مفهوم حق التملك في الإسلام

كتابة:
مفهوم حق التملك في الإسلام


حق التملك في الإسلام

أقر الإسلام التملك، وعدَّه منالحقوق المشروعة للإنسان، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، العديد من الأدلة الشرعية التي تبين حق التملك، فقال -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)،[١] وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ).[٢]


وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنّه قال في خطبة حجة الوداع: (إنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا)،[٣] فقد بيّن العلماء أن معنى الآيات، والضمير المتصل في كلمة أموالهم، يشير إلى مشروعية التملك، لكن الملكية في التشريع الإسلامي ليست على الإطلاق، فهي مقيدة بضوابط تحددها الشريعة الإسلامية، فيها تحقيق للعدل، وتحقيق للمصالح العامة للفرد والأمة.[٤]


قيود الملكية في الإسلام

حددت الشريعة الإسلامية بعض الضوابط والقيود على ملكية الأفراد والجماعات لبعض الحالات؛ بهدف تحقيق المصالح أو درء المفاسد، أو غير ذلك، وهي كما يأتي:[٥]

  • أن لا تلحق الملكية الإضرار بالآخرين

وقسم العلماء الأضرار إلى أربعة أقسام، وهي: الضرر المؤكد الوقوع، والضرر غالب الوقوع، والضرر الكثير غير الغالب، والضرر القليل.


  • منع الملكية الخاصة في بعض الحالات

وهي على عدة أنواع، منها:

  • الأموال ذات النفع العام؛ كالمساجد والمدارس والطرقات وغيرها من المنافع العامة التي غايتها للجماعة.
  • النوع الثاني الأموال الموجودة بخلق الله -تعالى-؛ كالنفط والمعادن الخام والأحجار والماء وغير ذلك، فهذه الموارد ملك عام للدولة ينتفع بها الجميع، لأنه لم يوجدها البشر، وإنما هي مخلوقة من مخلوقات الله.
  • أما النوع الثالث فهي الأموال التي تعود للدولة ملكيتها من ساكنيها، أو تكون الدولة مسؤولة عنها؛ مثل بيت مال المسلمين.


  • حقوق الجماعة في ملكيات الأفراد

فللدولة والجماعة حقوق، يترتب على الأفراد القيام بها؛ مثل الزكاة.


طرق التملك في الإسلام

أقر الإسلام وسائل مشروعة، تمكن الأفراد والجماعات، من تملك الأشياء، وقسمها العلماء إلى وسائل تملك فردية وجماعية، وهي كما يأتي:[٦]

  • وسائل التملك الفردية
    • ومنها الأموال المملوكة: أي التي سبق تملّكها؛ وهي الأموال التي لا تخرج من ملك صاحبها إلى غيره، إلا بسبب شرعي، كالميراث، والوصية، والهبة، والشفعة، والعقد، وغير ذلك.
    • ومنها تملّك الأموال المباحة: وهي تملّك الأموال التي لم يسبق تملّكها، وتم اكتسابها بالوسائل المشروعة، مثل العمل، وإحياء الأرض الموات، واستخراج ما في الأرض من منافع.


  • وسائل التملّك الجماعية

ولها مظاهر كثيرة، ومنها: الموارد الطبيعية العامة، والموارد المحمية وهي التي تحميها الدولة للمنفعة العامة؛ مثل المرافق العامة، كالمعسكرات والمقابر، والمباني الحكومية، ومن المظاهر أيضًا، الموارد التي لم يتملكها أحد، والموارد التي تجنيها الدولة بسبب الجهاد، كالفيء والغنائم.


أنواع الملكية في الإسلام

  • الملكية الفردية

أقرّ الإسلام أن للفرد ملكية خاصة، لا يجوز للآخرين الاعتداء عليها، ويحق للفرد التملك واكتساب الأموال، ضمن الحدود التي أقرها الشرع، فلا يجوز مثلًا، تملك ما حرمه الله؛ مثل الخمر ولحم الخنزير والمخدرات، أو التملك بطرق غير مشروعة؛ مثل الربا والقمار أو السرقة والغش والاحتيال، وغير ذلك.[٧]


أما طرق التملك التي أحلها الشرع، فيجوز للفرد أن يتملك نتيجة جهده الشخصي؛ كالبيع والزراعة والتجارة والصناعة، والتعامل بالأمور المباحة، أو بجهد غير شخصي، مثل النفقة التي تأخذها الزوجة والأبناء وغيرها.[٧]


  • ملكية الدولة

وهي الأموال العامة، وتكون لكل المسلمين الموجودين، والذين سيأتون بعدهم، ويكون لهم حق فيها، وهي ما يرد إلى بيت مال المسلمين؛ والأنهار والبحار والأراضي التي لم يملكها أحد من الناس، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلمون شركاء في ثلاث، في الكلأ، والماء، والنار).[٨][٩]


الواجبات التي تنبثق عن حق التملك

بما أن الإسلام أقرّ للمسلمين حق التملك واكتساب الأموال، فإن هذا الحق يترتب عليه واجبات، يؤديها المسلم، ومنها ما يأتي:[١٠]

  • الزكاة

الزكاة هي ما أوجبه الشرع في أموال الأغنياء من المسلمين، لتؤدّى إلى الفقراء منهم، وهي تشريع إلزامي يجب على الأغنياء تنفيذه.


  • تأمين حاجيات الدفاع عن البلاد

عندما تكون الأمة في جهاد أو في حالة تقتضي عليها الدفاع عن نفسها، لمجابهة عدو أو غير ذلك؛ وتكون في حاجة للمال ولم يكن في خزينة الدولة ما يكفي لسد الحاجة؛ فيحق للدولة أن تفرض ضرائبًا في أموال الناس لدفع الخطر، وهذا من باب دفع الضرر وتحقيق المصالح العامة.


  • كفاية الفقراء

فللدولة أن تطالب الأغنياء بدعم الفقراء ومساعدتهم، على الوجه الذي تراه مناسبًا.


  • الإنفاق على الأقارب

يجب على الإنسان أن ينفق على أقاربه ويكفيهم إن كانوا محتاجين، كالآباء والأجداد والأبناء وفروعهم.


  • صدقات الفطر

وتجب صدقة الفطر على الرجل فيمن تلزمه نفقتهم، كزوجته وأبناءه والخدم.


  • النذور والكفارات

فيجب على المسلم إذا نذر، أو وجبت عليه كفارة، أن يتبرع لله بمال، بالمقادير التي حددها الشرع.


  • الأضاحي

المراجع

  1. سورة التوبة ، آية:103
  2. سورة المعارج ، آية:24
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1739 ، صحيح.
  4. عمر سليمان الأشقر (1994)، نحو ثقافة إسلامية أصيلة، الأردن:دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 307. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سوريا:دار الفكر، صفحة 584-587، جزء 6. بتصرّف.
  6. وزارة الأوقاف السعودية، القيم الإسلامية، صفحة 33. بتصرّف.
  7. ^ أ ب عمر سليمان الأشقر (1994)، نحو ثقافة إسلامية أصيلة (الطبعة 4)، الأردن:دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 307-309. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن رجل من المهاجرين، الصفحة أو الرقم:3477، صحيح.
  9. عمر سليمان الأشقر (1994)، نحو ثقافة إسلامية أصيلة (الطبعة 4)، الأردن:دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 309. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سوريا:دار الفكر، صفحة 588-591، جزء 6. بتصرّف.
3069 مشاهدة
للأعلى للسفل
×