مفهوم حق المسلم على المسلم

حق المسلم على المسلم

حرص الإسلام على قوة النسيج الذي يربط بين المسلمين، وذلك ضمن سلسلة من الآداب التي تنظِّم هذه العلاقة وتقوِّيها، وقد جعل الإسلام جملة من هذه الآداب مظهراً حضاريّاً لأسلوب تعامل المسلمين ببعضهم البعض.

امتدت هذه الآداب لتشمل عدة مظاهر وأنشطة في الحياة، وقد ورد ذكر هذه الحقوق في القرآن الكريم والسنة النبوية، وفيما يلي بيان بعضها على النحو الآتي:

حق المسلم على المسلم في القرآن الكريم

حثت الآيات الكريمة على إتيان المسلم بحق أخيه المسلم، وبينت الأثر المترتب على ذلك في بعض الآيات، فقد ورد في قوله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،^[١]وهنا ذكر الله -عز وجل- الأخوين لوجوب الإصلاح بين المسلمين، والسعي في طلب الصلاح، ليعطف الله عليهم ويعفو عنكم، وفي هذه الآية بيان إلى أن الإصلاح بين المسلمين من الحقوق الواجبة على بعضهم البعض.^[٢]

ومن الحقوق التي حث عليها القرآن الكريم إعانة المسلم لأخيه المسلم على كل خير وبر، ففي قوله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)،^[٣] أي: على المسلم أن يعين أخوه المسلم على متابعة الأمر، والتقوى على الإتيان به، وقيل إن البر هو الإسلام، والتقوى هي النسة النبيوية، وكذلك نهيه عن إتيان المعصية والعدوان، وقد يأتي الإثم بمعنى الكفر عند بعض المفسرين.^[٤]

حق المسلم على المسلم في السنة النبوية

حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على إعطاء الحقوق إلى أصحابها، وكان الأولى في إعطاء هذه الحقوق هو تأدية حقوق المسلمين بين بعضهم البعض، وقد وردت العديد من الأحاديث الدالة على ذلك، ومنها قوله- صلى الله عليه وسلم-: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ)،^[٥] وقيل إن المراد من حق المسلم على المسلم في هذا الحديث؛ هو وجوب الكفاية، أي: إن قام به البعض سقط عن الباقين.^[٦]

كما ورد الحديث في صيغة أخرى، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ سِتٌّ قيلَ: ما هُنَّ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه، وإذا دَعاكَ فأجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ له، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فشمته، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ)،^[٧] فقد ذكر الحديثان جملة من الحقوق لا بد على المسلم الالتزام بتأديتها قدر الإمكان وفيما يلي بيانها:^[٨]

• رد السلام، لأن فيه زيادة للمحبة والألفة.
• زيارة المرض، مما يدل على وقوف المسلم بجانب أخيه المسلم في المحن ومن باب التخفيف عنه ورفع معنوياته.
• إذا دعى المسلم أخاه المسلم على طعام أو شراب، فليجبر بخاطره ويكرمه بقبول الدعوة.
• في حال استشارك في شيء ما، عليك مساعدته وتقديم النصيحة له.
• إذا عطس وقال الحمد لله، فشمته وقل له (يهديكم الله ويصلح بالكم).^[٩]
• اتباع الجنائز، لأن فيه حقاً لله وحق للميت وحق لأقاربه الأحياء.

المراجع

1. ↑ سورة الحجرات، آية:10
2. ↑ منصور السمعاني (1997)، تفسير السمعاني (الطبعة 1)، الرياض:دار الوطن، صفحة 221، جزء 5. بتصرّف.
3. ↑ سورة المائدة ، آية:2
4. ↑ سراج الدين النعماني (1998)، اللباب في علوم الكتاب (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 187، جزء 7. بتصرّف.
5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:1240، صحيح .
6. ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، السعودية : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 323، جزء 59. بتصرّف.
7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2162، صحيح.
8. ↑ عبد الله آل جار الله (1418)، كمال الدين الإسلامي وحقيقته ومزاياه (الطبعة 1)، السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 76-80، جزء 2. بتصرّف.
9. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:3010، صحيح.