مقاصد سورة آل عمران

كتابة:
مقاصد سورة آل عمران


التعريف بسورة آل عمران

سورة آل عمران هي إحدى السور المدنية، التي نزلت بعد هجرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنورة، من السور الطّوال، وهي السورة الثالثة في ترتيب المصحف الشريف، وعدد آياتها مائتا آيةٍ، وهي من السور التي بدأت بالحروف المتقطعة "الم"، وموقعها في الجزء الرابع من أجزاء المصحف الشريف، ومن حيث الأحزاب؛ فهي في الحزب السادس والسابع والثامن، وقد نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال، ويدور محور مواضيعها حول العقيدة، وإقامة الحجج والبراهين على وحدانيّة الله عزّ وجلّ، والتشريع خاصَّةً فيما يتعلّق بأحكام الجهاد في سبيل الله، وسميت آل عمران بهذا الاسم؛ بسبب ذكر قصة آل عمران فيها، ومنها قوله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).[١][٢]


مقاصد سورة آل عمران

إنّ لسورة آل عمران مقاصد عديدةٌ وعظيمةٌ، تتجلّى في آياتها وما حملته هذه الآيات من معانٍ، ويمكن تقسيم مقاصد ومواضيع سورة آل عمران إلى محاورين، المحور الأول: يتحدّث عن أحكامٍ ومسائل عقديَّةٍ، أمّا المحور الثانية: فيتحدّث عن التشريع، وفيما يلي توضيحٌ لها.


المحور الأول: الأحكام والمسائل العقديَّة

يتضمّن هذا المحور من سورة آل عمران جملةً من المسائل المتعلّقة بالعقيدة، لعل أبرزها ما يلي:[٣][٤]

  • الإقرار بوحدانية الله -عز وجل- في ألوهيّته وربوبيّته وأسمائه وصفاته.
  • بيان أنّ مصدر جميع الديانات من عند الله عزّ وجلّ.
  • حذرت آيات سورة آل عمران أهل الكفر، وبينت مصيرهم يوم القيامة وهو النار.
  • بينت آيات سورة آل عمران أهمية دين الإسلام، وأن هذا الدين هو الحقّ الخالص.
  • أكدت آيات سورة آل عمران حتميّة الموت، حتّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فهو كغيره من الرسل والخلق، فقد قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ).[٥]


المحور الثاني: المسائل التشريعيّة

يتضمّن المحور الثاني لسورة آل عمران مسائل تشريعيَّةٍ، من أبرزها ما يلي:[٤]

  • التذكير بأنّ الخروج للجهاد ليس بالضرورة أن يكون سببًا للقتل أو الموت؛ فقد قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم: (يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ).[٦]
  • حذرت آيات سورة آل عمران من مشابهة أفعال وأقوال المنافقين في حثّهم على القعود عن الجهاد؛ فقد قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ).[٧]
  • وضّحت آيات سورة آل عمران أنّ الشهادة هي حياةٌ جديدةٌ، والمراد بالشهادة الجهاد في سبيل الله، فقد قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم عن الشهداء: (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).[٨]


فضل سورة آل عمران

وردت في السنّة النبويّة الشريفة عددٌ من الأحاديث التي تبيّن فضل سورة آل عمران، وآتيًا ذكرها:[٩]

  • تأتي سورة آل عمران يوم القيامة شفيعةً للمسلم؛ فقد روي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قوله: "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ".[١٠]
  • وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من حفظ وفهم أوّل سبع سورٍ في القرآن الكريم بأنّه حَبرٌ؛ أي عالمٌ، وسورة آل عمران إحدى هذه السور السبع؛ فقال: "من أخذ السبعَ الأُوَّلَ من القرآنِ فهو حَبْرٌ".[١١]


المناسبة بين سورة البقرة وآل عمران

تظهر علاقة سورة آل عمران بسورة البقرة أنّ كلتيهما افتتحتا بذكر القرآن الكريم، وكذلك بعض الأحكام ذُكرت مجملةً في سورة البقرة، ثمّ جاءت سورة آل عمران وذكرته بالتفصيل، ومثال ذلك في سورة البقرة قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)،[١٢] ثمّ بيّنت ذلك سورة آل عمران بقوله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ* مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ).[١٣][١٤]

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:35
  2. "سورة آل عِمْرِانَ 3/114"، المصحف الإلكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
  3. "سُورَةُ آل عِمْرانَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب د. أمين الدميري (29/9/2018)، " وقفات مع سورة آل عمران"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
  5. سورة آل عمران، آية:144
  6. سورة آل عمران، آية:154
  7. سورة آل عمران، آية:156
  8. سورة آل عمران، آية:169
  9. محمد بن فنخور العبدلي ، "في ظلال سورة آل عمران"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:804، حديث صحيح.
  11. رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2305، حديث حسن أو قريب منه.
  12. سورة البقرة، آية:4
  13. سورة آل عمران، آية:3-4
  14. إسلام ويب (6/10/2016)، " المناسبة بين سورتي البقرة وآل عمران "، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
2566 مشاهدة
للأعلى للسفل
×