محتويات
سورة التكاثر
سورة التكاثر سورة مكية، وكما هو معروف إنَّ السور تُقسم إلى مكية ومدنية، فالمكية هي التي نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، تعتبر سورة التكاثر من سور المفصَّل، يبلغ عدد آياتها ثماني آيات، وهي السورة الثانية بعد المئة في ترتيب سور القرآن الكريم، تقع سورة التكاثر في الجزء الثلاثين والحزب الستين، وقد أنزلها الله تعالى بعد سورة الكوثر، افتُتِحَتْ سورة التكاثر بفعل ماضٍ، قال تعالى في مطلع هذه السورة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[١]، وفيما يأتي من فقرات هذا المقال حديث عن مقاصد سورة التكاثر وأسباب نزولها وفضلها وتسميتها.
سبب نزول سورة التكاثر
أسباب نزول السور القرآنية مفاتيح لمقاصدها ومضامينها، لذلك لا بدَّ من الحديث عن سبب نزول سورة التكاثر في مقدمة الحديث عن مقاصد سورة التكاثر، وقد جاء في سبب نزول سورة التكاثر قول مقاتل بن سليمان والكلبي في نزول قول الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}[٢]: "نزلتْ في حيين من قريش: بنو عبد مناف وبنو سهم، كان بينهما لحا فتعاند السَّادة والأشراف أيهم أكثر، فقال بنو عبد مناف: نحن أكثر سيدًا وعزًّا عزيزًا وأعظمُ نفرًا، وقال بنو سهم مثل ذلك؛ فكثرهم بنو عبد مناف ثمَّ قالوا: نعدُّ موتانا حتَّى زاروا القبور فعدُّوا موتاهم فكثرهم بنو سهم لأنَّهم كانوا أكثر عددًا في الجاهلية"، وقال قتادة في سبب نزول سورة التكاثر: "نزلتْ في اليهود، قالوا: نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان ألهاهم ذلك حتَّى ماتوا ضلالًا"، وقيلَ أيضًا في سبب نزولها: "نزلتْ في قبيلتين من الأنصارِ في بني حارثة وبني الحارث، تفاخروا وتكاثروا فقالتْ إحداهما: فيكم مثل فلان وفلان، فقال الآخرونَ مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء ثمَّ قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلتْ أحد الطائفتين تقولُ: فيكم مثل فلان وفلان يشيرونُ إلى القبر، وتقولُ الأخرى مثل ذلك، فأنزل الله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}[٢]، والله تعالى أعلم.[٣]
مقاصد سورة التكاثر
بعد ما ورد من سبب نزول سورة التكاثر، جدير بالذكر إنَّ هذه السورة تعتبر من قصار السور فهي تتألف من ثماني آيات فقط، كما أنَّها من سور المفصل، وقد تناولت الآيات تذكير الناس باليوم الآخر وبالأشياء التي سيسأل عنها ابن آدم يوم الحساب، وفيما يأيت مقاصد سورة التكاثر وفقًا لترتيب آياتها:
- مقاصد سورة التكاثر من الآية 1 حتَّى 4: قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[٤]، يقول الحسن البصري في تفسير هذه الآيات: "هذا وَعِيدٌ بعد وعيد"؛ والمقصود من هذه الآيات هو أنَّ الناس شغلهم حب الدنيا والمال والبنون، حتَّى تخطفكم الموت في غفلة من أمركم، ثمَّ يأتي الوعد والوعيد الإلهي في الآية الثالثة والرابعة، والمقصودون بالوعيد هم الكفار، قال الضحاك في تفسير هاتين الآيتين: "كلا سوف تعلمون يعني الكفار"، والله تعالى أعلم.[٥]
- مقاصد سورة التكاثر من الآية 5 حتَّى 8: قال تعالى في سورة التكاثر: { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[٦]، أي لو تعلمون أيها الناس علم اليقين لما ألهتكم الحياة الدنيا عن طلب اليوم الآخر والعمل له والتجهيز لملاقاة الله فيه، ثمَّ يفسّر الله تعالى الوعيد المذكور في قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[٧]، أي سوف ترون الجحيم، والجحيم هو نار جهنم التي إذا زفرت زفرة خرَّت لها كلُّ تيجان ملوك الإنس والجن، وفي قوله: "{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[٨]، أي سوف تسألون عن نعيم الدنيا الذي أنعم به الله تعالى عليكم من رزق وصحة وعافية، فعلى الإنسان أن قابل النعيم بالشكر والحمد حتَّى يكون سؤاله هيِّنًا يوم القيامة، والله تعالى أعلم.[٩]
أحاديث عن سورة التكاثر
بعد ما جاء من مقاصد سورة التكاثر، جدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة وردتْ في بعض الأحاديث النبوية الصحيحة، وهذه الأحاديث تدلُّ وتظهر فضل هذه السورة العظيمة دون غيرها، مع ضرورة التنبيه على أنَّ كتاب الله -سبحانه وتعالى- كلُّه خير، فيما يأتي بعض هذه الأحاديث:
- عن عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- قال: "أَتَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وَهو يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[١]، قالَ: يقولُ ابنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، قالَ: وَهلْ لَكَ، يا ابْنَ آدَمَ مِن مَالِكَ إلَّا ما أَكَلْتَ فأفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فأبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ؟"[١٠].[١١]
- وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيًا مِن ذَهَبٍ أحَبَّ أنْ يَكونَ له وادِيانِ، ولَنْ يَمْلَأَ فاهُ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ، وقالَ لنا أبو الوَلِيدِ: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عن ثابِتٍ، عن أنَسٍ، عن أُبَيٍّ، قالَ: كُنَّا نَرَى هذا مِنَ القُرْآنِ، حتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ}[١]"[١٢].[١٣]
سبب تسمية سورة التكاثر
سُمِّيت سورة التكاثر بهذا الاسم نسبة إلى ورود كلمة التكاثر في مطلعها، قال تعالى في مطلع هذه السورة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[١]، وهذا السبب هو سبب تسمية أغلب سور الكتاب، كسورة الواقعة والقارعة والغاشية وسورة النبأ ويس وق وغر ذلك، والتكاثر في هذه الآية الكريمة لا يقتصر على الإنجاب والأولاد بل يشمل تكاثر المال والجاه والولد وغير ذلك من أمور الدنيا التي تلهي الإنسان عن التفكير في اليوم الآخر، قال تعالى في سورة الكهف: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}[١٤]، والله تعالى أعلم.[١٥]
المراجع
- ^ أ ب ت ث سورة التكاثر، آية: 1.
- ^ أ ب سورة التكاثر، آية: 1-2.
- ↑ "سورة التكاثر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التكاثر، آية: 1-4.
- ↑ "تأملات في سورة التكاثر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التكاثر، آية: 5-8.
- ↑ سورة التكاثر، آية: 3-4.
- ↑ سورة التكاثر، آية: 8.
- ↑ "تفسير سورة التكاثر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن الشخير، الصفحة أو الرقم: 2958، صحيح.
- ↑ "سورة التكاثر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6439، صحيح.
- ↑ "لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له ثانيا"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 34.
- ↑ "تأملات قصار السور: سورة التكاثر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-06-2019. بتصرّف.