مقاصد الصيام

كتابة:
مقاصد الصيام

مقاصد العبادات

شرع الله العبادات لغايات معينة، فالله تعالى من أسماءه الحكيم، ولم يخلق شيئاً عبثا، ومن المقاصد ما ذكرها الله تعالى، ومنها ما لم يذكر مقصده، وقد اجتهد علماء الإسلام في معرفة مقاصد العبادات من قراءة النصوص الشرعية.[١]

مقاصد الصيام

للصيام مقاصد كثيرة تعود بالخير والفلاح على الصائم، ومن مقاصد الصيام ما يأتي:[١][٢]


تحقيق هدف وجود الإنسان في الكون

يحقّق الصيام هدف وجود الإنسان في الكون، وهو العبودية لله تعالى، ويكون ذلك بفعل ما تقتضيه العبودية من إتباع الأوامر، واجتناب النواهي، ففي الصيام امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى بترك الأكل والشرب، وفيه ضبط للنفس أيضاً وتطويعها على أوامر الله تعالى.


تحقيق التقوى

يعين الصوم الفرد على تحقيق التقوى، وهي أعلى مقاصد الصوم، فالمسلم الذي يترك ما يحب ويشتهي، لأجل مرضاة الله عنه، يحقّق بهذا الترك التقوى، وتتحقّق التقوى بشعور المسلم بأنّ الله يراقبه في كل خطواته، فإن همَّ بالأكل أو الشرب امتنع عن ذلك لتقوى الله في قلبه، وهنا يُشعر المسلم بقرب الله، وبأنه يحبه ويريد أن يقرّبه إليه، لذلك أمره بالصوم، وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[٣]، فيُستنج من ذلك أنّ الله واسى المسلمين بذكر حال الأمم السابقة الذين فرض عليهم الصيام كما فرضه على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يتعجّب المسلم من فرض الله الصيام، ولا يحدّث نفسه بأي شيء، وختم الآية ب (لعلكم تتقون)، وهو المقصد الأسمى من الصيام، وقد قال ابن القيم عن التقوى في زاد المعاد: "فهو لجام المتَّقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئاً، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُُّّذاتها إيثاراً لمحبَّة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه لا يطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم"، لذا يُعد الصوم التدريب العملي على ممارسة التقوى، فلو ضُرب الصائم لترك الصيام لا يفطر، لعلمه بكراهة الله لذلك، فالصائم يطيع الله في ترك ما يحب، وبفعل ذلك لمرضاة الله، ويجاهد نفسه وهواه، ويستطيع الصائم الإفطار عندما لا يراه الناس، لكن الأمر يكمن في أنّ خشية الله حاضرة في قلبه، وكل هذه الأمور تحقق التقوى.


تزكية النفس

يزكّي الصيام النفس من كل عيوبها، وأمراضها، وأخلاقها السيئة، ويبني حاجراً بينها وبين الهوى، ومما يساعد على تزكية النفس أنّ الشياطين مصدر الوسوسة تصفّد، وتحبس، فالصيام يكسر الشهوة، فالنفس مثلاً تهوى الطعام، والصيام يمنع ذلك، وهذا المنع هو التزكية، كما أنّ الصيام يحفظ الجوارح، لأنّ من صام هان عليه أمر الشهوات الأخرى، وأُغلق مجرى الشيطان في الشهوات، لذا أمر النبي من لم يستطع الزواج من الشباب أن يصوم؛ فإنه وقاية له من الوقوع في الحرام، وحبس للشهوات، إذاً فالمقصد من الصيام حفظ النفس عن الوقوع فيما حرمه الله، لأن النفس إذا شبعت تمنّت الشهوات، وإذا جاعت امتنعت عما تهوى.[٤]


وسيلة للشكر

يُعتبر الصيام وسيلة لشكر الله تعالى عليه، فإنّ الامتناع عن المباحات يُشعر الإنسان بأهميتها في حياته، وكيف أنّ أموره لا تستقيم إذا حُرم منها، فإنّ النعم إذا فُقدت عُرفت، فعندها يقوم المسلم بشكر الله، والمحافظة عليها، وعدم التبذير فيها، وعدم استخدامها فيما لا يرضاه الله.[٥]


  • تذكر المحرومين والمساكين، فإن الصائم إذا جرب الجوع والعطش، تذكر من حرم منها، أو من لا يتوفر له الطعام والشراب في كل وقت، فعندها يسارع المسلم لمد يد العون للآخرين، ويعطيهم وهو راغب في ذلك لا مكره عن طيب خاطر، فيتحقق من ذلك مبدأ التكافل الاجتماعي.
  • تذكر يوم القيامة وأهوالها، وما سيعانيه البشر، بسبب الحر والجوع والعطش.
  • فوائد صحية للبدن، وتنقية جسم الإنسان من السموم، وإراحة الجهاز الهضمي.
  • تعلم الصبر والتضحية، والصبر على هموم الحياة، ومجابهتها بنفس وإرادة قوية، والصبر والمصابرة في جميع الأمور.
  • التدريب على النظام واحترام والدقة في المواعيد.


العلاقة بين صوم الجوارح وصوم رمضان

صوم الجوارح هو حفظها، وإبعادها عن المحرمات وما لا يرضاه الله، فصوم العينين بحفظهما عن النظر المحرم، وصوم اللسان يحفظه عن الكذب، والغيبة، والنميمة والشتم والسب، وصوم السمع يحفظه عن سماع الكلام المحرّم والأغاني، وصوم رمضان يحقّق ذلك كلّه، فالصوم يضغف الجوارح، وبذلك يبعدها عمّا تهوى، ولأن الصوم يطهر ويزكي النفوس، فالصائم لا يأنس بمعصية الله، وفي ذلك صوم لجوراحه.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب "مقاصد الصيام "، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.
  2. نور الدين الخادمي، علم المقاصد الشرعية، صفحة 173. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:183
  4. "مقاصد الصيام"، رابطة العلماء السوريين، اطّلع عليه بتاريخ 25-1-2022. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، وبل الغمامة في شرح عمدة الفقه لابن قدامة، صفحة 116. بتصرّف.
  6. "صوم الجوارح"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2022. بتصرّف.
5231 مشاهدة
للأعلى للسفل
×