محتويات
سورة التوبة
السورة رقم (9) في القرآن الكريم هي سورة براءة، وعدد آياتها (129) آية، تعد السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تخلو من البسملة، كما أنها تعد من آخر ما نزل من سور القرآن الكريم.[١]
المقاصد العامة في السورة
إنَّ من مقاصد السورة إدارة الدولة وبيان كيفية التعامل مع المجتمعات من الداخل والسياسية الخارجية، والتأسيس للبنيان الإسلامي على تقوى من الله ورضوانه، قال -تعالى-: (أَفَمَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى تَقوى مِنَ اللَّـهِ وَرِضوانٍ خَيرٌ أَم مَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ﴾،[٢] ونلخص ذلك بشكل موجز في الآتي:[٣]
- بيان الغاية من إرسال الرسول الخاتم: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ)،[٤] والتأسيس لفقه التمكين والجهاد وأن النصر من عند الله -عز وجل-: (لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّـهُ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ).[٥]
- وضع ميزان التفاضل في الأعمال: (أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَجاهَدَ في سَبيلِ اللَّـهِ لا يَستَوونَ عِندَ اللَّـهِ).[٦]
- شحذ الهمم للجهاد في سبيل الله: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّـهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ).[٧]
- ضبط المواقيت والتأريخ ووقف التلاعب بها، والانسجام مع الفطرة الكلية لطبيعة السنن الكونية التي وضعها الله -تعالى- وتحديد الأشهر التي يحرم فيها القتال: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ).[٨]
المقاصد الموضوعية في السورة
تنظيم الأحكام التشريعية مع غير المسلمين ومقاصد تنظيم العلاقة الخارجية والداخلية [٩]، والتأسيس لفقه العلاقات الدولية في ضوء التمكين الحضاري، هذا نبينه من خلال توضيح بعض الأساسيات والمرتكزات لفقه العزة؛ في الإطار العقائدي والسياسي، والاقتصادي والاجتماعي، وذلك كما يأتي:
الأطر العقائدية
- فضح طبيعة نوايا المشركين: (يريدونَ أَن يُطفِئوا نورَ اللَّـهِ بِأَفواهِهِم وَيَأبَى اللَّـهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ)[١٠]، (لا يَرقُبونَ في مُؤمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولـئِكَ هُمُ المُعتَدونَ).[١١]
- تحديد العلاقة مع المشركين، سواء في العلاقة السياسية، العلاقة الاجتماعية، العلاقة مع الأماكن الشعائرية (التعبدية): (إِنَّمَا المُشرِكونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرامَ بَعدَ عامِهِم هـذا).[١٢]
الأطر السياسية
بيان طبيعة العلاقات السياسية: السلم والحرب، وعقد المعاهدات،[١٣] والاستجارة واللجوء السياسي، وعمليات التحول من العقائدي (المؤمنين الجدد)، وكيفية بناء فقه التسامح الديني، وأطر المواطنة الواعية بناء على مرتكزات الولاء والبراء.
الأطر الاقتصادية
تحديد الاستحقاقات الاقتصادية سواء أكانت الخارجية كموجبات الجزية: (حَتّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صاغِرونَ)،[١٤] أم الداخلية الزكاة ومصارفها (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)،[١٥] وحقوق توزيع الصدقة، وإنفاق الموارد على مستحقيها، قال -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ).[١٦]
إدارة العلاقة مع المجتمع المدني من الداخل
- أخلاقيات المسؤول في التعامل مع قضايا الشأن العام، وذلك كما يأتي:[١٧]
- أدبيات الرفق والترفق بالمجتمع من جهة، والوعي بالمكائد وطبيعة المتربصين من جهة أخرى، سواء أكانت داخلية أم خارجية.
- القدرة على قراءة الحالة الاجتماعية والاقتصادية، والأسباب الحقيقية للتخلف عن الجهاد والتضحية.
- تقدير الموقف بشكل متوازن بحيث يستطيع تحديد (المعذور)، والمتباطئ المسوف المتكاسل (المتخلف)، وكشف المتربص (المنافق المتخاذل)، وكيفيات التعامل مع كل فئة.
- أدبيات الرفق والترفق بالمجتمع من جهة، والوعي بالمكائد وطبيعة المتربصين من جهة أخرى، سواء أكانت داخلية أم خارجية.
كما يتوجب معرفة الحقائق والمقاصد من إنشاء المؤسسات على قاعدة الولاء والبراء لله والرسول، وليس النظر إلى ظاهرها -فقط-: (وَالَّذينَ اتَّخَذوا مَسجِدًا ضِرارًا وَكُفرًا وَتَفريقًا بَينَ المُؤمِنينَ وَإِرصادًا لِمَن حارَبَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ مِن قَبلُ وَلَيَحلِفُنَّ إِن أَرَدنا إِلَّا الحُسنى وَاللَّـهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ).[١٨]
- التأكيد على واجبات المؤمنين تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم
البيعة والولاء لله ولرسوله والبراء من الكفار: (قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ).[١٩]
- توضيح صفات المنافقين
تبين السورة صفات المنافقين وخطورة هذه الفئة في المجتمع، "بل هي الفاضحة"،[٢٠] لصفاتهم وحقائقهم، وقد نبأت عنهم السورة بشكل واضح وصريح (يَعتَذِرونَ إِلَيكُم إِذا رَجَعتُم إِلَيهِم قُل لا تَعتَذِروا لَن نُؤمِنَ لَكُم قَد نَبَّأَنَا اللَّـهُ مِن أَخبارِكُم وَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ ثُمَّ تُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ).[٢١]
- بيان طبيعة العلاقة مع المجتمع المحيط التابع للدولة
(وَمِمَّن حَولَكُم مِنَ الأَعرابِ مُنافِقونَ وَمِن أَهلِ المَدينَةِ مَرَدوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدّونَ إِلى عَذابٍ عَظيمٍ).[٢٢]
المراجع
- ↑ محمود توفيق محمد سعد، الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن، صفحة 170.
- ↑ سورة التوبة، آية:109
- ↑ دون كاتب، "قطوف من تفسير سورة التوبة (من أيسر التفاسير للجزائرى)"، هنا المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2022.
- ↑ سورة التوبة، آية:33
- ↑ سورة التوبة، آية:25
- ↑ سورة التوبة، آية:19
- ↑ سورة التوبة، آية:38
- ↑ سورة التوبة، آية:36
- ↑ حسن عبد الله الخطيب، أهداف ومقاصد موضوعات سورة التوبة، صفحة 8.
- ↑ سورة التوبة، آية:32
- ↑ سورة التوبة، آية:10
- ↑ سورة التوبة، آية:28
- ↑ حسن عبد الله الخطيب، أهداف ومقاصد سورة التوبة، صفحة 47.
- ↑ سورة التوبة، آية:29
- ↑ سورة التوبة، آية:103
- ↑ سورة التوبة، آية:60
- ↑ حسن عبد الله الخطيب، أهداف ومقاصد موضوعات سورة التوبة، صفحة 13.
- ↑ سورة التوبة، آية:107
- ↑ سورة التوبة، آية:24
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعيد بن جبير ، الصفحة أو الرقم:3031.
- ↑ سورة التوبة، آية:90
- ↑ سورة التوبة، آية:101