب على الناس الدخول في الإسلام لأنَّ في ذلك نجاةٌ لهم في دنياهم وآخرتهم، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [٥]، وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" [٦].

فبيَّن -سبحانه وتعالى- وكذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وجوب العقيدة والالتزام بما أمر الله تعالى به، وهنا لا يوجد حرية للإنسان في أن يختار دينًا غير الإسلام، ولا يجوز له أن يعتنق ما حرمه الله تعالى ويترك ما أوجبه عليه، فحرية الفرد في الإسلام تقتصر على أخذ أو ترك الأمور المباحة والمستحبة وما سوى ذلك فهي فرائض يجب القيام بها ومحرمات يجب الابتعاد عنها، فالقول بحرية العقيدة في الإسلام خطأ جسيم، وما يؤكدُ أن الإنسان ليس حرًّا في اختيار دينه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من بدَّل دينه فاقتلوه" [٧]، والله تعالى أعلم. [٨][٩]

المراجع

  1. حرية, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 15-2-2019، بتصرف
  2. تهافت دعوى حرية الاعتقاد, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 15-2-2019، بتصرف
  3. {النساء: الآية 36}
  4. {الإسراء: الآية 23}
  5. {البينة: الآية 5}
  6. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث : البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 25، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  7. الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3017، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  8. هل الإسلام يقر حرية العقيدة؟, ، "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 15-2-2019، بتصرف
  9. مفهوم حرية الاعتقاد في الإسلام, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 15-2-2019، بتصرف
3948 مشاهدة
للأعلى للسفل
×