محتويات
السور المكية في القرآن الكريم
يمكن أن يدلَّ مصطلح السور المكيَّة في القرآن الكريم على جميع السور التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن طريق الوحي جبريل -عليه السلام- في مكة المكرمة، أو كما عرَّفها بعضُ الفقهاء بأنَّها السور التي نزلت قبل هجرة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، ويبلغ عدد سور القرآن المكية 82 سورة متَّفقٌ عليها بين الفقهاء على أنها مكية ومنها سورة الانفطار، ومنها 12 سورة وقعَ خلاف عليها وباقي السور جميعها مدنية، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول سورة الانفطار ومقاصد سورة الانفطار وفضلها.[١]
سورة الانفطار
قبل أن يبدأ الحديث عن مقاصد سورة الانفطار بالتفصيل سيتمُّ سردُ نبذة تعريفيَّة حول سورة الانفطار، حيثُ تعدُّ سورة الانفطار من سور القرآن الكريم المكيَّة، وكما سبق فقد نزلت في مكة المكرمة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو نزلت قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، تقعُ سورة الانفطار في الحزب تسعةٍ وخمسين أي الحزب قبل الأخير في القرآن وفي الجزء الأخير وهو الجزء الثلاثون والذي يُسمَّى جزء عمَّ لمفتتح سورة النبأ التي تقع في أوله، ورقمُ ترتيب السورة في المصحف اثنان وثمانون بعدد من الآيات يبلغ تسعة عشرة آية، وقد أطلِقَ عليها سورة الانفطار لأنَّ الله تعالى وصفَ السماء بهذه الكلمة عندما قال في بداية السورة: {إذا السَّماءُ انفطَرتْ}،[٢]ويطلقُ عليها بعض الفقهاء من أهلِ العلم سورة انفطرت لنفسِ السبب.[٣]
مقاصد سورة الانفطار
يعدُّ وصف الأهوال المخيفة ليوم القيامة من أهمِّ مقاصد سورة الانفطار، حيثُ تبدأ السورة بذكر ما سيحدث في السموات والأرض من تقلُّبات وتبدُّلات بإذن الله تعالى، كما تصوِّرُ الأحداث الهائلة التي ستصيبُ ما في الكون من كواكب وما في الأرض من مكوِّنات، كأن تنشقَّ السماء وتتناثرُ كواكبها، وتتفجَّر بحار الأرض وتتبعثرُ قبور العباد، قال تعالى في بداية السورة: {إذَا السمَاءُ انفَطَرَتْ * وإِذَا الكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإذَا البِحَارُ فجِّرَتْ * وإِذَا القُبُورُ بُعثِرَتْ}،[٤]ومن مقاصد سورة الانفطار الإشارة إلى جحود وفجور الإنسان وإصرار على إنكار يوم الحساب.[٥]
ومن مقاصد سورة الانفطار أيضًا أنَّها تتحدث عن إنكار الإنسان لدين الله تعالى الذي أنزله على رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}،[٦]كما تبيِّنُ الآيات أن الله سيكتبُ على كل شخص أعماله تلك دون نقصان ودون زيادة عن طريق الملائكة الذين كلفهم الله بهذه المهمة، قال تعالى: {وإِنَّ عَليْكُمْ لحَافِظِينَ * كرَامًا كاتِبِينَ * يعْلَمُونَ ما تفْعلُونَ}،[٧]وأشارت آيات سورة الانفطار إلى مصير البشر يوم الحساب عندما ينقسمون إلى مؤمنين ينجيهم الله من عذاب أليمٍ وإلى كافرين سيخلدون في جهنَّم إلى الأبد، قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}،[٨]وفي آخر السورة تعظِّمُ الآيات يوم القيامة وتؤكدُ على أنَّ الحكم لله وحده لا شريك له، قال تعالى: {ومَا أدْرَاكَ مَا يومُ الدِّينِ * ثمَّ ما أدْرَاكَ مَا يَومُ الدينِ * يوْمَ لا تَملِكُ نفْسٌ لِنفْسٍ شيْئًا والأَمْرُ يومَئِذٍ للَّهِ}،[٩]ويؤكدُ أيضًا في مقاصد سورة الانفطار أنَّ النفعَ والضرَّ بيد الله تعالى أيضًا.[٥]
أهوال يوم القيامة في سورة الانفطار
بعد الحديث عن مقاصد سورة الانفطار بشيء من التفصيل سيُشار إلى بعض أهوال يوم القيامة التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة، فقد كان من أعظم مقاصدها الحديث عن تلك الأهوال التي ستشيب منها الولدان يوم القيامة، فقد أشارت سورة الانفطار للعديد من صور ذلك اليوم المشهود، قال تعالى: {إذَا السمَاءُ انفَطَرَتْ * وإِذَا الكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإذَا البِحَارُ فجِّرَتْ * وإِذَا القُبُورُ بُعثِرَتْ}،[٤]وتلك صورة مرعبةٌ ليوم القيامة، وفي الحديث أشار النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى أنَّ سورة الانفطار من السور التي تصوِّرُ ذلك اليوم رأيَ عين، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن سَرَّه أنْ يَنظرَ إلى يَومَ القيامةِ، كأنَّه رَأيُ عَينٍ، فلْيقرأْ "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"، و "إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ"، و "إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ"،[١٠]بالإضافة إلى سورة الانشقاق وسورة التكوير.[١١]
فضل سورة الانفطار
لا بدَّ في سياق الحديث عن سورة الانفطار أن يُشار إلى ما وردَ في السنة النبوية الشريفة من أحاديث تدلُّ على فضل السورة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يولي بعضَ السور أهميَّة بذكرها في أحاديث خاصَّة بها تؤكدُ فضلها بالإضافة إلى الفضل الذي يختصُّ به القرآن الكريم بجميع سوره الكريمة، فقد وردَ في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّه قال: قامَ معاذٌ فصلَّى العِشاءَ الآخرةَ فطوَّلَ، فقال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: أفتَّانٌ يا معاذُ؟، أفتَّانٌ يا معاذُ؟، أين كنتَ عن {سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، {وَالضُّحَى}، و{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}"[١٢]وهذا الحديث يدلُّ على فضل سورة الانفطار في قراءتها في الصلاة للتخفيف على الناس في صلاة الجماعة، ويعدُّ الحديث وصيةً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقراءتها أثناء الصلاة للإمام حتَّى لا يثقلَ على من خلفه من المصلِّين فقد يكون منهم المريض والشيخ الكبير وغيرهم، والله أعلم.[١١]
المراجع
- ↑ "الفرق بين السور المكية والسور المدنية والقرائن المميزة لكل منهما"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الانفطار، آية: 1.
- ↑ "سورة الانفطار"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الانفطار، آية: 1-4.
- ^ أ ب "تفسير سورة الانفطار للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019.
- ↑ سورة الانفطار، آية: 6-9.
- ↑ سورة الانفطار، آية: 10-12.
- ↑ سورة الانفطار، آية: 13-14.
- ↑ سورة الانفطار، آية: 17-19.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6293، صحيح.
- ^ أ ب "تفسير سورة الانفطار"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن كثير، في الأحكام الكبيرة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3/189، أصل هذا الحديث في صحيح البخاري.